يظل تنفيذ قرار حصر السلاح بيد الدولة التحدى الأكبر الذى يواجهه لبنان، حيث بدأ العد التنازلى لموعد انعقاد جلسة مجلس الوزراء المقررة فى نهاية أغسطس الجارى والتى سيتم خلالها طرح الآلية التى أعدها الجيش اللبنانى لتنفيذ خطة حصر السلاح، أن الخطة ستسلمها قيادة الجيش إلى الحكومة بجانبها التقنى، وتترك تنفيذها للتوافق السياسى، وفق ما قال وزير الدفاع ميشال منسى، مؤكدا أن المرحلة دقيقة جدًا، ولا بد من العقلانية فى التعاطى مع موضوع حصرية السلاح، خاصة ما هو فى حيازة “حزب الله”.
من جانبه، أبلغ قائد الجيش العماد هيكل، الجهات الرسمية المعنية، بأنه جاهز لتنفيذ خطة لحصرية السلاح، لكن بعد توافق سياسى وليس قرارًا سياسيًا اتخذ فى حكومة الرئيس نواف سلام، وخرج منها المكون الشيعى.
يأتى هذا فى ظل تشبث حزب الله بمبدأ الانسحاب الإسرائيلى من الجنوب قبل تسليم السلاح، بينما ترفض إسرائيل الانسحاب.
فى هذا الإطار تترقب الساحة المحلية مضمون الجواب الذى سيحمله الأسبوع المقبل الموفد الأمريكى توم براك، من إسرائيل على الورقة اللبنانية، وتأثير ذلك على ملف “حصر السلاح”.
خلال هذه الفترة يكثف رئيس مجلس النواب اللبتانى نبيه برى مشاوراته لمحاولة إقناع الدولة بتصحيح القرار الحكومى، ونزع فتيل أى انفجار محتمل على خلفية صراع قد يضع الجيش فى مواجهة “حزب الله”.
خاصة بهد الموقف الذى أعلنه حزب الله ونواياه التصعيدية، بعدة وسائل قد يكون من بين هذه الوسائل التلويح بعصى “الحرب الأهلية”، وفق ما جاء فى خطاب أمين عام الحزب نعيم قاسم، والتى هدد فيها بافتعال مثل هذه الحرب “إذا لزم الأمر”.
من جانبه، أكد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، أن الحزب لن يتخلى عن سلاحه ما دام الاحتلال الإسرائيلى قائمًا، متوعدًا بمواجهة ما وصفه بـ”المشروع الإسرائيلي–الأمريكي” مهما كانت التضحيات.
وقال: “المقاومة لن تسلم سلاحها والعدوان مستمر والاحتلال قائم، وسنخوض معركة كربلائية إذا لزم الأمر لمواجهة المشروع الإسرائيلي–الأمريكى مهما كلفنا ذلك، ونحن واثقون بالنصر”.
واتهم قاسم الحكومة اللبنانية بتنفيذ ما وصفه بـ”الأمر الأمريكي–الإسرائيلي” الهادف إلى إنهاء المقاومة، محذرًا من أن قرار تجريد الحزب من سلاحه “يسلم لبنان لإسرائيل” وقد يقود إلى “حرب أهلية وفتنة داخلية”.
وأضاف: أن دور الحكومة هو تأمين الاستقرار وإعمار لبنان، وليس تسليم البلد لمتغول إسرائيلى لا يشبع وطاغية أمريكى لا حدود لطمعه، وقال أنه “كان على الحكومة بسط سلطتها بطرد إسرائيل أولًا، وأن تعمل على حصرية السلاح، بمنع إسرائيل من أن يكون سلاحها متواجدًا على الأرض”. واتهم الحكومة بـ”تنفيذ الأمر الأمريكى الإسرائيلى بإنهاء المقاومة، ولو أدى ذلك، إلى حرب أهلية وفتنة داخلية”، على حد قوله.
وحمل قاسم الحكومة “كامل المسؤولية” عن أى توتر داخلى، مطالبًا إياها بوقف العدوان وإخراج إسرائيل من لبنان، مؤكدًا استعداد الحزب لتقديم “كل التسهيلات” خلال مناقشة القضايا المرتبطة بالأمن الوطنى والاستراتيجى، كما حذر من أن الاحتجاجات الشعبية الرافضة لتسليم السلاح قد تصل إلى السفارة الأمريكية فى بيروت.
واعتبر أن القرار الذى اتخذته الحكومة اللبنانية قرارًا خطيرًا جدًا، خالفت فيه ميثاق العيش المشترك، وهى تعرض البلد لأزمة كبيرة”.
وتابع: لا تزجوا الجيش فى الفتنة الداخلية، الجيش الوطنى سجله ناصع، وقيادته لا تريد الدخول فى هذا المسار”.
وقال أن الحكومة ستتحمل كامل المسؤولية فى فتنة يمكن أن تحصل، ومسؤولية أى انفجار داخلى وأى خراب للبنان، وتخليها عن واجبها فى الدفاع عن أمن لبنان ومواطنيها”، وفق قوله.
يتوقع مراقبين أن إسرائيل، وفق مؤشرات الأرض، لن تتجاوب مع المطالب اللبنانية، التى حملها معه الموفد الأمريكى توم براك، وقد يكون من بين المبررات الإسرائيلية أنها غير واثقة من أن الحكومة اللبنانية بقواها الذاتية قادرة على تجميع سلاح “حزب الله”، الذى لا يزال يرفض هذا الأمر بكل ما لديه من وسائل تعطيلية.
وعندما ترفض إسرائيل الانسحاب من التلال اللبنانية الخمس فإن “حزب الله” سيقابل هذا الرفض برفض أكبر، وهو الذى اشترط إعطاءه ضمانات أمريكية وأوروبية بانسحاب كامل للجيش الإسرائيلى ووقف اعتداءاته المتواصلة على أهداف تقع ضمن الأراضى اللبنانية. فإذا لم تبادر إسرائيل وتنسحب من كل شبر تحتله فى الجنوب فإن “حزب الله” لن يسلم سلاحه.
خبراء أكدوا أنه إذا كانت إسرائيل ترفض أن تقابل لبنان بخطوة مماثلة لما اتخذته الحكومة من قرار فى جلسة 5 أغسطس بحجة عدم ثقتها بقدرات الدولة اللبنانية على تنفيذ ما سبق لها أن قررته؛ وإذا كان “حزب الله” مصرا على عدم تسليم سلاحه قبل أن تنسحب إسرائيل وقبل أن تعيد الاسرى والمفقودين، وقبل أن توقف اعتداءاتها واستهدافاتها اليومية، فإن الوضع السياسى فى لبنان سيبقى كما هو.
المصدر: وكالات
