وول ستريت جورنال: إسرائيل ألحقت أضرارًا بالغة بالبنية التحتية النووية الإيرانية دون القضاء على التهديد نهائيًا

كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، في عددها الصادر اليوم الإثنين، عن أن إسرائيل ألحقت أضرارًا بالغة بالبنية التحتية النووية الحيوية في إيران، واستهدفت أيضًا علماء نوويين ضمن هجماتها. ومع ذلك، لا تزال أقوى محطة لتخصيب اليورانيوم في طهران قائمة، رغم تصريح مسؤول إسرائيلي بوجود مؤشرات على احتمال وقوع انفجار في الجزء الواقع تحت الأرض من منشأة نطنز.
وأوضحت الصحيفة إن إسرائيل وجهت ضربة قاصمة لأجزاء من البرنامج النووي الإيراني، لكنها لم تدمر بعد أكثر المواقع النووية الإيرانية تحصينا، مما يترك لطهران طريقا محتملا نحو صنع القنبلة.
وذكرت الصحيفة، أنه بعد ثلاثة أيام من بدء حملتها، عطلت إسرائيل أجهزة الطرد المركزي في أكبر منشأة تخصيب إيرانية في نطنز، وقتلت ما يصل إلى 10 من كبار العلماء النوويين في البلاد، ودمرت أجزاء رئيسية من سلسلة الإمداد اللازمة لصنع قنبلة، وفقا لمسؤولين إسرائيليين ومسؤولين في الوكالة الذرية التابعة للأمم المتحدة.
وأضافت أن مسار الحملة العسكرية الإسرائيلية سيحدد ما إذا كانت تل أبيب ستحقق هدفها الذي سعت إليه لعقود، والمتمثل في تحييد البرنامج النووي الإيراني أو إعادته سنوات إلى الوراء، أم أن الأمر سيفضي إلى مخاطر كبيرة، قد تدفع إيران إلى طرد المفتشين الدوليين وتسريع جهودها لصنع قنبلة نووية.
وتابعت أن إسرائيل تحاول تدمير منشأة فوردو النووية الأكثر تحصينًا في إيران، حيث تُنتج إيران اليورانيوم عالي التخصيب لكن يعتقد الكثيرون أن فوردو، المقامة في عمق جبل بالقرب من مدينة قم المقدسة في إيران، لا يمكن تدميرها إلا بقنبلة أمريكية ضخمة خارقة للتحصينات.
ونقلت الصحيفة عن ريتشارد نيفيو، الذي عمل مفاوضًا مع إيران خلال إدارتي الرئيسين الأمريكيين جو بايدن وباراك أوباما قوله: “استهدفت إسرائيل حتى الآن أجزاء مهمة من البرنامج النووي الإيراني. ولكن إذا كنت قلقا بشأن حدوث اختراق نووي، فإن فوردو هي الحل الأمثل”.
ومع ذلك، فإن الضرر الذي ألحقته إسرائيل بالبرنامج النووي الإيراني كبير، حيث قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن الانقطاع المفاجئ للكهرباء في نطنز ربما يكون قد دمر بعض أجهزة الطرد المركزي الموجودة تحت الأرض، والبالغ عددها حوالي 14 ألف جهاز. وتُعتبر سلاسل أجهزة الطرد المركزي الطويلة، التي تدور لإنتاج اليورانيوم، هشة وقابلة للتعطل إذا لم تُغلق تدريجيًا.
كما صرح مسؤول إسرائيلي، بوجود مؤشرات على احتمال انفجار الجزء الموجود تحت الأرض من منشأة نطنز، إلا أنه شدد على الحاجة إلى تقييمات إضافية.
وقصفت إسرائيل أجزاءً حيوية من سلسلة الإمداد اللازمة لصنع قنبلة نووية. ففي مجمع أصفهان الإيراني وسط إيران، دمرت إسرائيل أربعة مبان، اثنان منها ضروريان لإنتاج سلاح نووي. أحدهما منشأة تحويل اليورانيوم الإيرانية، التي تحول اليورانيوم إلى الشكل الغازي اللازم لتغذيته في أجهزة الطرد المركزي. والثاني مصنع تصنيع الوقود الإيراني، الذي يُحول اليورانيوم المخصب إلى معدن اليورانيوم، الذي يشكل جزءا كبيرا من الرأس الحربي النووي.
