هوس شعوب العالم بكرة القدم وجد مؤخرا مكانه المناسب فى الصين التى لم تكن يوما ما بلدا بارزا في هذه اللعبة الشعبية العالمية، حيث لم تتأهل لنهائيات كأس العالم سوى مرة واحدة فى عام 2002، ويحتل فريقها لكرة القدم المرتبة 81 في الترتيب العالمي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) من بين 204 دول، وهو ترتيب أضعف بكثير من دول صغري.
وفى ظل رئيس يعشق كرة القدم، تبحث الصين حاليا عن موطئ قدم لها على خريطة كرة القدم العالمية، يوازي ثقلها الصناعي والسياسي والعسكري وتأثيرها الدولي، ويعادل تصدرها لقائمة أكبر دول فى العالم من حيث تعداد السكان بما يقترب من 1.4 مليار نسمة ، خاصة بعد نجاحها في تنظيم أولمبياد المعاقين فى عام 2008.
أسباب عديدة يرجع إليها هذا الاهتمام من بينها رغبة وطنية في الظهور بمظهر جيد على الساحة الدولية، وتطوير كرة القدم في الأندية الصينية والمنتخب القومي، وتكوين قواعد جماهيرية للعبة، واستخدام المؤسسات التجارية للأندية لإيجاد حضور تجاري في أوروبا، وفى هذا الصدد يقول سيمون تشادويك، الأستاذ في كلية إدارة الأعمال بجامعة كوفنتري البريطانية إن “الصين تريد أن تكون مسيطرة وناجحة في كل شيء تقوم به.”
وبموجب ما أكده الرئيس الصينى شي جين بينج سابقا من رغبة في أن تفوز الصين بكأس العالم خلال 15 عاما، تسعى الصين للرقى إلى مركز تنال فيه احتراما عالميا باعتبارها جزءا من المجتمع الدولي لكرة القدم، وقد بدا الرئيس الصيني مساندا قويا لهذا الهدف، مستهدفا أن تمتلك بكين بحلول عام 2025 صناعة لكرة القدم بقيمة 840 مليار دولار، وعندئذ ستكون قادرة على المنافسة على كأس العالم لكرة القدم، وسيكون الفوز به هدفها الأسمي.
حلم الصين بأن تصبح قوة كروية عالمية عظمى تتناسب مع حجم التنين الصينى على الساحة العالمية، بدأ منذ أعلن الرئيس شى جين بينج عزمه على ذلك، محددا ثلاث محطات لتحقيق هذا الحلم، وهى استضافة بطولة كأس العالم، والتأهل إليها، والفوز بها، واضعا خطة إستراتيجية طموحة لإخراج بلاده من حالة السكون الكروى وجعلها قوة رياضية عظمى فى غضون سنوات قليلة، وهدفها إزالة غبار التخلف الكروى وتشجيع النشئ على مزاولة اللعبة، وهي مهمة غير سهلة لأن الأسر الصينية عادة ما تفضل أن يركز أبناؤها على الدراسة بدلا من الانشغال بالرياضة أو أن يتعلموا حرفة بدلا من امتهان كرة القدم.
وكشفت الصين النقاب عن أن استراتيجية مشروع الرئيس وهدفه أن تصبح “قوة عالمية عظمى في كرة القدم” بحلول عام 2050، مشيرة إلى أنها تعتمد على تشجيع 50 مليون شخص على ممارسة اللعبة بحلول عام 2020، وإنشاء 50 ألف مدرسة كرة قدم خلال السنوات العشر المقبلة، وتوفير 20 ألف مركز على الأقل للتدريب و70 ألف ملعب بحلول 2020.
من يتابع أخبار كرة القدم الصينية سيستنتج أنها ستشهد ثورة قد تغير قواعد اللعبة عالميا، فقد شهدت الأندية في الآونة الأخيرة أكبر موجة انفاق على هذه اللعبة، بتوقيعها عقودا مع لاعبين أجانب بمبالغ مذهلة (بحسب المعايير الآسيوية)، وتعكف البلاد في الوقت الحالي على إنشاء مدارس لكرة القدم على غرار مدارس الولايات المتحدة الامريكية، وتقوم هذه المدارس بتأهيل الشباب الموهوبين وتمكينهم من تحسين مهاراتهم في كرة القدم بالتوازى مع الدراسة، وربما الاستعداد لدخول الجامعة، والتدريب على ممارسة القوة الناعمة التي يمنحها الدوري الإنجليزى الممتاز لبريطانيا.