قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنه جاء إلى لبنان لكي يتأكد من أنه سيتم تشكيل حكومة لإنقاذ البلاد وخدمة الشعب اللبناني، والبدء في مسار تنفيذ الإصلاحات، لاسيما على صعيد إصلاح قطاع الكهرباء وإعادة بناء ميناء بيروت البحري ومكافحة الفساد وتحقيق إدارة أفضل في القطاع المصرفي اللبناني.
وأكد ماكرون – في تصريح صحفي عقب وصوله مساء اليوم إلى مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت – أنه يلتزم بمتابعة إجراء لبنان للإصلاحات الضرورية اللازمة ووجوب أن تعتمدها الحكومة الجديدة التي يُجرى العمل على تشكيلها، مشددا على أن فرنسا ملتزمة بدعم لبنان وشعبه.
وأضاف: “جئت التزاما بالتعهد الذي كنت قد قطعته في زيارتي السابقة بالعودة إلى بيروت، وللوقوف على تطورات الوضع في شأن المساعدات الإنسانية التي قُدمت إلى لبنان عقب انفجار ميناء بيروت البحري، والتأكد من الشفافية ودور المؤسسات والمنظمات غير الحكومية التي تتلقى المساعدات، وسأتوجه غدا إلى ميناء بيروت للوقوف على ذلك الأمر بنفسي”.
وأشار إلى أن فرنسا ستنسق مع لبنان في شأن تقديم المساعدات الطبية، لاسيما وأن لبنان يعاني من أزمة وباء كورونا، لافتا إلى أنه حرص أيضا على المجيء للمشاركة في ذكري مرور 100 عاما على تأسيس لبنان.
وقال ماكرون: “نحن نتابع برامج المساعدات في مجالات التعليم والمدارس وكل أنواع المساعدات الضرورية لدعم الشعب اللبناني، وهذا التعهد ينطبق على الالتزام الفرنسي حول التعاون التقني الذي بدأنا بتقديمه إلى لبنان بناء على طلب الدولة اللبنانية في شأن التحقيقات الجارية لمعرفة أسباب وملابسات انفجار ميناء بيروت البحري”.
وتابع: “موقفي لا يزال قائما ولم يتغير إزاء الوضع السياسي في لبنان. رأيت أن العملية السياسية قد انطلقت في لبنان خلال الساعات القليلة الماضية عبر تكليف رئيس جديد للوزراء. لا يعود لي أن أوافق عليه أو لا، فهذا أمر من أعمال السيادة اللبنانية، ولكنني جئت لأتاكد أنه سيتم تشكيل حكومة مهمة لخدمة لبنان وشعبه، وإطلاق الإصلاحات وتحقيق العدالة”.
كان ماكرون قد وصل إلى لبنان، في تمام الساعة التاسعة والربع من مساء اليوم بتوقيت بيروت، في زيارة هي الثانية التي يجريها إلى لبنان خلال شهر أغسطس الجاري؛ وذلك لتقديم الدعم إلى الشعب اللبناني في مواجهة تداعيات كارثة انفجار ميناء بيروت البحري التي وقعت في 4 أغسطس، ودفع العملية السياسية في لبنان لا سيما نحو تنفيذ الإصلاحات اللازمة لتجاوز الأزمات الخانقة التي تشهدها البلاد.
وكان في استقبال ماكرون لدى وصوله مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت، نظيره اللبناني ميشال عون، حيث سيجري الرئيس الفرنسي سلسلة من اللقاءات خلال زيارته التي تستمر حتى مساء غد، كما يشارك في الاحتفال الذي سيقام غدا بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الدولة اللبنانية.
ومن المقرر أن يستهل الرئيس الفرنسي زيارته إلى لبنان بلقاء يعقده مساء اليوم مع المطربة اللبنانية فيروز في منزلها، على أن يعقب ذلك لقاء آخر يعقده مساء مع رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق زعيم “تيار المستقبل” سعد الحريري.
ويشمل جدول زيارات ماكرون إلى لبنان مشاركته صباح غدٍ في الاحتفال بمئولية لبنان بمحمية (أرز جاج) بمدينة جبيل في محافظة جبل لبنان، ثم لقاء يعقده مع ممثلي الأمم المتحدة في لبنان وهيئات المجتمع المدني والمنظمات الأهلية والمؤسسات الخاصة الذين يشاركون في عمليات رفع الأنقاض وإعادة بناء ميناء بيروت البحري والمناطق المتضررة بالعاصمة، وذلك على متن حاملة الطائرات المروحية الفرنسية (تونير) الراسية بميناء بيروت.
ويجري الاستقبال الرسمي للرئيس الفرنسي ظهر غد في قصر بعبدا الجمهوري، تعقبه زيارة إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي (المركز الطبي الرئيسي للتعامل مع حالات الإصابة بفيروس كورونا في لبنان) ثم لقاء مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي في قصر الصنوبر (مقر السفارة الفرنسية) ببيروت.
كما يجري ماكرون لقاء مع عدد من المسئولين السياسيين اللبنانيين داخل مقر السفارة الفرنسية عصر غد، قبل أن يختتم زيارته إلى لبنان بمؤتمر صحفي يعقده مساء غد داخل السفارة.
وكان الرئيس الفرنسي قد وجّه في زيارته الأخيرة إلى لبنان يوم 6 أغسطس، وبعد أقل من 48 ساعة من انفجار ميناء بيروت البحري، مجموعة من الرسائل السياسية إلى المسئولين والقادة السياسيين اللبنانيين، داعيا إياهم إلى تحمل المسئولية والبدء في إجراء الإصلاحات اللازمة لإعادة بناء نظام سياسي جديد يتجاوز التفرقة والانقسام والطائفية، محذرا من أن لبنان يمر بمجموعة من الأزمات الحادة التي تستوجب سرعة إجراء الإصلاحات.
أ ش ا