أبلغت الولايات المتحدة الأمريكية حلفاءها الأوروبيين باستعدادها لتقديم دعم عسكري واستخباراتي واسع النطاق لتمكين أية بعثة محتملة لحفظ السلام في أوكرانيا بعد الحرب، في خطوة تعكس تحولاً في الموقف الأمريكي تجاه مستقبل الأمن الأوروبي.
ويشمل العرض الأمريكي توفير أصول حيوية في مجالات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، إلى جانب أنظمة القيادة والتحكم، بالإضافة إلى طائرات عسكرية وأنظمة دفاع جوي متقدمة قادرة على تشكيل درع دفاعي بري وجوي فوق الأراضي الأوكرانية.
ويُتوقع أن يتضمن ذلك رادارات أرضية، وطائرات لوجستية، وربما نشر بطاريات دفاعية مثل “باتريوت”، بما يتيح فرض منطقة حظر طيران جزئية لدعم مهمة أوروبية على الأرض.
وجاء هذا العرض خلال سلسلة اجتماعات رفيعة المستوى عقدها مسؤولون أمنيون أمريكيون مع قادة عسكريين من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا في الأيام الأخيرة، حيث شددت واشنطن على أن مشاركتها ستكون مشروطة بالتزام الدول الأوروبية بنشر عشرات الآلاف من الجنود داخل أوكرانيا لتأمين مهام حفظ السلام. وفي الوقت ذاته، أكدت المصادر أن الولايات المتحدة لا تعتزم إرسال قوات برية خاصة بها، وإنما ستقتصر مشاركتها على دور داعم وتمكيني في الجو والاستخبارات.
ويُنظر إلى هذا التوجه بوصفه تحولاً عن الموقف الأمريكي السابق، الذي كان يستبعد أية التزامات أمنية طويلة الأمد بعد الحرب. ويأتي في وقت تدفع فيه دول أوروبية عدة، خاصة بريطانيا وفرنسا، باتجاه تعزيز القدرات الدفاعية للقارة وزيادة الإنفاق العسكري، في ظل استمرار حالة الغموض بشأن مستقبل المحادثات مع روسيا.
غير أن هذا المشروع يواجه تحديات كبيرة، خصوصاً مع بروز تردد داخل بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا وإيطاليا، حيث تعكس استطلاعات الرأي معارضة شعبية لفكرة إرسال قوات إلى أوكرانيا، ما قد يصعّب مهمة تشكيل قوة أوروبية ضخمة على الأرض.
ومع ذلك، ترى واشنطن أن توفير مظلة دعم استخباراتي ودفاعي أمريكي سيعزز قدرة الحلفاء على قيادة المهمة ويطمئن أوكرانيا بشأن التزامات الغرب بأمنها بعد الحرب.
من جهته صرح المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوف بأنه يعتزم لقاء ممثلين من أوكرانيا في نيويورك في وقت لاحق من هذا الأسبوع، بحسب ما نقلت “نيويورك بوست” New York Post، في ظل استمرار روسيا في التردد في التعامل المباشر مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وصرح ويتكوف ردًا على سؤال حول الخطوات التالية في جهود إدارة دونالد ترامب لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا: “سألتقي بالأوكرانيين هذا الأسبوع”. وأضاف المسؤول عن المفاوضات الروسية الأوكرانية: “سألتقي بهم هذا الأسبوع في نيويورك، وهذه إشارة مهمة”.
وسعى ترامب إلى عقد اجتماع ثنائي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزيلينسكي، على أمل أن يتيح لهما هذا اللقاء المباشر مناقشة شروط اتفاق سلام.
وأشار البيت الأبيض إلى انفتاح موسكو على عقد اجتماع على مستوى الرؤساء بعد لقاء ترامب بزيلينسكي وسبعة قادة غربيين آخرين في البيت الأبيض في 18 أغسطس ، إلا أن الكرملين نفى هذا الادعاء منذ ذلك الحين.
وشكك وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أيضًا في شرعية زيلينسكي كزعيم لأوكرانيا، مشيرًا إلى أن إجراء محادثات مباشرة وشخصية بين كييف والكرملين أمرٌ مستبعد. ومع ذلك، أشار ويتكوف إلى احتمال عقد قمة ثنائية.
وأكد ويتكوف أن بوتين أبلغ ترامب “قطعًا” خلال لقائهما في ألاسكا في وقت سابق من هذا الشهر برغبته في تحقيق السلام في أوكرانيا، وقدم اقتراحًا، أقرّ مسؤول إدارة ترامب بأنه قد لا يكون كافيًا لقبول الجانب الأوكراني.
وقال ويتكوف: “هناك اقتراح سلام مطروح”، مشيرًا إلى أنه “يتعلق بدونيتسك” و”قد لا يكون خيارًا يقبله الأوكرانيون”. ووصف المبعوث الخاص ترامب بأنه يشعر “بخيبة أمل” تجاه كل من أوكرانيا وروسيا بسبب بطء التقدم نحو السلام.
