بعد 6 أشهر من الجمود التفاوضي، وفي ظل تصعيد عسكري متواصل في قطاع غزة، أعادت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب النظر في نهجها تجاه الحرب المستمرة.
ومع تفاقم الكارثة الإنسانية، برز سؤال ملحّ: هل تشكل المراجعة الأميركية الحالية تحوّلاً استراتيجياً؟ أم مجرد مناورة تفاوضية جديدة في سجل طويل من الضغوط على حماس؟
تصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عكست هذا التحول الظاهري، حين أعلن أمام عائلات المحتجزين الإسرائيليين أن الوقت ربما حان لتقديم مستشاري الرئيس “خيارات جديدة” لإنهاء الحرب. لكنه لم يخفِ أن الجمود السائد قد يبرر اعتماد “نهج أكثر شمولية”، يشمل إطلاق سراح كافة المحتجزين. خطوة وصفها مراقبون بأنها إعادة تموضع خطابية أكثر منها سياسية.
في المقابل، نفت حركة حماس أي انهيار في مسار التفاوض، مؤكدة التزامها الكامل بالتوصل إلى اتفاق. ونقلا عن قيادي في الحركة أن هناك نقطتين شائكتين لا تزالان موضع خلاف:
صفقة تبادل الأسرى بين الطرفين.
جدول انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق معينة في القطاع.
وقدمت حماس مقترحات محددة، منها تبادل 2200 أسير فلسطيني مقابل 10 رهائن أحياء، وتسليم جثامين قتلى مقابل جثامين شهداء، بالإضافة إلى انسحابات تدريجية للجيش الإسرائيلي من شمال القطاع ورفح بواقع 50 متراً أسبوعياً من محور فيلادلفيا.
بالتوازي مع التحرك الأميركي، كثفت إسرائيل عملياتها العسكرية في شرق غزة، في إطار خطة توصف بأنها “لإعادة تقسيم القطاع ميدانياً” وزيادة الحصار بهدف إنهاك حماس. التقارير تشير إلى أن القيادة السياسية والأمنية الإسرائيلية تدرس خطة طويلة الأمد لتفتيت القطاع وفرض واقع أمني جديد.
لكن هذا التصعيد يتم في ظل تدهور إنساني متسارع، حيث حذرت الأمم المتحدة من توسع المجاعة، مؤكدة أن أكثر من مليون طفل يعانون من الجوع الحاد، وسط ضعف الإمدادات الغذائية والدوائية.
وجدير بالذكر أن أسلوب ترامب التفاوضي يعتمد على الضغط الإعلامي والتصريحات المربكة، دون أن يتحمل تكلفة سياسية حقيقية.
فترامب يدرك أن كلماته لها ثقل عالمي، لكنه غالباً ما يصرح بشيء ويفعل نقيضه. التصريحات الحالية قد تكون لتغطية فشل سياسي، أو لزيادة الضغط على حماس، لكنها لا تعني بالضرورة اتخاذ خطوات ميدانية”.
وأكد أن نتنياهو هو الآخر لا يدفع ثمناً سياسياً داخلياً كبيراً، فرغم التظاهرات في إسرائيل، ما زال وضعه السياسي مستقراً داخل الكنيست. “ولو جرت انتخابات اليوم، فإن الأرجح أنه سيبقى رئيساً للوزراء”، على حد تعبيره.
في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن المراجعة الأميركية ليست إلا تكراراً لمواقف سابقة، مغلفة بعبارات دبلوماسية جديدة. أما على الأرض، فإن الواقع لا يتغير. الوساطات تراوح، إسرائيل تواصل الحصار، حماس تصر على الصمود، والقطاع ينهار إنسانياً.
ويبقى السؤال معلّقاً: هل تسعى إدارة ترامب فعلاً إلى تسوية؟ أم أنها تدير الصراع بدلاً من إنهائه؟
المصدر : وكالات انباء

