أكد وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج بدر عبد العاطي، اليوم الثلاثاء، عمق علاقات التعاون التي تربط بين مصر وسلطنة عمان.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده وزير الخارجية اليوم مع وزير خارجية سلطنة عمان بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي.
ورحب الوزير، فى مستهل المؤتمر، بنظيره العماني والوفد المرافق في بلدهم الثاني.
وأشار وزير الخارجية إلى أنه ترأس ونظيره العماني اليوم أعمال الدورة الـ16 للجنة المصرية العمانية المشتركة والتي تأتي في توقيت شديد الأهمية حيث تشهد العلاقات طفرة كبيرة في ضوء توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي وسلطان عمان هيثم بن طارق بالعمل على المزيد من الارتقاء بالعلاقات بين البلدين في جميع المجالات ونقلها إلى آفاق أرحب في ضوء العلاقات التي تربط بين القيادتين والوشائج التي تربط بين الشعبين.
قال وزير الخارجية إنه جرى خلال أعمال اللجنة المشتركة التي شرفت بحضور وزير العمل محمد جبران التوقيع على حزمة من مذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية في مجال الاستثمار والثروة المعدنية وسلامة الغذاء والأوقاف والتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والإعلام والعمل والتدريب وتطوير رأس المال البشري فضلا عن التوقيع على محضر أعمال الدورة الـ16 للجنة.
وأضاف عبد العاطي إن انعقاد الدورة الحالية للجنة المشتركة يعكس الحرص من الجانبين المصري والعماني على البناء على مخرجات الدورة الـ15 التي عقدت بمسقط في 2023، والزخم الذي شهدته العلاقات في أعقاب الزيارة المهمة للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مسقط في يونيو 2022، وزيارة السلطان هيثم بن طارق إلى القاهرة في عام 2023، بما يعكس الإرادة الصلبة لتعميق الشراكة فيما بينهما.
وأشار الوزير إلى أنه أجرى ونظيره العماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي مباحثات مستفيضة تناولت الحرص البالغ من البلدين الشقيقين على مزيد من إحداث طفرة في العلاقات، معربا عن التطلع إلى أن تحذو العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية حذو العلاقات السياسية، موضحا أن الميزان التجاري بين البلدين تجاوز المليار دولار، مبرزاً وجود مجال أوسع وأرحب لتوسيع التعاون التجاري.
وقال وزير الخارجية “إننا نعتز بالشركات العمانية في مصر، كما أن هناك العديد من الشركات المصرية التي دخلت إلى السوق العماني التي تعمل على دعم رؤية سلطان عمان 2040 في مختلف القطاعات ذات الأولوية”.
وأكد وزير الخارجية وجود إمكانيات وفرص هائلة للتكامل والمزيد من الارتباط بين الأنشطة الاقتصادية في مصر وسلطنة عمان وإطلاق المزيد من الشراكات الاستثمارية، موضحا أنه تم مناقشة الأهمية البالغة لتفعيل مجلس الأعمال المصري العماني.
وأضاف أنه شرف بزيارة مسقط في يناير الماضي حيث شهد انعقاد اجتماع المجلس، مشيرا إلى أن المباحثات اليوم تناولت رأس المال البشري والطفرة التي يشهدها هذا القطاع وخاصة ما يتعلق بالتطوير والتدريب الفني، والعمل على الربط الرقمي بين البلدين الشقيقين خاصة في ضوء ما أبداه الوزير البوسعيدي من اعتزاز السلطنة بالدور الكبير الذي تقوم به الجالية المصرية بعمان على مدى العقود الماضية.
من جانب آخر، قال الوزير عبد العاطي إن مباحثاته مع وزير الخارجية العماني تناولت كذلك الأوضاع الإقليمية والأوضاع الأمنية شديدة السيولة وحالة عدم اليقين وحالة الاستقطاب الشديد التي نشهدها على المستوى الدولي، كما جرى مناقشة تعزيز التشاور والتعاون بين البلدين الشقيقين خاصة على ضوء التطابق في المواقف والأهداف حيث أن مصر وسلطنة عمان لديهما رؤى مشتركة وموحدة في العمل على خفض التصعيد في المنطقة وإيجاد حلول سياسية وسلمية لكل الأزمات التي تموج بها المنطقة.
