حذر السفير أسامة عبد الخالق، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، من أن استمرار إسرائيل في انتهاك سيادة الدول العربية يشكل خطرا على الأمن الجماعي الإقليمي والدولي، معبرا عن إدانة مصر للقانون الذي صادق عليه الكنيست الإسرائيلي والرامي إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وغور الأردن، وكذلك إدانتها لقيام إسرائيل باستهداف دور العبادة في كافة الأراضي الفلسطينية، وتعتبره انتهاكا سافرا للقانون الدولي الإنساني.
وقال السفير أسامة عبدالخالق، في كلمته أمام مجلس الأمن بشأن الأوضاع في غزة، مساء اليوم الأربعاء، إن المجموعة العربية تجدد دعمها للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس، كما تشدد على وجوب احترام الوضع القانوني والتاريخي القائم بالمقدسات في القدس، وتثمن دور لجنة القدس، وكذلك في بيت مال القدس في الدفاع عن المدينة وصمود أهلها.
وأضاف أن المجموعة العربية ترحب باعتماد قرار الجمعية العامة بدورته الاستثنائية العاشرة في 12 يونيو الماضي، وتدعو مجلس الأمن إلى دعم تنفيذ بنوده بالكامل، بما في ذلك إنهاء الاحتلال الإسرائيلي فورا ووقف المجازر وضمان الحماية الكاملة للمدنيين، كما تدعو المجتمع الدولى إلى تحمل مسئولياته دون تقاعس لإنهاء العدوان الإسرائيلي ورفع الحصار عن قطاع غزة وكافة الأراضي الفلسطينية، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
ولفت إلى مطالبة المجموعة العربية بمساءلة مرتكبي الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، بما يعيد الحياة الكريمة إلى أهل غزة، كما تدعو إلى دعم خطة التعافي المبكر وإعادة إعمار وتنمية غزة المعتمدة من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، والمشاركة بفعالية في المؤتمر الذي تعتزم القاهرة استضافته لحشد الدعم والتمويل لتلك الخطة التي تعد أساسا لمستقبل جديد للقطاع تحت حكم وإدارة السلطة الفلسطينية.
وشدد السفير أسامة عبدالخالق على أهمية انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة رفيع المستوى بشأن التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة برئاسة مشتركة بين السعودية وفرنسا، وفق ما تؤكد عليه المجموعة العربية والتي تدعو أيضا جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى المشاركة في ذلك المؤتمر المقرر في 28 إلى 30 يوليو الجاري.
وعبر مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة عن إدانة المجموعة العربية لانتهاك إسرائيل إعلان وقف الأعمال العدائية في لبنان بشكل يومي منذ دخوله حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024 بارتكاب الخروقات الجوية والبرية وشن الغارات يوميا، مما أدى إلى مقتل وجرح المئات، وفي المقابل يلتزم لبنان ببنود الاتفاق بالكامل ويعمل على تنفيذها بإصرار وبسرعة.
كما أدانت المجموعة العربية أيضا استمرار احتلال إسرائيل لخمسة مواقع حدودية في الجنوب اللبناني، إضافة إلى تعيين منطقتين عازلتين ضمن الأراضي اللبنانية ومنع الوصول إليهما، كما يمنع الاحتلال الإسرائيلي أيضا الانتشار الكامل للجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني ويعرقل حركة قوات “اليونيفيل”، ووصولها إلى بعض مواقعها الحدودية، وكل ذلك يشكل انتهاكا صارخا لسيادة لبنان وللقرار (1701) وخرقا فاضحا لإعلان الأعمال العدائية.
وفي هذا الإطار، تؤكد المجموعة العربية ضرورة أن يضطلع مجلس الأمن بمسؤولياته لإلزام السلطة القائمة بالاحتلال بالانسحاب الكامل والفوري الغير مشروط من كافة الأراضي اللبنانية المحتلة.
وقال السفير أسامة عبدالخالق، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، إن المجموعة العربية تشيد بالتقدم المستمر في نشر الجيش اللبناني جنوب “الليطاني” وإحراز تقدم في حصر السلاح وبسط سلطة الدولة، كما تدعو إلى توفير الدعم من الدول الصديقة لتعزيز قدرات القوات المسلحة اللبنانية والمساعدة في إعادة الإعمار وتأكيدها على الوقوف مع لبنان ودعم أمنه وحفظ سيادته.
وأعرب السفير أسامة عبدالخالق، في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي بشأن الأوضاع في غزة، عن إدانة المجموعة العربية عن إدانتها لاستباحة إسرائيل السيادة السورية من خلال الغارات الجوية التي شنتها مؤخرا على دمشق، وتدين هذا العدوان الذي يمثل اعتداء صارخا على سيادة دولة عربية شقيقة، مؤكدة أن هذه الغارات تمثل انتهاكا خطيرا للقانون الدولى ولميثاق الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن المجموعة العربية تشدد على أن أمن سوريا واستقرارها يمثلان جزءا لا يتجزأ من المنظومة الأمنية الإقليمية والدولية، وأن الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها يمثل التزاما عربيا ودوليا غير قابل للمساومة، كما تشدد على حرصها على شمولية العملية السياسية وأهمية القضاء على خطر العناصر والمجموعات الإرهابية والمقاتلين الأجانب.
