خطوة جديدة على طريق تعزيز مكانة مصر الدولية يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسى من خلال جولة الرئيس الاسيوية التى تشمل كل من سنغافورة والصين واندونيسيا والتى تأتى عقب زيارة سيادته لروسيا .
وفيما تؤكد زيارة الرئيس لروسيا والصين الدولتين دائمتى العضوية فى مجلس الامن الدولى بما لهما من ثقل سياسى واقتصادى كبيرين على التوازن فى علاقات مصر بالقوى الكبرى خاصة مع تجدد الزيارات على مستوى القمة بين مسئولى البلدين ، كما أن زيارة الرئيس لكل من اندونيسيا وسنغافورة لاتخلو من دلالات عميقة على حرص مصر بقيادة الرئيس السيسى على فتح افاق جديدة تنطلق منها الدبلوماسية المصرية لارساء دعائم لعلاقات متنوعة مع مختلف دول العالم تصب فى صالح الشعب المصرى وتعظيم مقدراته.
ولعل ابلغ دليل على ذلك هو أن زيارة الرئيس السيسى الى سنغافورة رابع اكبر مركز مالي فى العالم هى الاولى على الاطلاق التى يقوم بها رئيس مصرى لهذه الدولة ذات الثقل الاقتصادى الضخم منذ اعلان استقلالها، فيما تعد زيارة القيادة المصرية الى اندونيسيا اكبر دولة اسلامية من حيث عدد السكان تعد الاولى من نوعها لرئيس مصرى منذ عام 1983.
والتحركات الممنهجة للقيادة المصرية على مستوى السياسة الخارجية بروافدها المختلفة لم تنل منها التحديات الداخلية او تلك التى فرضتها البيئة الاقليمية المضطربة على العكس من ذلك فقد بدا واضحا للمراقبين السياسيين حرص الرئيس السيسى منذ توليه مهام منصبه على تحويل تلك التحديات الى فرص لتحقيق آمال وطموحات الشعب المصرى بعد ثورتين فى أمة قوية.
ويبدو واضحا أن الرئيس السيسى الذى يدشن كل يوم جسرا جديدا للتنمية فى الداخل بمشروعات قومية عملاقة ونهج لا يكل فى محاربة الإرهاب والتطرف والفساد عاقدا العزم على التحرك بالتوازى وبنفس الوتيرة لتدشين جسور للتعاون والشراكات الاستراتيجية مع كافة الدول وعلى كافة محاور ودوائر السياسة الخارجية.
المحطة الثانية لجولة الرئيس عبد الفتاح السيسى الاسيوية بعد سنغافورة هى الصين التى تربطها بمصر علاقات متميزة وشراكة استراتيجية تنمو يوما تلو الاخر من خلال الزيارات المتبادلة لكبار المسئولين.
وتعود العلاقات بين مصر والصين الى مايو من عام 1956 حيث كانت مصر أول دولة عربية وإفريقية تقيم علاقات مع الصين الشعبية، إلا أن الروابط مرت بمراحل عدة من التطور حيث اقامت القاهرة وبكين شراكة استراتيجية منذ 1999 ومنذ ذلك الحين شهدت العلاقات تحولا نوعيا فى خصوصية العلاقة، كما اسهم والحوار الاستراتيجى مع الصين الذى تم تدشينه فى ذلك الوقت ايضا ساهم فى تعزيز العلاقات.
والصين من الدول التى ساندت مصر فى ثلاثين يونيو ودعمت خيارات وارادة الشعب المصرى كما رفضت اى تدخل اجنبى فى شئون مصر.
وكانت العلاقات بين القاهرة وبكين شاهدة على طفرة اخرى وتطورت بشكل ملحوظ وعزز منها بعض الاحداث الارهابية التى شهدتها الصين وهو ما جعلها اكثر تفهما لما تعانى منه مصر من ارهاب.