وأكد وزير الخارجية عبد العاطي أنه تم الاتفاق على أنه لا توجد حلول عسكرية للصراعات القائمة التي تعصف بالمنطقة.
أكد الوزير عبد العاطى أن أمن سلطنة عمّان وأمن الخليج هو من أمن مصر، وأمن مصر هو من أمن سلطنة عمّان وأمّن الخليج، مشيرا إلى أنه تم بحث القضية الفلسطينية باعتبارها لب الصراع في المنطقة، حيث تطابقت الرؤى حول الرفض الكامل لكل مخططات التهجير والإدانة الكاملة للجرائم التي ترتكب يوميا بحق الشعب الفلسطيني البريء الذي كل ما يتطلع إليه أن يعيش حياة كريمة على أرضه وترابه الوطني.
وقال إنه تم إدانة هذا العدوان الغاشم على قطاع غزة والضفة الغربية، والرفض الكامل وإدانة سياسة التجويع الممنهجة، لافتا إلى أنه أحاط نظيره العماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، علما بكل التطورات الأخيرة على صعيد الجهود المبذولة التي تقوم بها مصر مع قطر والولايات المتحدة لسرعة العمل على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يضمن إطلاق سراح الرهائن ويحقن دماء الشعب الفلسطيني البرئ.
وأضاف الوزير عبد العاطى أنه تم التأكيد على أن إسرائيل تتحمل المسئولية كاملة عما آلت إليه الأوضاع باعتبارها قوة الاحتلال، موضحا أنه تم أيضا التأكيد على الأهمية البالغة لتطبيق معايير موحدة والالتزام بقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وأشار إلى أنه توافق مع نظيره العماني على أنه لا حل دائم في هذه المنطقة إلا بحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الكاملة والمشروعة وإقامة دولته على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية، مبينا تطابق الرؤى حول الدعم الكامل للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة الإعمار.
وأعرب الوزير عبد العاطى عن التطلع فور التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار للإعلان بشكل سريع عن موعد للمؤتمر الدولي للتعافي المبكر وإعادة الإعمار الذي تستضيفه مصر.
وأشار إلى أن المباحثات تناولت كذلك الملف النووي الإيراني حيث تتطابق مواقف مصر وعمان فيما يتعلق بأهمية الدفع بالحل السياسي والسلمي، لافتا إلى أنه عبر عن تقدير مصر للجهود المقدرة التي تقوم بها سلطنة عمان للعمل على احتواء التوتر والعودة إلى مائدة التفاوض ونبذ الحلول العسكرية لهذا الملف وأن تتم أي تسوية في إطار مبدأ عالمية معاهدة الإنتشار النووي وينطبق المبدأ على الجميع.
وقال الوزير عبد العاطى إنه اتفق مع نظيره العماني على البقاء على اتصال يومي للعمل على تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار.
ومن جانبه، أعرب وزير خارجية سلطنة عمان بدر بن حمد بن حمود البوسعيدى، عن سعادته بوجوده فى مصر، مؤكدا عمق العلاقات التاريخية والروابط الحضارية بين البلدين.
وقال إنه اتفق مع وزير الخارجية عبد العاطى فى كل الرؤى والمواقف سواء المتعلقة بالتعاون الثنائي أو أعمال اللجنة المشتركة التي اختتمت أعمالها في القاهرة، وإنه يتطلع لتعزيز هذه العلاقات والشراكات وأن يحقق التعاون المشترك مصلحة البلدين والشعبين والحوار الإقليمي في هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم.
وأضاف “أننا عبرنا عن ارتياحنا الكبير لمستوى التشاور في مختلف القضايا، لافتا إلى أن استمرار التنسيق على المستوى الإقليمي يعد أمرا مهما جدا”، موضحا أن هناك تحديات كثيرة تواجهها المنطقة على رأسها العدوان الإسرائيلي وما تقوم به من ممارسات بشعة ولاإنسانية في غزة.
وثمن البوسعيدي عاليا جهود مصر لوقف إطلاق النار وتخفيف المعاناة الإنسانية في غزة، وقال “إننا ندعم الخطة العربية الإسلامية ونرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ونتمسك بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية”.
