خلف الهجوم الإسرائيلي المفاجئ على قيادة حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة نتائج عدة، أولها ضحايا مدنيين، وثانيها انتهاك لسيادة دولة وسيطة في الحرب على غزة، وآخرها وأهمها، “ضربة قوية لسمعة الولايات المتحدة الدولية”.
وقال تحليل لشبكة “سي أن أن”، على “افتراض صحة ادعاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه لم يكن بوسعه منع إسرائيل من شن غارة على مسؤولين من حركة حماس في قطر، فإنه قد تلقى ضربة قوية أخرى لسمعته الدولية”.
وتُعد هذه الغارة، التي تجاهلت إسرائيل آثارها الخطيرة على المصالح الأمريكية الحيوية، فضيحة جديدة لترامب، في وقت يواجه فيه تحديات من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي غادر قمة ألاسكا مبتسماً، ثم زاد من حدة هجماته على المدنيين الأوكرانيين.
ويقول التحليل، بعد 8 أشهر من وصول ترامب للبيت الأبيض، أصبحت حرباً أوكرانيا وغزة أكثر دموية، رغم جهود ترامب لإخمادهما.
ومن غير المرجح أن تؤثر الأحداث في الشرق الأوسط كثيراً على وضع ترامب السياسي في الداخل، لكن الهجوم الإسرائيلي في وضح النهار في الدوحة قد يُلحق ضرراً كبيراً بسمعة ترامب كقائد قوي يُخشى منه في الخارج.
ويعلل التحليل الأسباب، بالقول “ذلك لأن هذه الغارة انتهكت سيادة حليف أمريكي حيوي يستضيف أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط، وكان يتفاوض مع حماس بناءً على طلب البيت الأبيض بشأن خطة توقع ترامب أنها ستؤدي إلى اتفاق قريب”.
ويضيف التحليل، “لم تكن هذه مجرد إساءة شخصية لترامب، بل إنها وضعت أهداف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو فوق الأولويات الأمنية الحيوية للولايات المتحدة”، حتى بعد أن سارعت الإدارتان السابقتان للدفاع عن إسرائيل من هجمات إيران.
وأفادت “سي أن أن”، أن بعض مسؤولي البيت الأبيض شعروا بالغضب إزاء هذه العملية التي تمت بعد يوم من لقاء رون ديرمر، أحد مستشاري نتانياهو، مع ستيف ويتكوف، المبعوث الأمريكي، دون أن يذكر ديرمر أي شيء عن العملية التي من شأنها إحراج الرئيس الأمريكي.
وقال إدوارد جيريجيان، السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، في حديثه للشبكة: “تأتي هذه الهجمات في وقت حساس للغاية من مفاوضات وقف إطلاق النار، حيث أوضح الرئيس الأمريكي وإدارته ومبعوثه ويتكوف أنهم يسعون إلى وقف شامل لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الأسرى، والتوصل إلى حل نهائي لإنهاء الحرب في غزة”.
وأضاف جيريجيان، الذي شغل مناصب دبلوماسية في 8 إدارات أمريكية، بدءاً من إدارة الرئيس جون كينيدي ووصولًا إلى إدارة الرئيس بيل كلينتون: “من الواضح أن إسرائيل لا تولي اهتماماً كبيراً لمصالح الأمن القومي الأمريكية”.
ومن المتوقع أن تؤدي هذه العملية إلى إحباط أي أمل في التوصل إلى سلام عبر المفاوضات لإنهاء الحرب الإسرائيلية في غزة، وهو ما قد يكون أحد أسباب رغبة نتانياهو في تنفيذها. كما قد تكون لها عواقب وخيمة على الرهائن الإسرائيليين في غزة.
كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية اليوم الأربعاء، عن مزيد من التفاصيل المتعلقة بالهجوم الإسرائيلي المفاجئ على قيادة حركة حماس الفلسطينية في الدوحة، مشيرة إلى تلقي قطر وعوداً مسبقة بعدم حدوث مثل هذا الأمر من قبل واشنطن.
وأكد التحليل، أن الضربة “دليل آخر على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يولي أهمية أكبر للقضاء على حركة حماس، وهو أمر قد يكون مستحيلًا، من استعادة الرهائن”.
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فستكون هناك عواقب وخيمة أيضاً، فقد تتسبب هذه العملية في تدهور العلاقات بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي، وإثارة عدم الثقة بين إسرائيل وحليفتها الرئيسية الولايات المتحدة.
كما ستدمر هذه العملية أي مصداقية كانت لدى ترامب كمحاولته لعب دور وسيط بين إسرائيل وحماس، وقد تدفع قطر إلى الانسحاب من مفاوضات السلام. وقد اتهم رئيس الوزراء القطري إسرائيل بارتكاب “إرهاب الدولة”.
المصدر : وكالات

