في 21 سبتمبر 1983،غيب الموت إحدى أعذب الأصوات في تاريخ الغناء العربي؛ الفنانة الكبيرة فايزة أحمد، التى لقبها الجمهور بـ” كروان الشرق”، بعد صراع طويل مع مرض السرطان ، تاركة خلفها إرثا فنيا زاخرا من الأغاني والأفلام التي لا تزال تتردد بين الأجيال .
ولدت فايزة أحمد في 5 ديسمبر 1934 بمدينة صيدا في لبنان، لأب سوري وأم لبنانية ، ونشأت في دمشق بعد عودة والدها إلى سوريا ، حيث قضت طفولتها هناك ، وبدأت ملامح موهبتها الغنائية في الظهور منذ سن مبكرة، تقدمت لاختبار الهواة في إذاعة دمشق، لكنها لم توفق في البداية، ما دفعها للسفر إلى حلب ، حيث نجحت في الإذاعة المحلية ، فذاع صيتها بالأوساط الفنية، لتعود لاحقا إلى دمشق لتواصل مسيرتها .
اتجهت بعد ذلك إلى مصر ، حيث خاضت تجربة الغناء عبر الإذاعة المصرية بالقاهرة، وقدمها الإذاعي صلاح زكي في إحدى الأغنيات من ألحان محمد محسن، ثم التقت لاحقا بالموسيقار محمد الموجي، لتبدأ معه مرحلة فنية متميزة، قدمت خلالها باقة من الأعمال التي تركت أثرا كبيرا في الساحة الغنائية، كما تعاونت مع الموسيقار فريد الأطرش في عدد من الأغاني الشهيرة، من أبرزها: “أنا عمري كام سنة”، و”يا حلاوتك يا جمالك”، و”يا أخي”.
سجلت فايزة أحمد أكثر من 320 أغنية لإذاعة القاهرة ، و80 أغنية للتلفزيون ، وشاركت في العديد من الحفلات الكبرى داخل مصر ، ومن أبرز أغانيها : “أحب كثيرا” كلمات فتحي سعيد ، ، “ست الحبايب” كلمات حسين السيد، “رسالة من امرأه” كلمات نزار قباني، إلى جانب عدد من الأغاني التي كتبها مرسي جميل عزبز منها : “بيت العز” ، “انا قلبي اليك ميال” ، و “ياما القمر عالباب” ، وكان أخر ما غنته المطربة فايزة احمد أغنية “حبيبى يا متغرب” من ألحان بليغ حمدي ، وغنتها أيضا الفنانة وردة .
في السينما ، شاركت في تسعة أفلام ، كان أبرزها “تمر حنة” عام 1957 ، “المليونير الفقير” عام 1959 ، “انا وبناتي” عام 1961 ، “منتهى الفرح” عام 1963 ، وأدت دور البطولة في أوبريت “مصر بلدنا” على مسرح البالون.
حصلت “كروان الشرق” خلال مشوارها الفني على عدة جوائز وتكريمات ، من بينها درع الجيش الثاني فى الأول من مايو عام 1974 ، ووسام من الرئيس التونسي الحبيب بورقيبه .
على الصعيد الشخصي ، تزوجت الراحلة من أحمد عمر نعامي، سوري الجنسية ، وصاحب فندق “هيلتون” ، وأنجبت منه ابنتها الوحيدة فريال ، ثم تزوجت الموسيقار المصري محمد سلطان وأنجبا طارق وعمرو، واستمر زواجهما 17 عاما قبل أن ينفصلا عام 1981 ، لاحقا تزوجت من الضابط عادل عبدالرحمن ، لكن زواجهما لم يدم طويلا ، فعادت إلى زوجها السابق محمد سلطان قبيل وفاتها ، بعد إصابتها بسرطان الثدي .
في 21 سبتمبر 1983 ، رحلت عن عالمنا الفنانة فايزة أحمد داخل منزلها بالقاهرة بعد صراع طويل مع المرض عن عمر ناهز49 عاما.
ورغم مرور أكثر من أربعة عقود على رحيلها، لا تزال فايزة أحمد حاضرة في الذاكرة الفنية العربية، بصوتها الذي امتزج فيه الشجن بالعذوبة، وبأغنياتها التي لا تزال تبث في الإذاعات والمناسبات وكأنها لم تغب يوما ، فقد تركت بصمة خالدة في وجدان محبيها، لتظل رمزا للصوت الصادق والإحساس الأصيل، وإحدى الركائز الراسخة في تاريخ الغناء العربي التي يصعب تكرارها.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)