وجدد دعم بلاده لموقف مصر فى موضوع سد النهضة وحقوقها المائية.
كما أكد ضرورة احترام وحدة وسيادة الدولة العربية سواء في السودان وليبيا واليمن، ورفض كل التدخلات الخارجية في شئونها الداخلية، مشددا على ضرورة استمرار المسار التفاوضي بين الولايات المتحدة وإيران لأنه يمثل أهمية كبيرة في ضمان الاستقرار الإقليمي وخفض التصعيد مع الأخذ في الاعتبار ضرورة الارتكاز على مبادئ القانون الدولى ومعاهدة منع الانتشار النووي.
وقال إن مصر تلعب دوراً محورياً في هذا المسار التفاوضي من خلال تبنى مسارات تقوم على الحوار وبناء الثقة لتجنيب المنطقة المزيد من الاستقطاب وتوجيه الطاقات نحو البناء، مؤكدا التزام بلاده الدائم بتعزيز العلاقات مع مصر لمواصلة العمل المشترك لمصلحة البلدين والشعبين.
وردا على سؤال حول طبيعة الدور المصري لدعم جهود سلطنة عمان وما اذا كان قد تم مناقشة “الاتحاد الإقليمي لتخصيب اليورانيوم”، أكد وزير الخارجية بدر عبد العاطي أنه فيما يخص الملف النووي هناك تنسيقا كاملا مع سلطنة عمان لأنها الدولة التي افتتحت المسار التفاوضي.
وقال إن هناك توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي بتكثيف التواصل مع سلطنة عمان ومع كل الأطراف المعنية لخفض حدة التصعيد وتجنب الانزلاق للفوضى شاملة وحروب إقليمية.
وأضاف “أننا شاهدنا على مدار 12 يوما هذا التصعيد العسكري غير المبرر ونحن نتحدث عن الحلول السياسية ونستغل علاقاتنا مع كل الأطراف سواء الأمريكية أو الإيرانية أو الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهناك تطابق في الرؤى والأهداف بين البلدين حول خفض التصعيد وسنستمر في التنسيق الكامل مع السلطنة، وناقشنا نقاطا محددة وهناك العديد من الأفكار بشأن تخصيب اليورانيوم ولكن المطلوب الآن دعم وقف إطلاق النار حتى يكون مستداما مع فتح نافذة التفاوض مرة أخرى”.
وبشأن تطورات المفاوضات بخصوص غزة وما إذا كان هناك اتفاق جزئي بشأن غزة أم اتفاق شامل لغزة والضفة، قال الوزير عبد العاطي إن الجهود المصرية والقطرية مستمرة وتزداد كثافة بالتنسيق مع الجانب الأمريكي، ونأمل في التوصل لوقف إطلاق النار يتكامل مع الاتفاق الذي تم التوصل إليه في يناير الماضي وتم خلاله إطلاق سراح الرهائن وإدخال المساعدات.
وأضاف أنه “للأسف الشديد فإن الجانب الإسرائيلي خرق الاتفاق واستأنف الحرب على غزة، ونحن نحرص على سرعة التوصل لوقف إطلاق النار ليكون مستداما والتفاوض لإطلاق سراح الرهائن والأسرى وبدون ذلك لن يتحقق الأمن والاستقرار لإسرائيل”.
وردا على سؤال حول وجود أي ملامح أو خطط لاستئناف المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، قال وزير خارجية سلطنة عمان أن نافذة الدبلوماسية ستظل مفتوحة، مشيرا إلى أننا نسمع نفس الموقف من الجانب الإيراني وعندما تتهيأ الظروف لاستئناف المفاوضات يتم ذلك، مضيفا أن استغلال القوة لا يؤدي لحلول ونحن نسعى للتوصل لاتفاق سياسي.
وردا على سؤال عما إذا كان من المتوقع عقد اجتماع قريب للدول المشاطئة للبحر الأحمر في إطار حوكمة أمن البحر الأحمر، قال الوزير عبد العاطي أن هناك نقاشا موسعا ومكثفا يجرى مع الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، وأن هناك مشاورات لانعقاد مثل هذا الاجتماع في وقت مناسب بعد استكمال كافة مؤسسات المجلس حتى تكون له كلمة نهائية في ملف حوكمة أمن البحر الأحمر .
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)