وحذر مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة من أن استمرار إسرائيل لانتهاك سيادة الدول العربية يشكل خطرا على الأمن الجماعي الإقليمي والدولي ويقوض مصداقية النظام الدولي، كما أن المجموعة العربية تدين هذه السياسات العدوانية وتطالب مجلس الأمن بالتحرك الفورى وتحمله مسئولياته للتصدي لهذه الانتهاكات وإلزام إسرائيل بالوقف الفوري لعدوانها والانصياع الكامل للقانون الدولى والانسحاب من جميع الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية المحتلة.
وخاطب السفير أسامة عبدالخالق المشاركين في جلسة مجلس الأمن بالقول “إني أتحدث إليكم اليوم بصفتي الوطنية أيضا، فأدعوكم جميعا في موقف مواطن فلسطيني من أهلنا في قطاع غزة يتعرض لاعتداءات وجرائم ضارية لأكثر من عام ونصف العام أسفرت عن استشهاد أكثر من 58 ألف فلسطيني.. فليتخيل كل منكم مقتل أطفاله أمام عينيه.. لقد لحق بهؤلاء الشهداء 17 ألف طفل؛ فتخيلوا أنفسكم تنزحون لأكثر من 10 مرات، وتتعرضون لأسوأ حملة تجويع في القرن الحالي، وتطالبون بالحق في الحياة.. فيرفض هذا الطلب لرغبة إسرائيل في الانتقام الأعمى.. ضعوا أنفسكم مكان الفلسطينيين”.
وأضاف أنه “في هذا السياق المؤلم، تود مصر أن تؤكد على ما يلي: أولا: ستواصل مصر جهود الوساطة بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة لإرساء وقف إطلاق نار فورى ودائم، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى وفتح المعابر وإنفاذ المساعدات لقطاع غزة، دون أية عوائق، وتعتزم فور التوصل إلى هذا الاتفاق استضافة مؤتمر دولي بالقاهرة؛ لحشد الدعم والتمويل للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة بالتنسيق الكامل مع دولة فلسطين والأمم المتحدة.. ثانيا: تطالبكم مصر مجددا بإصدار مجلس الأمن لقرار يلزم إسرائيل بوقف اعتداءاتها على غزة وتنفيذ قرارات مجلس الأمن خاصة القرار (2735).. هذه مسئولية لا يمكن التنصل منها، وفي هذا القرار سيكون معززا للمفاوضات، ودافعا لتحقيق وقف إطلاق النار”.
وتابع مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة ” ثالثا: تطالب مصر أيضا بتدخل المجتمع الدولى الفوري لرفع الحصار الاسرائيلي عن غزة وإنهاء التجويع الرامي لإيصال القطاع لحافة المجاعة، والسماح بإدارة الأمم المتحدة وشركائها للعمل الإنساني بعد أن بات واضحا للعيان رفض المجتمع الدولي للنموذج الإسرائيلي الحالي (منظمة غزة الإنسانية) لكونه يتنافى مع القانون الدولي الإنساني والمبادئ الإنسانية كما عرفناها وتحويله لفخ للقتل أوقع المئات من المدنيين.. ولنكن صرحاء: هذه ليست آلية إنسانية، بل أداة لامتهان الكرامة الإنسانية والتجويع والقتل.. مشددا على رفض مصر القاطع لأية مخططات رامية لإنشاء ما يسمى بــ”مدن إنسانية في جنوب غزة”، والتي تعتبرها مصر تهجيرا قسريا وجريمة حرب لا يتعين قبولها تحت أي مبرر”.
وأكمل السفير أسامة عبدالخالق بالقول “رابعا: تشدد مصر على أمرين الأول: إنفاذ المساءلة إزاء الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل والتي يتفاخر بها عدد من مسئووليها، خاصة بحق الأطفال الذين تقتل إسرائيل منهم يوميا عدد فصل دراسي؟ .. والأمر الثاني هو: وجوبية إلزام إسرائيل بجلب الضرر والتعويض عن الدمار الذي تسببت به، وليس من العدل أن يسمح لإسرائيل بتدمير القطاع مرة تلو الأخرى؛ ليدفع المجتمع الدولي الثمن، وإنفاذ المساءلة والتعويض.. وهما الحل الوحيد لردع الجاني عن تكرار جرائمه،.. خامسا: تأمل مصر ألا يغفل مجلس الأمن عن الوضع الحرج الذي تمر به الضفة الغربية والقدس الشرقية على ضوء العمليات العسكرية الإسرائيلية وتصاعد جرائم المستوطنين وبناء المستوطنات وتزايد هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين من مساكنهم ومنع وكالة “الأونروا” من العمل والاقتحامات المتكررة للأماكن المقدسة في القدس والمساس بوضعها القانوني والتاريخي، خاصة المسجد الأقصى”.
واختتم السفير أسامة عبدالخالق مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة بالقول:”إذا كان هدف اليمين الإسرائيلي المتطرف إرهاب الشعب الفلسطيني للتخلي عن قضيته، فكافة الجرائم منذ دير ياسين وما بعدها لم تفلح في تصفية قضيته، بل على العكس إنها زادت الشعب الفلسطيني إصرارا على التمسك بحقه، ويجب أن تفهم إسرائيل وداعميها أن الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط لن يتحقق سوى بالتسوية السلمية لمسألة فلسطين بشكل عادل وشامل على أساس إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو وعاصمتها القدس الشرقية.. وهذا هو الحل الوحيد الذي يقبل بها الشعب الفلسطيني والشعب العربي”.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)

