تسبب الصراع على صفقة بيع أصول شركة ” وارنر براذرز ديسكفري “، مالكة أحد أكبر وأعرق استوديوهات هوليوود في مخاوف واسعة داخل صناعة السينما في هوليوود، إذ أثارت مخاوف بشأن مستقبل المشاريع السينمائية وبيئة العمل في القطاع.
وتشمل الصفقة، التي تعتبر من الأكبر في تاريخ صناعة السينما الأمريكية، حقوق الملكية الفكرية، مكتبة الإنتاج السابقة، الأفلام القادمة، والبنية التحتية للإنتاج والتوزيع.
وفي الأسبوع الماضي، وافقت “وارنر براذرز” على بيع استوديوهاتها ومنصة البث المباشر “إتش بي أو ماكس” فقط – دون أن تشمل مجموعة شبكات التلفزيون التي تضم “سي إن إن” – إلى “نتفليكس” مقابل 83 مليار دولار.
ويرى كثيرون في هوليوود أن الصراع على شركة “وارنر براذرز ديسكفري” ينحصر في خيارين كلاهما مر؛ أولاهما إما الوقوع في براثن الشركة التي زعزعت أسس صناعة السينما، والآخر، وإما السقوط في يد شركة يعتقدون انها ترضخ للإدارة الأمريكية.
وتصف صحيفة “فاينانشيال تايمز” الأوضاع قائلة إن هوليوود تقف مصدومة في مواجهتها لتداعيات تلك الصفقة الوشيكة التي أثارت مخاوف الكثيرين بشأن مستقبل صناعة السينما.
وأشارت إلى أنه في ظل وجود مزايدين رئيسيين- “نتفليكس” وباراماونت”- تتصاعد حدة التوتر بين العاملين في الصناعة بشأن تداعيات هذه الصفقة.
وأثار عرض “نتفليكس”، البالغ 83 مليار دولار أمريكي، لشراء أصول “وارنر” للبث المباشر والاستوديوهات، استياء في هوليوود، لا سيما بسبب موقفها الرافض للعروض السينمائية التقليدية، التي وصفها الرئيس التنفيذي المشارك، تيد ساراندوس، مؤخراً بأنها “فكرة عفا عليها الزمن”.
في الوقت نفسه، يُثير عرض “باراماونت” المُغري، البالغ 108 مليارات دولار أمريكي، بقيادة الرئيس التنفيذي ديفيد إليسون، مزيداً من القلق، حيث يرى البعض أن للشركة علاقة متوترة مع الرئيس دونالد ترامب.
وترى الصحيفة البريطانية أن الاندماج الوشيك ينذر بمخاطر تسريح جماعي للعمال وانكماش سوق مشاريع الأفلام والتلفزيون، مما قد يُؤثر بشدة على وكالات المواهب والمخرجين والممثلين على حد سواء.
من جانبها، تتوقع “باراماونت” تحقيق وفورات في التكاليف بنحو 6 مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات بعد الاستحواذ، بينما تهدف “نتفليكس” إلى تحقيق وفورات تتراوح بين 2 و3 مليارات دولار، وذلك بشكل أساسي من خلال التكامل التكنولوجي.
وقد دفعت هذه التخفيضات المتوقعة في الوظائف، إلى جانب ضغوط الإضرابات الأخيرة وتراجع الإقبال على دور السينما، العديد من العاملين في هذا القطاع إلى التعبير عن قلقهم إزاء التحول الذي تُمثله هذه الصفقة.
وأعرب عمالقة صناعة السينما، مثل مخرج فيلم “أفاتار”، جيمس كاميرون، عن شكوكهم في مدى جدية “نتفليكس” في الحفاظ على العروض السينمائية. ووصف كاميرون تطمينات ساراندوس بأنها “طعمٌ للخداع”، مما يشير إلى عدم ثقة المبدعين في التزام “نتفليكس” الحقيقي بتوزيع الأفلام بالطرق التقليدية.
وبينما يُصر ساراندوس على أن “نتفليكس” تعتزم الالتزام باستراتيجية “وارنر براذرز” الحالية في إصدار الأفلام، لا تزال الشكوك قائمة نظراً لميل المنصة التاريخي إلى تقليل العروض السينمائية.
في المقابل، يُزيد انخراط “باراماونت” وتماهيها مع ترامب وقراراتها ذات الطابع السياسي، مثل تعيين باري وايس على رأس شبكة “سي بي إس نيوز”، وإحياء سلاسل أفلام تحظى بشعبية سياسية، من تعقيد نظرة هوليوود إلى عرضها.
وقد أدت هذه الاستراتيجية ذات التوجه السياسي إلى استياء بين رواد الصناعة الذين يخشون تراجع النزاهة الصحفية، لا سيما فيما يتعلق بقنوات مثل “سي إن إن”.
وعلى الرغم من كثرة الانتقادات الموجهة لكلا المتنافسين، يبقى هناك اعتراف بأن ساراندوس وإليسون يمتلكان شغفاً حقيقياً بالسينما. ومع ذلك، فإن التباين الصارخ في فلسفاتهما التجارية فيما يتعلق بهياكل دفع أجور المواهب وعلاقاتهما في الصناعة- ولاسيما تغيير “نتفليكس” لنماذج تقاسم الأرباح التقليدية- لا يزال يُثير القلق.
ومع تطور هذه الصفقة التاريخية، تجد هوليوود نفسها عند مفترق طرق حاسم، إذ لا تواجه فقط تداعيات عمليات الاستحواذ من قبل الشركات، بل أيضاً تغير عادات الجمهور وضرورة التكيف مع المشهد الترفيهي سريع التغير.
ويُشير الشعور السائد في هوليوود إلى تحول حتمي، حيث قد لا تحظى ممارسات صناعة الأفلام التقليدية بنفس المكانة السابقة.
المصدر: أ ش أ

