هناك إجماع بين علماء الإنسان القديم على ان سلالة الإنسان التى ننتمى نحن إليها الان بدات فى أفريقيا، وكان ذلك منذ 200 ألف عام مضت..
ويرى العلماء ان هذه السلالة التى اسمها العلمى “هومو سابيان” أى “الإنسان العاقل” او “الإنسان الحكيم” قد بدأت انتشارها العالمى خارج أفريقيا منذ نحو 60 ألف عام.
لكن أى المسالك سلكها الإنسان فى رحلتها هذه التى شكلت فجر إعمار العالم ؟ معروف طبعا الاهمية الاستراتيجية “لمضيق باب المندب” ،ذلك المضيق الواصل بين “البحر الأحمر” و “المحيط الهندى” عبر “خليج عدن والبالغ طوله 27 كيلو متراً ،وهو يفصل “شبه الجزيرة العربية” عن ساحل أفريقيا الشرقى، وعبوره يعنى العبور من أفريقيا إلى آسيا أو العكس، وهذا العبور -وفقاً لما اعلنه علماء بريطانيون- كان حدثاً جوهرياً فى تاريخ البشر.
أعلن باحثون فى “جامعة هال” البريطانية أنهم تتبعوا أثر الانسان فى رحلته من موطنه الأصلى فى افريقيا إلى خارجها: فتبين لهم أن ذلك حدث بعبور أسلافنا “مضيق باب المندب” الى المنطقة من آسيا التى تشكل اليمن الحالى، وفى سياق بحثهم: سلطوا الضوء على البيئة القديمة فى الجزائر وليبيا والجزء الغربى ن مصر.
نجحت الجامعة فى بناء نماذج رياضية كومبيوترية تصف ما حدث فى هذا التاريخ الموغل فى القدم مستندة الى الدلائل الحفرية التى عثر عليها الانسان القديم فى أفريقيا، وقبل الاجابة على السؤال: كيف انتشر “هومو سابيان” من أفريقيا الى خارجها؟ تنبغى الاجابة ؟أولا على السؤال: كيف انتشرت هذه السلالة فى أفريقيا نفسها؟ وهو سؤال أصعب من سابقه : فمن المؤكد الأن أن “الإنسان العاقل” عبر “مضيق باب المندب” من أفريقيا إلى آسيا منذ 60 ألف عام، ثم تواصل انتشاره العالمى من آسيا .. وفق السيناريو الجديد الذى وضعته “جامعة هال” ،اما الانتشار الأصلى فى انحاء القارة الأفريقية: فإن المفترض أنه بدأ من شرقى القارة حيث نشأت السلالة منذ 200ألف عام.
من الواضح الأن تماماً أن أفريقيا تنقسم من الناحية الجغرافية الطبيعية إلى “أفريقيا جنوب الصحراء” و”أفريقيا شمال الصحراء”، إذ أن “وجود الصحراء الكبرى” العامل الطبيعى الأكثر وضوحاً وأهمية فى تكوين القارة بوضعها الراهن..
بوجه عام: فإن “شمال الصحراء” مجدب يفتقر إلى الماء على العكس من “جنوب الصحراء”، فيكون من الطبيعى أن تتجه الهجرات البشرية جنوبا لإلى حيث الماء والنماء، لكن الحال لم تكن هكذا فى أزمات ماضية: فالأبحاث البريطانية حددت مثلاً ثلاثة مسارات لثلاثة أنهار قديمة: إثنان منها كانا يجريان فى أراضى ليبيا الحالية والثالث فى أراضى الجزائر الحالية.
إذن فما أعلنته “جامعة هال” يضيف فصلاً جديداً الى كتاب تاريخ كوكب الارض وما يحدث فيه من تغيرات وتحولات طبيعية، تترتب عليها هجرات بشرية ونشوء سلالات واعراق، وراء كل هذا: تغيرات مناخية لا تتوقف، تجعل الاخضر يابساً وتحول اليابس أخضر.
مجدي غنيم: المحرر العلمي لقناة النيل

