سنة 1972 : أصدر “نادي روما” توقعات بعنوان “حدود النمو” أكد فيها أنه باستمرار النمو العالمي فإن موارد العالم ستنضب مع نهاية القرن العشرين، وحتى الآن، وبعد مرور أكثر من أربعين عاما من صدور تلك التوقعات : فإن موارد العالم لم تنضب، وقد هز مثل هذا النوع من التوقعات التي توصف بأنها “علمية” ثقة كثيرين في الاعتماد عليها، ولكن – ومع هذا – يبقى السؤال مطروحا: هل هناك حدود لموارد العالم الطبيعية؟
مجلة “نيو إيكو نومي” الاقتصادية العالمية أدلت بدلوها في هذا الصدد: فرأت أنه من الطبيعي والبديهي أن تكون لموارد العالم حدود، لكن الخلاف على الطرق والوسائل العلمية الميتعملة في تقديرها وتعيين مستقبلها، وإلى أي مدى نعتمد عليها في التعامل مع أمور تتعلق بمصائر الناس؟
تدهشنا المجلة بأرقام توردها عن أثر التقدم التكنولوجي في حياتنا، فتؤكد أنه فيما لايكف الناس عن الحديث عن ارتفاع الأسعار المستمر: فإن التقدم جعل أسعار الكثير من السلع تنخفض إنخفاضا هائلا عما كانت عليه منذ 150 عاما، فمثلا إنخفضت أسعار موازين الحرارة وحشوات الأسنان بنسبة 98 في المئة!!
وتضيف: منذ سنة 1946 تزايد استهلاك العالم من النحاس والألومونيوم والحديد والزنك كثيرا،لكن القدرة على استكشاف مواطن هذه المواد واستخراجها وتجهيزها نمت أكثر وأكثر.. وبالتالي هي هي لم تنضب.
مع هذا: فإن القول بأن الموارد العالم الطبيعية لاتنضب أبدا نوع من الوهم الخطير، فالذي يحدث الآن ودور العلم والتكنولوجيا فيه ماهو إلا ” اعتصار الموارد إلى آخر قطرة” لا إضافة موارد جديدة، أوضوح مثال على هذا: ظهور البترول والغاز الصخريين على خريطة موارد الطاقة ليغير هذهخ الخريطة شديدة الأهمية جذريا، إن العلم لم يضف البترول والغاز الصخريينإلى موارد العالم الطبيعية: لكنه قدم الوسائل القادرة على استغلالهما فقط.
ثم تبرز بوضوح جوانب الآثار السلبية بيئيا “لاعتصار الموارد” والتي تجعل له حدودا حتمية: ومن أبرز الأمثلة الخطورة الجسيمة لايتغلال البترول والغاز الصخريين على البيئة.
ترى “نيو إيكونومي” أن “الفقر” واحد من أكبر “القتلة” في العالم: ذلك مثلا أن 25 في المئة من إجمالي الوفيات الناجمة عن الأمراض في العالم يحدث نتيجة الإصابة بأمراض من السهل معالجتها، لكن الفقر يحول دون هذا، والحل هو النمو الاقتصادي، وتورد أن الصين أخرجت 680 مليون شخص من نطاق الفقر خلال العقود الثلاثة الماضية عن طريق النمو اللاقصادي، إن تقليص الفقر يعني صحة أفضل وعمرا أطول ونوعية حياة أحسن.
النمو الاقتصادي – ومعه مكافحة الفقر – في مقابل استنزاف الموارد والاتلاف البيئي: معضلة المعضلات التي تواجه العلماء والاقتصاديين معا، لقد ظهر مفهوم “الاستدامة” وذاع وشاع كحل للمعضلة: لكن إلى أي مدى تكون “الاستدامة” هي الحل؟
هناك حقيقة لايمكن تجاهلها أوالإفلات منها: موارد العالم – في النهاية – محدودة.
مجدي غنيم: المحرر العلمي “قناة النيل”