وكان ديسمبر من عام 2014 نقطة انطلاقة جديدة فى العلاقات التى ارتقت الى مستوى العلاقات الاستراتيجية وذلك مع زيارة الرئيس السيسى الى الصين وهى الزيارة التي حققت زخما كبيرا فى مسار العلاقات على كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية وعلى مستوى التنسيق الدولى.
ويرى المراقبون ان الرؤية المصرية تجاه التعاون مع الصين ترتكز على الاستفادة من امكانيات وخبرات وقدرات الصين خاصة فى مجال البنية التحتية للصناعة وخاصة فى قطاعى الطاقة والنقل باعتبارهما عصب النهضة الصناعية ومجال تكنولوجيا وتكنولوجيا الفضاء تمهيدا لبناء قاعدة بنية تحتية صناعية متطورة فى مصر.
ووفقا للاحصاءات الرسمية .. فان حجم التبادل التجارى بين البلدين يبلغ 12 مليار دولار فى نهاية 2014 وهناك عجز فى الميزان لصالح الصين.
وتتركز اهم الاستثمارات الصينية فى مصر فى المنطقة الاقتصادية فى العين السخنة وعدد من الشركات الصينية تسعى الى توسيع استثماراتها فى مصر.
وذكر مصدر دبلوماسى ان للاستثمارات الصينية تتركز فى مصر فى قطاع البترول وشركة سينوبيك الصينينة التى تمتلك حوالى 30 بالمائة من اسهم شركة اباشى الامريكة فى مصر، كما نجحت الصين ايضا فى حصول على 100 بالمائة من اسهم شركة لافيحاس البتي لية اليوناية فى مصر بقيمة 700 مليون دولار وتقوم بعمليات حفر وتنقيب.
وتستورد الصين الرخام من مصر والجانب الصينى يهتم فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة وتوجد العديد من شركات الصينية لصناعة السيارات التى تستمد فى مصر والحافلات النقل الكبيرة.
وتكتسب زيارة الرئيس السيسى الى إندونيسيا ضمن جولته المقبلة اهمية خاصة لاسيما وانها تعتبر اكبر دولة اسلامية من حيث عدد السكان فضلا عن ان الاقتصاد الاندونيسى يعتبر هو الاكبر فى جنوب شرق آسيا بقيمة 888 مليار دولار، وهى عضو فى مجموعة العشرين وتشتهر بمحالات الصناعات الصغيرة والمتوسطة.
والعلاقات المصرية الاندونيسية تتميز بالاستقرار ويعكسها العمق التاريخى والتعاون فى عدة مجالات والعلاقات الدبلوماسية فى عام 1947 وكانت مصر من اولى الطول التى اعترفت باستقلال اندونيسيا.
وتتطابق مواقف الدولتين فى مجالات عديدة اقليميا ودوليا كما تجمعهما تجمعات ومنظمات عدة كان بينها منظمة التعاون الاسلامى و حركة عدم الانحياز بالاضافة الى مجموعة ال15 والشراكات الاستراتيجية بين اسيا وافريقيا.
ويقول مصدر دبلوماسى ان اندونيسيا اتخذت مواقفا متوازنا تجاه التطورات التى شهدتها مصر منذ ثلاثين يونيو.. مشيرا الى انه توجد بين مصر واندونيسيا لجنة مشتركة عقدت خمس دورات اخرها فى عام 2007، ويتم العمل حاليا على الاعداد للاجتماع القادم للجنة لتنعقد بالقاهرة بعد الانتخابات البرلمانية.
وتأتى زيارة الرئيس السيسى الى اندونيسيا كأول زيارة لرئيس مصرى الى جاكرتا منذ عام 1983 لتدشن مرحلة جديدة من العلاقات السياسية والاقتصادية مع هذا النمر الاسيوى.
ويحقق الميزان التجارى فائضا لصالح اندونيسيا وحجم التبادل التجارى فى عام 2014 بلغ 4ر1 مليار دولار..كما انه جارى انشاء مصنع للاثاث الاندونيسى وتم الاتفاق على اعادة تشغيل خط طيران مصر وجاكرتا مرتين اسبوعيا.
المصدر : أ ش أ