مجدي غنيم : المحرر العلمي “لقناة النيل”
ثورة “الروبوت” آفاقها في اتساع مستمر حتى إنها تبدو بلا حدود ..
والاتجاه العام لهذه الثورة : العمل على إكساب أجهزة الروبوت خواصاً وقدرات بشرية متزايدة ، لكن هناك جانب مهم منها يسعى إلى إكسابها أمراً يوجد في عالم الحيوان .. ولا يوجد – بصورة طبيعية – في عالم البشر ، إنه “السلوك الترابطي” .
إنه ذلك السلوك الذي يتمثل أقوى مايتمثل في العديد من أنواع الطيور : الذي تشكل طيوره أسراباً ، تطير في “سلوك ترابطي” معقد ، وهو يختلف ويتميز وفقاً لنوع الطيور التي يتكون منها السرب .
العلماء السويسريون رواد هذا الاتجاه ، أو هم على الأقل من أهم رواده : ذلك أن “المعهد الفيدرالي للتكنولوجيا” في “الوزان” يجري تجارب طموحة في هذا الشأن ، يحاول فيها أن يجعل مجموعة من الروبوت تحلق على غرار مايفعل سرب من الحمام !
“السلوك الترابطي” بالصورة الواضحة التي تظهر مثلا في أسراب الطيور ليس موجودا عند الإنسان : إنه يتطلب مراناً وتدريباً لاكتسابه ، مثلما يحدث في الجيوش : حين تدرب جنودها على السير صفوفاً منتظمة بخطوة عسكرية واحدة ، فهل يأتي اليوم الذي نرى فيه “جيوشاً” من الروبوت تسير صفوفا بخطوة منتظمة في عرض عسكري ؟! في عالم الروبوت لايوجد مايستبعد ولايستغرب .
من الأسباب التي جعلتنا نستبعد اسم “الإنسان الآلي” ونستبدل به “الروبوت” : أن الروبوت كان في الماضي يقتصر على محاكاة هيئة الإنسان البشري ، لكنه في مراحل تالية من تطوره أخذ في محاكاة هيئات أخرى : فظهر مثلاً “الكلب الروبوتي” ، ثم أخذ في ألا يحاكي هيئة أي كائن حي .
لكن محاكاة أنواع من الحشرات كان ومازال من أهم مجالات تكنولوجيا الروبوت : ويوالي العلماء والمهندسون إنتاج “حشرات روبوتية” متنوعة .
وتبعاً لمجلة “إنترناشيونال جونال أوف روبوتس” فإن من أهداف العلماء الجاري حالياً السعي إليها : إنتاج “النحل الروبوتي” .
إن ذلك سيحقق نصراً ثورياً في إكساب الروبوت “سلوكاً ترابطياً” .
فالنحل من أبرز الكائنات الحية تحقيقاً للسلوك الترابطي الطبيعي : يشهد على هذا نظام عمله المعجز في دقته ، في خلاياه .. الطبيعية أو التي صنعها الإنسان .
طبعاً لايسعى العلماء إلى جعل “النحل الروبوتي” يفرز عسلاً !
لكن علماء أمريكيين يعملون جاهدين حالياً على إيجاد أسراب من ذلك النحل ، لأن هذا سيحل معضلات علمية وتكنولوجية عديدة ..
من هؤلاء العلماء : من يعمل في “معهد الهندسة البيولوجية” في “جامعة هارفارد” ، الذي أفاد بأن من جوانب البحوث التي تخدم فكرة النحل الروبوتي مثلاً : محاولة إنتاج “قشرة المخ الإلكترونية” التي تمكن برمجتها وجعلها قادرة على اتخاذ القرارت ذاتياً .
ومنهم أيضا : من يعمل في “جامعة نورث إيسترن” التي أفادت بأن أبحاث “النحل الروبوتي” ستقودنا إلى تحسين تكنولوجيا تحديد المواقع والاتجاهات – التي يحددها النحل الحي بدقة مذهلة – لتطوير “نظام تحديد المواقع العالمي” وأيضا أجهزة تحديد الاتجاهات وضبطها .. وهي “الجيدرسكوبات” .
أمور أخرى لايمكن حصرها ستعمل أبحاث “النحل الروبوتي” على تطويرها : منها العضلات الاصطناعية ، وجعل الروبوت يزود نفسه بالطاقة اللازمة لتشغيله .. وغير ذلك .
لكن يظل الأفق الأرحب لهذا الموضوع : إكساب الروبوت “السلوك الترابطي” الذي يشكل له ميلاداً جديداً .

