تأمل موسكو من خلال القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ونظيره الروسى فلاديمير بوتين، فى ألاسكا، والمقرر، الجمعة، فى تعزيز تطبيع العلاقات الثنائية، فيما وصف ترامب اللقاء بأنه “استكشافى”، ويرى بوتين فى لقائه مع ترمب فرصة لـ”تكريس المكاسب الإقليمية لروسيا”، وإبقاء أوكرانيا خارج الناتو، أما الأمين العام لحلف شمال الأطلسى “الناتو”، مارك روته، اعتبره “اختبار لجدية بوتين” بشأن إنهاء حرب أوكرانيا.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف في حديث لصحيفة “إزفستيا ” الروسية “نأمل أن يعطي اللقاء المرتقب على أعلى المستويات زخماً لتطبيع العلاقات الثنائية، والذي من شأنه أن يتيح حل بعض القضايا، مثل (استئناف الرحلات الجوية).. على الرغم أنه من الواضح أن الزعيمين سيُركزان على مواضيع مختلفة تماماً”.
وكان ترامب وصف، الاثنين، اجتماعه المرتقب مع بوتين بأنه “استكشافي” يهدف إلى حث روسيا على إنهاء حرب أوكرانيا.
وأضاف للصحفيين “سأذهب للحديث مع بوتين، وسأخبره بوضوح: عليك أن تنهي هذه الحرب. عليك أن تنهيها”. وأشار إلى أن اجتماعاً مستقبلياً قد يضم أيضاً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وتُعقد القمة، يوم الجمعة المقبل، في ألاسكا، لكن الموقع المحدد داخل الولاية الأمريكية، لم يُعلن بعد، وسيكون هذا أول سفر لبوتين إلى الولايات المتحدة منذ عام 2015، حين شارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وستكون هذه أول زيارة لزعيم روسي إلى ألاسكا، رغم أنها كانت جزءاً من الإمبراطورية القيصرية حتى عام 1867.
وفي مقابلة مع برنامج Face the Nation على شبكة CBS NEWS الأمريكية، رد مارك روته، على سؤال بشأن المخاوف من احتمال تكرار “لحظة ميونخ 1938″، حيث يتم تقديم تنازلات خطيرة لتجنب الحرب مع ألمانيا، في إشارة إلى لقاء رئيس الوزراء البريطاني آنذاك نيفيل تشامبرلين مع الزعيم الألماني النازي أودلف هتلر، قال إن “لقاء الجمعة، هو اختبار لبوتين من قبل ترمب”، مشيداً بدور الرئيس الأمريكي في تنظيم هذا اللقاء.
وأوضح “بالطبع، عندما نصل إلى مرحلة محادثات السلام، ووقف إطلاق النار، وما يتبع ذلك من ترتيبات تتعلق بالأراضي والضمانات الأمنية لأوكرانيا، فإن كييف يجب أن تكون طرفاً مشاركاً”.
وتابع “لكن من المهم تقييم مدى جدية بوتين، والشخص الوحيد القادر على القيام بذلك هو ترمب، لذا، من الضروري أن يُعقد هذا اللقاء، مع التأكيد على أنه ليس نهاية الطريق، ولن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي خلاله، لكن من المهم مواصلة الضغط على الروس، وهو ما استمر ترمب في فعله خلال الأشهر الستة الماضية”.
وبشأن ما إذا كانت روسيا لا تزال تطالب بأن تتخلى أوكرانيا عن مساعي الانضمام إلى الناتو، رفض روته الخوض في تفاصيل المفاوضات، لكنه قال “أؤكد أننا جميعاً، الأميركيون والأوروبيون وأوكرانيا، متفقون على أن بوتين لا يملك أي حق في فرض شروط تتعلق بالوضع الجيوستراتيجي لأوكرانيا في المستقبل، أو حجم قواتها المسلحة، أو موقف الحلف على الجبهة الشرقية في دول مثل لاتفيا أو ليتوانيا أو إستونيا أو فنلندا أو بولندا”.
دافع روته، عن اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة المقبل.
وعلقت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، على تصريحات روته قائلة “دعا مارك روته، في مقابلة مع شبكة CBSNEWS إلى التخلي عن الاعتراف القانوني بالأراضي الجديدة داخل روسيا”، “روته استخدم مقارنة تاريخية عن انضمام جمهوريات البلطيق (ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا) إلى الاتحاد السوفيتي في عام 1940، معتبراً أن عدم اعتراف الغرب حينها بالسيطرة السوفيتية على الدول الثلاث، يُعد سابقة قانونية يجب تطبيقها اليوم على الأراضي التي ضمتها روسيا”، وهو ما وصفته زاخاروفا بأنه “مقارنة مشوّهة وتستند إلى تزوير للواقع التاريخي”.
وبعد وقت قصير من بدء الحرب العالمية الثانية، أجبر الزعيم السوفيتي آنذاك، جوزيف ستالين، قادة دول البلطيق على السماح للقوات السوفيتية بدخول بلادهم، وفي أغسطس عام 1940، أعلن ستالين دول البلطيق الثلاث جمهوريات سوفيتية، حتى إعلان الاستقلال في عام 1991، عقب انهيار الاتحاد السوفيتي.
وتابعت “تم هذا الضم وفق إجراءات دستورية في أغسطس 1940، لكن الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، رفض الاعتراف به سياسياً، رغم استمراره في التعامل العملي مع هذه الأوضاع”.
ومع اندلاع الحرب الوطنية العظمى (مصطلح روسي عندما تخطت الحرب العالمية الثانية حدود الاتحاد السوفيتي في الفترة بين عامي 1941 و1945)، ضحّى العديد من الجنود السوفيت من جميع أنحاء الاتحاد بأرواحهم من أجل تحرير دول البلطيق من النازية، بحسب وصف زاخاروفا.
ويرى بوتين في لقائه مع ترمب فرصة لـ”تكريس المكاسب الإقليمية لروسيا”، وإبقاء أوكرانيا خارج الناتو، ومنعها من استضافة قوات غربية، بما يسمح لموسكو بإعادتها تدريجياً إلى دائرة نفوذها، حسبما تصف وكالة “أسوشيتد برس”.
و”يعتقد أن الوقت في صالحه مع استمرار صعوبة الوضع الأوكراني على الجبهة، وتزايد الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة الروسية”، وفق الوكالة.
وتُعقد القمة الأمريكية – الروسية في ألاسكا، في موقع يلتقي فيه الشرق بالغرب حرفياً، وفي مكان مألوف لكلا البلدين باعتباره خط مواجهة في الحرب الباردة,
واعتبرت الوكالة الأمريكية، أن “القمة تمثل انتصاراً دبلوماسياً لبوتين”، إذ يسعى الكرملين لتصوير استئناف الاتصالات مع واشنطن على أنه حوار بين قوتين عظميين لحل مشكلات عالمية، وأوكرانيا مجرد ملف من بينها.
لكن أوكرانيا وحلفاءها الأوروبيين يخشون أن يسمح عقد القمة دون مشاركة أوكرانية، لبوتين باستمالة ترامب، ودفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات.
وقال زيلينسكي “أي قرارات من دون أوكرانيا هي في الوقت نفسه قرارات ضد السلام ولن تحقق شيئاً، إنها قرارات ميتة لن تنجح أبداً”.
ورددت دول أوروبية الموقف نفسه، إذ قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس: “القانون الدولي واضح: جميع الأراضي المحتلة مؤقتاً تابعة لأوكرانيا… والسلام المستدام يعني أن العدوان لا يمكن أن يُكافأ”.
المصدر: الشرق

