“جامعة كوبنهاجن” الدنماركية تقود برنامجاً علمياً اسمه المختصر “نيم” يهم كل إنسان يسكن هذا العالم : لأنه يهدف إلى التعرف على مصير كوكبنا ، من خلال دراسة الطيات العميقة للجليد القديم ، أو مايطلق عليه العلماء “الحفريات الجليدية” وهو يستشف منها ماذا سيحدث لنا نتيجة ذوبان الجليد القطبي فالبرنامج “نيم” من الجهود العلمية التي تحلل الماضي .. لتتعرف على المستقبل .
يشارك في البرنامج علماء من 13 دولة ، ومحور بحثهم أن الأرض تتعرض الآن لظاهرة الاحترار والاتجاه الغالب حاليا أن هذا الاحترار نتيجة النشاط البشري .. الذي يؤدي إلى إطلاق كميات ضخمة من الغازات يترتب عليه الاحترار ، ويرى علماء “نيم” أن الأرض تعرضت منذ نحو 130 ألف عام مضت إلى فترة من الاحترار ، وعن طريق ومايعرف بـ “التنقيب الجليدي” يحصل البرنامج على عينات جليدية تعود إلى أحقاب قديمة جداً ، هذه العينات المستخرجة من مناطق شمالية متجمدة تشهد على ماحدث خلال تلك الفترة من الاحترار التي مرت بها الأرض ، ومن خلال ذلك : يمكننا أن نضع سيناريو لما يحدث الآن ، وما سوف يحدث مستقبلاً : قياساً على ماحدث في الماضي البعيد .
طبعا لم يكن هناك منذ 130 ألف عام نشاط بشري يؤدي إلى الاحترار .. لكن العلماء يرون أن ماحدث في ذلك الوقت هو تعرض مدار الأرض حول الشمس لتغيرات طبيعية ، أدت إلى زيادة اقتراب الأرض من الشمس .. فارتفعت درجات الحرارة .
تفيد نتائج “نيم” حتى الآن بأن ذوبان الجليد في ذلك الوقت أدى إلى ارتفاع مستوى سطح البحر ثمانية أمتار مقارنة بمستواه الحالي .
من الواضح أن حدوث ارتفاع في مستوى سطح البحر ولو بأقل من هذا بكثير في وقتنا الحالي كارثي عالمياً بكل المعايير .
“مركز جودارد للدراسات الفضائية” التابع لوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” والمشارك في “نيم” يرى علماؤه أن ذلك النحو الكارثي من ارتفاع سطح البحر سيبدأ سنة 2100 ، ولكن هل نظل مكتوفي الأيدي حتى تقع الواقعة ؟
ووفقا لما كانت “الأمم المتحدة” قد أعلنته سنة 2007 : فإن الارتفاع المتوقع لمستوى سطح البحر سيتراوح سنة 2100 بين 18 و 59 سنتيمتراً ، فيكون لدينا وقت كاف لنتدبر أمرنا في مواجهة هذا الارتفاع .. بحيث يصبح محتملاً .
باحثو جامعة كولورادو الأمريكية المشاركة أيضا في نيم يؤكدون أن البيانات الثمينة التي يوفرها البرنامج ترسم صورة فريدة لأحوال المناخ القديم ، تساعد كثيراً على تفهم أحوال المناخ في الحاضر والمستقبل ، وتتيح رؤية أفضل للتغييرات المناخية .. التي يتزايد أثرها باستمرار في حياتنا .
مجدي غنيم : المحرر العلمي لـ “قناة النيل”

