انقسام بين القيادة السياسية والعسكرية,, لماذا يرفض رئيس الأركان الإسرائيلى احتلال غزة؟
في الوقت الذي يكرر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزمه على احتلال قطاع غزة “كاملًا” لضمان أمن إسرائيل، يخرج رئيس الأركان إيال زامير بموقف معارض، مصممًا على التعبير عن رأيه “بشكل مستقل ومهني”.
هذا الانقسام العلني بين القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل، يأتي في ظل احتجاجات الشارع الإسرائيلي وضغوط عائلات الرهائن، بينما تدخل وساطات جديدة مثل تركيا إلى خط التفاوض. فما أسباب رفض زامير لخطة الاحتلال؟ وهل تخفي تصريحات نتنياهو محاولة لإلقاء الفشل على الجيش؟
و قد أعلن نتنياهو أن إسرائيل تنوي السيطرة على غزة بالكامل، مع تأكيده أنه لا نية للاحتفاظ بالقطاع بعد الحرب، بل تهدف الخطة لإسقاط حكم حماس فقط. لكن هذا الطرح أثار قلقًا دوليًا، حيث نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤول أميركي في إدارة ترامب أن واشنطن لا تؤيد ضم أي أجزاء من غزة لإسرائيل، كما أشار مسؤول إسرائيلي إلى رفض أميركي واضح لهذا المسار خلال المحادثات الأخيرة.
رئيس الأركان إيال زامير خرج عن صمته، مؤكدًا أنه سيواصل التعبير عن رأيه “بشكل موضوعي ومستقل”، رغم الضغوط.
و يرى خبراء أن زامير يدرك خطورة الدخول في احتلال كامل، ويحذر من مغبة تحميل الجيش مسؤولية أي فشل سياسي.
كما أن حماس أعطت تعليمات واضحة لعناصرها بتصفية الرهائن في حال اقترب الجيش الإسرائيلي منهم. هذه النقطة تجعل رئيس الأركان أكثر حذرًا، لأنه يعتبر مصير الرهائن أولوية. في المقابل، يسعى نتنياهو لمواصلة الضغط العسكري والسياسي .
مراقبون أكدوا أن
رئيس الأركان إيال زامير يرى أن نتنياهو يحاول إلقاء فشل عملية “مركبات جدعون” على الجيش، رغم أن الجيش سيطر على نحو 75% من القطاع، وفرض قبضته الجوية والبرية والبحرية، بحسب معدي. لكن العملية لم تحقق هدفها السياسي الرئيسي: إجبار حماس على قبول الصفقة. لذلك، يسعى زامير إلى وضع النقاط على الحروف في الكابينيت، وتحديد المسؤولية السياسية والعسكرية.
هذا التوتر يعكس غياب وحدة القرار في إسرائيل، ويهدد بانفجار أكبر إذا استمرت العمليات دون نتائج ملموسة”.
ويشير خبراء إلى فارق جوهري في اللغة المستخدمة داخل المؤسسة الإسرائيلية حيث لا تحبذ إسرائيل استخدام كلمة احتلال، لأنها تعني تولي المسؤولية الكاملة عن كل تفاصيل الحياة المدنية في غزة, أما الاستيلاء، فيُبقي المسؤولية على أطراف أخرى”.
لهذا السبب، يرفض الجيش الإسرائيلي توزيع المساعدات الإنسانية بنفسه، ويفضل إدخالها عبر التجار أو المنظمات الأممية. هدف هذا النهج، بحسب الخبراء، هو عزل حماس عن إدارة المساعدات، ومنعها من استغلالها لتجنيد عناصر جدد.
رغم إصراره الظاهري، يبدو أن نتنياهو يواجه ضغطًا داخليًا متزايدًا. المظاهرات تتواصل يوميًا وأسبوعيًا، والبرلمان يشهد تحركات كثيرة، كما خاصة بعد عرض تسجيلات مصورة للرهائن، أظهرت تدهور حالتهم الصحية، ما أثار تعاطفًا واسعًا في الشارع الإسرائيلي.
و قد أكد مراقبون أن بعض وزراء الكابينيت الأمني، خاصة من كتلة “درعي”، بدأوا يقتربون من موقف زامير الداعي لتقييم المخاطر قبل أي عملية توغل شاملة. وهذا قد يدفع باتجاه “توافق سياسي عسكري” في المرحلة المقبلة.
و في النهاية، لا تزال إسرائيل عالقة بين خيارين: الضغط العسكري المستمر أو الانخراط في مسار تفاوضي شاق. وبينما يحاول نتنياهو تحقيق إنجاز سياسي ولو بثمن مرتفع، يبدو رئيس الأركان الإسرائيلي كمن يصرخ في وجه العاصفة، محذرًا من مغبة استبدال الحذر العسكري بالمغامرة السياسية.
المصدر: وكالات

