وسط حرب مستمرة على قطاع غزة بلغت مستويات غير مسبوقة من التدمير الإنساني والعمراني، يتزاحم الفاعلون الدوليون والإقليميون لطرح مبادرات تحمل عنوان “اليوم التالي”.
أحدث هذه المبادرات ما كشفته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن تفاصيل خطة جديدة وضعها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، بالتنسيق مع أطراف أمريكية وإسرائيلية.
الخطة لا تقف عند حد وقف الحرب فحسب، بل تتجاوز ذلك إلى رسم تصور لإدارة القطاع في مرحلة ما بعد حماس، عبر ترتيبات أمنية وسياسية واقتصادية معقدة.
وبينما تُطرح خطة بلير كخطوة نحو الاستقرار وإعادة الإعمار، أثارت جدلاً واسعاً على الساحة الفلسطينية والعربية، خصوصاً مع ما تحمله من شروط وإشارات غامضة.
وبحسب “تايمز أوف إسرائيل”، تقوم خطة بلير على تشكيل هيئة مؤقتة لإدارة غزة، مدعومة بقوات دولية ومحلية متعددة الجنسيات بتفويض من مجلس الأمن الدولي هذه الهيئة ستكون مسؤولة عن الملفات الإنسانية، وإعادة الإعمار، والأمن، على أن تعمل بتنسيق مباشر مع السلطة الفلسطينية.
كما تنص الخطة على ضرورة إصلاح السلطة الفلسطينية بالتعاون مع الشركاء الدوليين والعرب، على أن تُنقل إدارة القطاع إلى السلطة تدريجيًا خلال بضع سنوات، وفقًا لمدى التقدم في الإصلاحات المطلوبة.
وتشمل البنود أيضًا إنشاء قوة شرطة مدنية في غزة مكوّنة من عناصر مجندين وغير حزبيين، فيما تتولى قوة أمنية متعددة الجنسيات ضمان الاستقرار على الحدود ومنع عودة الجماعات المسلحة.
الخطة شددت على أنها لا تهدف إلى تهجير السكان أو مصادرة ممتلكاتهم، بل إلى ضمان حقهم في العودة والحفاظ على ممتلكاتهم. ورغم ذلك، يبقى غياب بند واضح حول الانسحاب الإسرائيلي من القطاع أحد أبرز الثغرات التي لفت إليها المنتقدون.
تضع خطة بلير نفسها كخريطة طريق لليوم التالي في غزة، لكنها تُواجه بجملة من التحديات البنيوية: غياب الانسحاب الإسرائيلي، اشتراطات إصلاح السلطة الفلسطينية، طابعها الدولي الضبابي، وتحويل الإعمار إلى مشروع استثماري بدل أن يكون التزاماً على المحتل.
بالنسبة للقيادة الفلسطينية فإن الثقة تظل معلقة بالخطة العربية-الإسلامية التي نوقشت في القاهرة، لا بمبادرات غامضة تأتي عبر الإعلام الإسرائيلي. وفي ظل واقع ميداني ينذر بالمزيد من الدم والدمار، يبقى السؤال مفتوحاً: هل يمكن لأي خطة أن تُطبق من دون اعتراف صريح بمسؤولية الاحتلال وانسحابه من غزة ؟

