تتأهب باريس لاستضافة المؤتمر الدولى لدعم سوريا، يوم الخميس المقبل، بحضور عربي وأوروبي ودولي واسع.
وتنظر إليه مصادرها على أنه النسخة الثالثة من مؤتمر العقبة الأول الذي التأم في 14 ديسمبر الماضى، وتبعه، بعد أقل من شهر، مؤتمر الرياض يوم 12 يناير .
وإذ ترى باريس أنه يندرج في سياق المؤتمرين الأولين مع عدد من التغييرات وبحضور أعم، لذا فإنها تبنّت تسميته « العقبة +» الذي سيجمع، طوال يوم كامل، وزراء 8 دول عربية ونظراءهم من ممثلي «مجموعة السبع» وست دول
أوروبية والولايات المتحدة الأمركية وتركيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي.
ويمثل سوريا وزير خارجيتها أسعد الشيباني، ولن تمثل أية مجموعة سورية أخرى كالأكراد أو غيرهم.
واللافت أن واشنطن ستمثل بموظفين كبار من «الخارجية» الأمريكية. وفي السياق عينه، فإن كلاً من تركيا والإمارات وقطر سترسل نائب وزير خارجيتها.
تجدر الإشارة إلى مشاركة المؤسسات المالية الإقليمية والدولية؛ نظراً لأن أحد أهداف المؤتمر بدء البحث في عملية إعادة الإعمار بسوريا.
وينقسم المؤتمر إلى قسمين؛ الأول صباحي، وهو على شاكلة ورشة عمل تضم ممثلين للدول العربية و«مجموعة السبع» والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والمؤسسات المانحة التي تقوم مهمتها على إثبات ما يمكن أن تقوم به الأسرة الدولية وتنظيم المساعدات الممكنة لدعم المرحلة الانتقالية أو لجهة إعادة الإعمار وإعادة إنهاض سوريا.
وسيجري عرض الخلاصات المشار إليها على الجلسة الوزارية العامة، بعد ظهر الخميس، والتي حرص الرئيس إيمانويل ماكرون على أن تكون له كلمة الختام. بَيْد أن فرنسا حرصت أيضاً على مشاركة المجتمع المدني السوري في
العملية، وسيظهر ذلك من خلال لقاء حواري يستضيفه معهد العالم العربي في باريس بعد ظهر الأربعاء، بمشاركة مجموعة من الناشطين المدنيين في سوريا. وسيركز اللقاء، الذي دعت إليه الجمعية السورية المسماة «المدنية»، على نقطتين: منع الإفلات من العقاب، والعدالة الانتقالية.
ومنذ سقوط نظام الأسد قبل أكثر من شهرين، تكاثرت الرؤى الإقليمية والدولية و«خرائط الطريق» لما هو مرتقب من السلطات الجديدة في دمشق. من هنا فإن للمؤتمر هدفين رئيسيين؛ من جهة تعبئة الموارد سواء أكانت من الدول، أم المؤسسات، لمساعدة سوريا، ومن جهة ثانية توحيد المطالب الخاصة وإبلاغ السلطات الجديدة المنتظر منها لجهة سلمية الانتقال السياسي وقيام سوريا الموحدة الجامعة لكل مكوناتها المتعددة وتوفير الأمن ومحاربة الإرهاب وتحقيق العدالة والمصالحة الوطنية، ولكن أيضاً الانخراط في الفضاء الإقليمي؛ بمعنى ألا تكون سوريا مصدراً لضرب الاستقرار في المنطقة.
ورغم أهمية المؤتمر، فإن باريس تحرص على تأكيد أن المؤتمر ليس للإعلان عن تعهدات مالية؛ سواء أكانت مِنحاً أم قروضاً أم أي شيء من هذا النوع، بل للنظر في استراتيجية تنسيق العمل الإنساني بين الهيئات والمنظمات الناشطة في سوريا، والتأكد من القطيعة مع الممارسات السابقة زمن نظام بشار الأسد.
أما ملف إعادة الإعمار فسيكون في صلب الاجتماع التاسع، الذي تستضيفه بروكسل تقليدياً. ووفق باريس، فإن المطلوب أن تُترك حرية الحركة لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية لتوفير وإيصال المساعدات في كل الأراضي
السورية، خصوصاً أن الأوضاع الإنسانية تتدهور بفعل العقوبات وبعودة عشرات الآلاف من السوريين من الخارج. ولن يبقى موضوع عودة النازحين واللاجئين السوريين إلى بلادهم ومناطقهم مطروحاً على المؤتمرين.
كان من المؤمّل أن يتطرق المؤتمر إلى ملف العقوبات المفروضة على سوريا من قِبل الولايات المتحدة أو من قِبل الاتحاد الأوروبي. بَيْد أن الأوروبيين لن يتطرقوا لهذا الملف باعتبار أن وزراء خارجيتهم توصلوا، في اجتماعهم الأخير ببروكسل، إلى اتفاق سياسي لرفع مجموعة من العقوبات التي تتناول قطاعات النفط والغاز والنقل؛ خصوصاً الجوي، والمعاملات المالية، ومن ثم فإن المفوضية الأوروبية، التي ستمثلها كايا كالاس، مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد، تعمل على الجوانب التقنية لبدء تنفيذ القرار السياسي المتفق عليه.
المصدر : وكالات

