سيسجل التاريخ يوم ٢٩ نوفمبر أنه اليوم الذي شهد إسدال الستار على المشهد الأخير من محاكمة القرن التي استمرت فى نظر القضية المتهم فيها الرئيس الأسبق حسنى مبارك ونجليه ووزير خارجيته وستة من معاونية بقتل المتظاهرين إبان ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ ، والقضية منذ بدايتها وحتى الآن استمرت لمدة ثلاث سنوات ، فى سابقة هى الاولى من نوعها التى يحكم فيها على رئيس مصرى ويراه شعبه خلف القضبان .
سبق أن صدر حكم ضد مبارك بالسجن المؤبد في نفس القضية عام 2012 ، لكن محكمة الاستئناف أمرت بإعادة محاكمته ، حيث أن التهم الموجهة إلى المتهمين هي قتل المتظاهرين السلميين خلال أحداث ثورة 25 يناير ، والإضرار بالمال العام من خلال تصدير الغاز لإسرائيل ، لكن ، الرئيس الأسبق والمتهمون أعلنوا نفي جميع التهم الموجهة إليهم ، فيما أعرب مبارك عن ثقته من البراءة ؛ مؤكدا أن ” الكلمة الأخيرة للقضاء ولا تعقيب على أحكامه”.
وخلال الجلسات السابقة ، استمعت المحكمة إلى شهادات كل من وزير الدفاع الأسبق المشير حسين طنطاوي ، ورئيس أركان القوات المسلحة الأسبق الفريق سامي عنان ، ونائب رئيس الجمهورية الراحل اللواء عمر سليمان ، ووزير الداخلية الأسبق منصور العيسوي ، ومَن أعقبه في المنصب نفسه محمود وجدي ، وكذلك إلى مرافعات الدفاع عن المتهمين في عدد من الجلسات.
وعقب ذلك ، خصصت المحكمة عدة جلسات للمتهمين ليوجهوا كلامهم إليها أو لتوضيح بعض الأمور التي يرغبون في الحديث عنها ، وهو الأمر الذي أثار جدلا واسعا في مصر ، واعتبره كثيرون محاولة لتحسين صورة نظام “مبارك”، خاصة وأن آخر من تحدث كان الرئيس الأسبق نفسه ؛ إذ كانت كلماته أشبه بخطاب رئاسي وليس مرافعة لمتهم ، فضلا عن أنه غلب عليه الأسلوب العاطفي ، مثل الخطاب الثاني الذي ألقاه خلال ثورة 25 يناير2011.
وفي الجلسة قبل الأخيرة التي انعقدت في 27 سبتمبر الماضى ، أمرت هيئة المحكمة بعرض برنامج وثائقي عن مجلدات ومستندات القضية التي بلغ حجمها 160 ألف ورقة ، الأمر الذي انتقده خبراء قانونيون – حينئذ – واعتباره أمرا مستحدثا على المحاكمات ، إلا أن البعض اعتبرها نوعا من الشفافية للقضية ؛ إذ أظهر الفيلم مجلدات القضية وهى موضوعة في غرفتين داخل منزل القاضي ، ومقسمة تحت عناوين مختلفة في إطار تنظيم العمل بها.
وفي إطار الاستعداد لتأمين المحاكمة خلال الجلسة النهائية ، أعلنت قوات الأمن أقصى إجراءات التأمين لحماية المنشآت الهامة والحيوية والمواقع والمنشآت الشرطية ، ومراجعة تسليح الخدمات المعينة للتأمين بالأسلحة المناسبة؛ تحسبا لوقوع أي أعمال عنف عقب النطق بالحكم سواء جاء بالإدانة أو البراءة ، لاسيما أنها تأتي عقب يوم واحد من تظاهرات جماعة الإخوان والحركات الموالية لها.
وحكم البراءة ، كان الحكم المرجح لقضية القرن ؛ نظرا لما تقدم به الشهود من شهادات تفيد بتبرئة مبارك من إصدار أي أوامر بقتل المتظاهرين ، وكان أول فصل من فصول محاكمة القرن قد بدأ بأمر النائب العام في 28 فبراير 2011 بالتحفظ على أموال مبارك وأفراد أسرته داخل مصر ومنعهم من السفر في ضوء تحقيقات حول ارتكابهم جرائم مال عام.
وجدير بالذكر أن ردود أفعال الشارع المصري قد تباينت إزاء هذا الحكم وكانت “البوابة رقم 8” لمقر أكاديمية الشرطة، التي عُقدت فيها جلسات محاكمة الرئيس الأسبق، بمثابة النقطة الفاصلة بين مؤيدي ومعارضي الحكم، حيث تجمع العديد من أهالي القتلى الذين سقطوا خلال تلك الأحداث، على يسار البوابة، بينما تجمع عدد من “أنصار مبارك”، على يمين نفس البوابة.
فهناك المعارضين من أسر الشهداء، الذين حملوا صور أبنائهم، “مرددين الهتافات المناهضة للقضاء، ومطالبين بالقصاص من المتهمين”، و هناك أيضاً “أفراح أنصار الرئيس الأسبق”، الذين رددوا “الهتافات المؤيدة للقضاء، وحاملين الأعلام الوطنية.”
وعلى صعيد ردود أفعال القوى السياسية، هناك من اعرب عن احترامه لأحكام القضاء، إلا أن “الحكم لا يعد نهاية المطاف”، و أن “المعركة السياسية مستمرة.. من أجل تحقيق أهداف الثورة.. والمتمثلة في: عيش وحرية وعدالة اجتماعية.”
و هناك ايضا من اعرب عن استياؤه معارضا لهذا الحكم … مطالبا بالقصاص العادل لدماء الشهداء الذين سقطوا خلال أحداث ثورة 25 يناير.
المصدر: وكالات