مع أزمة الطاقة التي تمر بها مصر: على الجميع أن يعي الحقائق ، خصوصًا أصحاب النوايا الحسنة واآراء المتسرعة الذين يرون أنن قصرنا في تطوير مصادر الطاقة الجديدة، فالحق أن شؤون الطاقة عمومًا على صعيد العالم كلة تخضع لمنظومة علاقات متبادلة متفاعلة معقدة إلى أبعد مدى، تجعل متخذي القرار في وضع لايحسدون علية أبدًا.
إن هذة المنظومة هي مايمكن إعتبارة رباعية الطاقة والتكنولوجيا والإقتصاد والبيئة، وعند تناول اللحظة الراهنة في أزمة الطاقة المصرية: ففي حدود هذة اللحظة فإن المشكلة مشكلة “الإقتصاد” على الأقل إلى حد بعيد، أو بعيد جدًا.
فالحقيقة الحاكمة للموقف الراهن أن قطاع الكهرباء في مصر مدين لوزارتي المالية والبترول بنحو 65بليون جنية: فهل يتصاعد الرقم أكثر فأكثر حتى تتدخل “التكنولوجيا” ونطور مصادر الطاقة الجديدة؟ ما هو الحل الآن لمواجهة وضع ضاغط قائم بالفعل؟
فب نطاق الآن وليس غدًا المطلوب فورًا توفير المال وليس التكنولوجيا لقطاع الكهرباء.
ومع ذلك هل تخفي دلالة إضافة الطاقة الجديدة إلى إسم وزارة الكهرباء في التشكيل الوزاري الجديد؟ إنها واضحة تمام الوضوح، فالطاقة الجديدة والإتجاه إليها والعمل على تنميتها حقيقة مسلم بها تمامًا في عالم اليوم، لكن ماذا عن “الآن”؟
ماذا عن “الآن” ليس السئوال المعضلة في مصر وحدها، ولكن بدرجات متفاوتة في العالم كلة فيما يتعلق بالطاقة.
عن إتخاذ أي قرار يتعلق بالطاقة في أي مكان من العالم يجد متخذ القرار أنفسهم أما غابة من الحقائق المتشابكة تشابكًا عجيباًا من الإعابارات التكنولوجية والإقتصادية والبيئية، لكن في لحظة معينة، يكون الإعتبار الإقتصادي الإعتبار القاهر فعلاً، حين يكون الأمر-بساطة خانقة- هو توفير الأموال اللازمة فوراً.
إلى أمد طويل- على الأقل ليس بالقصير يستمد العالم الطاقة اللازمة لة من البترول والغاز الطبيعي والفحم ومحطات الكهرباء النووية.
لإذن فماذا عن الطاقة الجديدة والمتجددة؟
لا يوجد أدنى شك في أن جهود تطويرها قائمة على قدم وساق، لكن أن تشارك المصادر التقليدية دورها على نحو فعال ملموس أمر بعيد المنال حتى الآن، ومن أهم ما يعرقل تقدمها ، أنة منذ دخل العالم “الثورة الصناعية” رتب أوضاعة على الإعتماد على هذة المصادر، وتغيير ذلك شاق إلى أبعد حد، هناك مثلاً السيارات الكهربائية المعتمدة على “الخلايا الهيدروجينية” إنها من الناحية التكنولوجية تحرز تقدما مستمران لكن الإقتصاد يتدخل: فكم تبلغ تكلفتها؟
وقد رتب العالم أوضاعة على ما يتلائم مع السيارات التي تدار بالوقود التقليدي، فلإنتشار السيارات الكهربائية يستلزم إيجاد محطات جديدة تمامًا للتزويد بالطاقة، وتعليم الناس كيفية قيادتها، وتطوير الشوارع لتلائم سيرها، وتدريب فنيين لصيانتها، وقائمة طويلة من العقبات الأخرى، لذلك فإن صناعة السيارات تقدم قدمًا وتؤخر الأخرى، وهذا مجرد مثال؟
إن الإهتمام الحالي في مصر بنشر إستعمال الطاقة الشمسية في التسخين أمر مهم، وهو يساهم في خفض إستهلاك الكهرباء والغاز ولكن هذا الخفض- حين يتحقق ستواكبة بالمعدلات الحالية زيادة كبيرة في السكان والحاجة الملحة لإنشاء مصانع جديدة وهو يعنى حتمًا زيادة إستهلاك الكهرباء.
منذ الإعلان عن الزيادة الراهنة في أسعار الطاقة في مصر ،شاع على الألسنة التعبير “إنه دواء مر علينا أن نتجرعة”، وهو تعبير صحيح، لكن لماذا نتجرعة؟
لكي ندرك حقيقة بسيطة على الجميع إستيعابها والتعايش معها وتكييف الحياة على أساسها :لقد إنتهت أيام الطاقة الرخيصة، هذا هو الواقع.
مجدي غنيم: المحرر العلمي لقناة النيل