وجه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الثلاثاء، نداء لوقف الاقتتال وسفك دماء المسلمين، داعيا الله سبحانه وتعالى أن يكشف عن الأمة الإسلامية والعالم أجمع ما نزل بساحته من حروب وقحط ووباء وغلاء.
وتوجه شيخ الأزهر، في كلمته خلال احتفال وزارة الأوقاف بليلة القدر بمركز المنارة للمؤتمرات بالقاهرة الجديدة اليوم بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يوفق قادة الأمة وعلماءها وحكماءها وأصحاب الرأي فيها، إلى الأخذ بيدها إلى بر السلام والأمان وحقن الدماء التي حرمها الله من فوق سبع سموات، وحذر من سفكها رسوله صلي الله عليه وسلم في قوله (لا زوال الدنيا أهون علي الله من قتل رجل مسلم)، وقوله (إذا التقي المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار).
وتقدم شيخ الأزهر، إلى الرئيس السيسي والأمتين العربية والإسلامية ملوكا ورؤساء وأمراء وقادة وشعوبا بخالص التهاني وأطيب الأماني وأصدق الدعوات بأن يعيد الله علينا وعليهم هذا الشهر الكريم باليمن والخير.
وقال الطيب “إن ما يرتبط بليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، ويتعلق بإشراقتها ونفحاتها في باب العبادات، عبادة الدعاء والتجاء المسلم إلى ربه، وتضرعه إليه في كل أموره وشؤونه، ما كان منها معتادا ميسورا وماكان عسيرا معقدا”.
وتابع” قد يظن كثيرون أن عبادة الدعاء هي عبادة ثانوية أو عبادة مأمور بها علي سبيل الندب والاستحباب، وأن العبد مخير بين أدائها وتركها”، لافتا إلى أن كل ذلك ظن خاطئ مصدره الغفلة عن موارد الأمر والنهي في القرآن الكريم، والحقيقة أن الدعاء عبادة مأمور بها في آيات كثيرة من آيات القرآن الكريم أمر بها النبي كما أمر بها المؤمنون سواء، سواء.
وقال الإمام الأكبر إن المدهش في شأن دعاء الرسول أنه كان يستغرق حياته اليومية مهما اختلفت بها الظروف والأحوال والملامسات وكأنه كان يتخذ من الدعاء وسيلة يحتمي بها ويعول عليها في شؤونه كلها، ويقف بها وقوفا طويلا على باب الله فأنه كانت تنام عيناه ولاينام قلبه كما أخبر عن نفسه.
وأضاف شيخ الأزهر، في كلمته، أن رسول الله كان يوصي أصحابه بالارتباط بالله تعالي والتعلق به في كل أمورهم وحاجاتهم مهما كانت ، حيث كان يقول لهم “ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شعث نعله إذا انقطع”.
وأشار إلى أن العلماء ذكروا شروطا للدعاء المستجاب وأدابا استخلصوها من سيرة الرسول، وهي أن يكون الداعي مطعمه حلالا وملبسه حلالا ، وألا يتعجل الإجابة ، مستشهدا بحديث أبي هريرة أن رسول الله قال “يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجاب لي”.
وتابع شيخ الأزهر أنه من آداب الدعاء أن يستنفذ العبد مع الدعاء كل الأسباب اللازمة لنيل المطالب وبلوغ الآمال، وأن يتحرى الداعي أوقات الإجابة وأزمنتها المباركة ومنها شهر رمضان وبخاصة العشر الأواخر منه، وكذلك يوم عرفة ويوم الجمعة والثلث الأخير من الليل وأوقات السحر ، واستقبال القبلة وخفض الصوت ، مستشهدا بقوله تعالى “ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغي بين ذلك سبيلا”، علاوة على رفع اليدين لقول رسول الله “إن الله حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفرا خائبتين”، كما أنه من الآداب أن يستفتح الداعي دعاءه بذكر الله تعالي وبالصلاة على رسول الله صلي الله عليه ويسلم ويختمه بما بدأه به.
وأوضح أن هناك دعوات مستجابة لا تغلق في وجهها أبواب السماء أبدا، وفي مقدمتها دعوة المظلوم وإن كان المظلوم فاجرا كما قال العلماء، ودعوة المظلوم كما ورد في الحديث الشريف تحمل على الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويسقبلها المولى بقوله “وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين”.
واستطر شيخ الأزهر قائلا “إن من الدعوات المستجابة أيضا دعوة الوالدين على الولد العاق، ودعوة الصائم حين يفطر والإمام العادل ودعاء العبد لأخيه بظهر الغيب والولد لوالديه ودعاء الذين يذكرون الله كثيرا ودعوة المريض والمبتلى وكثير التعرف على الله في الرخاء والشدة وحامل القرآن الكريم”.
ودعا، في خواتيم هذا الشهر الكريم، للاستعانة بالله على أنفسنا والتخلص من مظالم العباد وحقوقهم وحاجاتهم وردها إلى أصحابها وأن نعفو عمن ظلمنا ونغفر لمن أساء إلينا وأن نصل أرحامنا ونحسن إليهم وأن نتحمل أذى أولي الأرحام وظلمهم وقطيعتهم وأن نتجاوز عنهم احتسابا ورغبة فيما عند الله من ثواب عظيم يدخره لكل من يسارع إلى صلة رحمه، منوها بأن الخير كل الخير فيمن يغلب نفسه ويكظم غيظه ويذهب ليمد يده إلى من أساء إليه من أولي الأرحام وذوي القربى.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)