وقال خبراء إنه ما لم تخزن إيران المعدات، فقد يستغرق الأمر من طهران ما يصل إلى عام لإعادة بناء مصنع تخصيب الوقود. ووفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لا تمتلك إيران مخزونات من معدن اليورانيوم عالي التخصيب الذي تحتاجه لصنع القنبلة.
كما قتلت إسرائيل ما يصل إلى 10 علماء نوويين إيرانيين، من بينهم قدامى اكتسبوا خبرة قيمة في بناء واختبار مكونات سلاح نووي منذ أكثر من عقدين فيما نفت إيران محاولتها صنع أسلحة نووية، وأكدت أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية.
ولا تزال هناك شكوك أخرى. فمصير مخزونات إيران من اليورانيوم المخصب، التي كانت مخزنة في حاويات في نطنز وأصفهان وفوردو، غير معروف. وقال المسؤول الإسرائيلي إن الإشارات الإيرانية الأخيرة إلى أنها قد توزع تلك الإمدادات في جميع أنحاء البلاد زادت من تقدير إسرائيل لأهمية ضرب إيران الآن.
ويحتوي المخزون على ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60% لتزويد حوالي 10 أسلحة نووية. وصرح ديفيد أولبرايت رئيس معهد العلوم والأمن الدولي، بأن إيران قادرة على استخدام مخزونها لتزويد تسعة أسلحة نووية بالوقود خلال شهر، و13 بنهاية الشهر الثاني إذا استطاعت مواصلة التخصيب في فوردو.
ويعتقد العديد من الخبراء أنه سيكون من الصعب على إسرائيل تدمير الجزء الداخلي من فوردو، الواقع في عمق الجبل.
حتى لو استطاعت إسرائيل تعطيل فوردو لفترة طويلة، فإن لدى إيران طرقا سرية أخرى محتملة لصنع قنبلة نووية إذا كان مخزونها من المواد سليما. ولسنوات، منعت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى لقطات كاميرات مواقع إنتاج أجهزة الطرد المركزي الخاصة بها.
ما يعني أنه قد تكون هناك أعداد كبيرة من أجهزة الطرد المركزي مخبأة، ويمكن تركيبها في منشأة سرية تحت الأرض بهدف إنتاج قنبلة نووية. ولا يشترط أن يكون هذا الموقع كبيرا جدا. يمكن لبضع مئات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة الأخرى أن تعمل على إنتاج مواد صالحة للأسلحة من المخزون في فترة قصيرة.
وقال أولبرايت، إن تأثير الهجمات الإسرائيلية قد قلل بالفعل من قدرة إيران على صنع سلاح نووي بشكل كبير لكن إسرائيل لا تزال بعيدة على الأرجح عن تحقيق ما يعتقد أنها تعتبره مقبولا والمتمثل في منع طهران من تجميع ما يكفي من المواد الصالحة للأسلحة لصنع قنبلة خلال أشهر، ومنعها على الأقل من بناء قنبلة لمدة عام.
وأضاف أولبرايت أنه لتحقيق الهدف الأول، يجب تدمير فوردو ونطنز بشدة، والتخلص من مخزون اليورانيوم المخصب. ولتحقيق الهدف الثاني، قد تحتاج إسرائيل إلى استهداف المزيد من العلماء النوويين وتدمير بعض معدات الاختبار والتشخيص والتصنيع التي تحتاجها طهران لصنع قنبلة نووية.
بدورها.. قالت سيما شاين الرئيسة السابقة لقسم الأبحاث والتقييم في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد، إن إسرائيل قد تجد نفسها في أسوأ الظروف، حيث يُشرعن هجومها طهران ويحفزها على الإسراع في جهد سري لصنع قنبلة نووية.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)