في قلب العاصمة عمان، يقف متحف مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني شاهدا حيا على رحلة الإعلام في المملكة منذ بداياته، رحلة بدأت بفكرة بسيطة لتأسيس إذاعة أردنية، تحولت عبر السنين إلى صرح إعلامي يروي قصص المملكة ويصل صوته إلى الملايين، و المتحف ليس مجرد عرض للأجهزة القديمة، بل هو تجربة حسية تأخذ الزائر عبر الزمن، لتعيش لحظات تاريخية بكل تفاصيلها.
بدأت الإذاعة الأردنية في رام الله في 15 مايو 1948 باسم “إذاعة القدس”، ثم أصبح اسمها “الإذاعة الأردنية الهاشمية من القدس” في الأول من سبتمبر 1948،و بعد توحيد ضفتي نهر الأردن في 24 أبريل 1950 أُطلق عليها اسم “إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية”، ببث يومي لمدة 13 ساعة على الموجة المتوسطة 677 كيلو هيرتز.
وفي الأول من أكتوبر 1956، افتتح الملك الحسين محطة ثانية للإذاعة في جبل الحسين بعمان، وبدأ البث ساعة صباحا وساعتين مساء على الموجة المتوسطة 1449 كيلو هيرتز والموجة القصيرة 721 كيلو هيرتز، ثم أضيفت موجة قصيرة ثانية وارتفع البث اليومي إلى 11 ساعة.
وفي الأول من مارس 1959، افتتح الملك الحسين الموقع الحالي للإذاعة بعمان، مع أربع استوديوهات ومحطة إرسال في منطقة ناعور، لتصبح الإذاعة الأردنية تبث 20 ساعة يوميا، وفي 23 اغسطس 1959، افتتح الملك استوديوهات إضافية في القدس، ليصبح للبث برامج عامة باللغة العربية إلى العالم العربي من عمان والقدس، وبرامج باللغة الإنجليزية، وأخرى باللغة الإسبانية موجهة إلى أمريكا الجنوبية.
بدأت فكرة التلفزيون الأردني في عام 1964، وفي 17 مايو 1965 اتخذ مجلس الوزراء القرار الرسمي بإنشاء المحطة التلفزيونية، وفي الأول من مارس 1966، نشر إعلان دولي للعطاء بمواصفات فنية دقيقة، حيث تقدمت 16 شركة من هولندا، اليابان، إيطاليا، الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، النمسا وفرنسا.
وفي يونيو 1966، أُحيلت العقود وتم توقيعها مع خمس شركات دولية لتنفيذ المشروع، كما أقر مجلس الأمة القانون المؤقت لمؤسسة التلفزيون الأردني، وفي 11 يوليو1966، وضع الملك الحسين حجر الأساس لمبنى التلفزيون الجديد، وتم تدريب الموظفين في عدة دول مثل الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، ألمانيا، فرنسا، بالإضافة إلى إرسال فريق تدريبي إلى التلفزيون اللبناني.
وفي فبراير 1968، أُطلقت حملة إعلامية بالتعاون بين الإذاعة الأردنية والصحف المحلية للترويج للبث التجريبي، وفي الساعة السابعة من مساء يوم السبت 17 فبراير
1968، ظهر على الشاشة عبارة “التلفزيون الأردني قناة 3 من عمان”، لتبدأ أولى خطوات التلفزيون الأردني على أرض الواقع.
وافتتح الملك الحسين المحطة رسميا في 27 ابريل 1968 بكلمة مؤثرة قال فيها “إنه من دواعي مسرتي وغبطتي أن أتحدث إليكم في هذه اللحظات التي ينطلق فيها التلفزيون الأردني ليكون منارة جديدة للحق والهدى وينبوعا ثريا للفكر والعرفان.
يضم المتحف مجموعة واسعة من الأجهزة والمستلزمات التاريخية التي كانت جزءا من مسيرة الإذاعة والتلفزيون الأردني، ويعرض الشراكات المحلية والدولية المؤثرة مع جهات مثل اتحاد إذاعات الدول العربية والأوروبية والآسيوية وشرق البحر المتوسط.
كما يوفر المتحف تجربة تفاعلية للزوار ،حيث يمكن للزائر استكشاف الأجهزة القديمة ومعرفة كيفية تطور البث من الموجة المحدودة إلى التلفزيون الرقمي الحديث،وذلك في تجربة تجمع بين التعلم والمتعة، وتتيح للطلاب والجمهور رؤية التطور الإعلامي بشكل ملموس.
زيارة متحف التلفزيون الأردني هي أكثر من مجرد رحلة في الزمن، إنها تجربة تعليمية وترفيهية تكشف كيف صاغ الإعلام الأردني ذاكرة الأمة، من البث الإذاعي البسيط إلى الشاشة التلفزيونية التي أصبحت جزءا من حياتنا اليومية، مع القدرة على مواجهة تحديات العصر الرقمي وتقديم محتوى هادف ومؤثر.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)

