دعا العاهل المغربي, الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس إلى تحقيق مصالحة وطنية صادقة برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس, مع تعبئة قوية للوسائل والإمكانات الذاتية, وتسخيرها للدفاع عن مدينة القدس في ظل الجهود الأميركية لإنجاح مفاوضات السلام.
وأضاف ملك المغرب أن حماية المدينة المقدسة من مخططات التهويد، ودعم المرابطين بها، لن يتأتى بالشعارات “الفارغة”، أو باستغلال هذه القضية النبيلة كوسيلة للمزايدات العقيمة.
وقال الملك – في خطاب ألقاه اليوم الجمعة بمدينة مراكش خلال ترأسه الجلسة الافتتاحية للدورة العشرين لاجتماع لجنة القدس بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن ووزراء خارجية الدول الأعضاء بلجنة القدس، والتى يمثلها من مصر وزير الخارجية نبيل فهمي ووزير المالية د.أحمد جلال – أن حماية القدس أمر عظيم وجسيم، يتطلب الثقة والمصداقية، والحضور الوازن في مجال الدفاع عن المقدسات الإسلامية.
وأشار إلى أن الأمر يقتضي بلورة مقترحات جدية وعملية، والإقدام على مبادرات واقعية، مع ضمان وسائل تنفيذها، وآليات تمويلها ذلك أن القضية الفلسطينية، بما فيها القدس الشريف، هي قضية الأمة الإسلامية جمعاء.
وأضاف أن الأمر مسئولية كبرى، أمام الله والتاريخ، مذكرا بالجهود المبذولة والتشاور مع الأشقاء والشركاء للدفاع عن الطابع العربي والإسلامي للقدس، وصيانة هويتها الحضارية، كمهد للديانات السماوية، ورمز للسلام والتعايش بين الثقافات.
كما أكد أن وكالة بيت مال القدس الشريف قامت بإعداد خطة خمسية من 2014 إلى 2018، للحفاظ على الموروث الديني والثقافي للقدس، وصيانة المسجد الأقصى المبارك، وباقي الأماكن المقدسة والمعالم الحضارية، والتصدي لإغلاق المؤسسات الفلسطينية الحيوية، ولمصادرة الأراضي والممتلكات بهذه المدينة السليبة.
وأضاف أن وكالة بيت القدس تحرص على توفير شروط النجاح لهذه الخطة، من خلال دراسة دقيقة لمختلف المشاريع التي تعتزم انجازها، مع تحديد مواعيد تنفيذها، ووسائل تمويلها، داعيا إلى تعبئة قوية للوسائل والإمكانات الذاتية، وتسخيرها للدفاع عن مدينة القدس المحتلة، باعتبارها قضية الأمة الإسلامية جمعاء.
وقال إن المساعي الدبلوماسية، على أهميتها، لا تكفي وحدها لتغيير الوضع على الأرض، مؤكدا حرصه “على تعزيز عمل لجنة القدس، بتكثيف وكالة بيت مال القدس الشريف لأعمالها الميدانية، التي لها أثرها المباشر والملموس في تحسين ظروف عيش المقدسيين”.
وأضاف أن الوكالة تبذل، بالتعاون مع مختلف المؤسسات الرسمية بالدول الإسلامية، والمنظمات الأهلية لدعم القدس، مجهودات دؤوبة للنهوض بقطاع التعليم من خلال صيانة المؤسسات التربوية، وشراء المباني وتحويلها إلى مدارس، كما تقوم بتحفيز الأنشطة الاقتصادية المدرة للدخل، ولفرص الشغل، وإصلاح وتجهيز المرافق الصحية، وإنجاز البرامج السكنية، وتوفير المرافق الاجتماعية والثقافية خاصة للشباب.
وقال إن “طموحنا يتجاوز بكثير الإمكانات المحدودة، التي تتوافر عليها الوكالة، بسبب ضعف المساهمات المنتظرة في ميزانيتها”.
كما أكد الملك محمد السادس، أن القدس هي جوهر القضية الفلسطينية، وأنه لا سلام بدون تحديد الوضع النهائي للقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.
وأضاف الملك، اليوم الجمعة في خطاب ألقاه خلال ترؤسه افتتاح الدورة العشرين للجنة القدس المنعقدة بمراكش، أن تحقيق السلام مرهون بتنفيذ إسرائيل لالتزاماتها، لا سيما خارطة الطريق، التي اعتمدها الرباعي الدولي، وأقرها مجلس الأمن فضلا عن الآفاق التي تفتحها مبادرة السلام العربية.
وشدد على أن حجر الزاوية في تقوية الموقف الفلسطيني يظل هو “تحقيق مصالحة وطنية فلسطينية صادقة، قوامها وحدة الصف الفلسطيني، بقيادة السلطة الوطنية الشرعية، برئاسة الرئيس محمود عباس أبو مازن، الذي نؤكد دعمنا للجهود التي يبذلها في خدمة الشعب الفلسطيني الشقيق”.
وأعرب عن أمله في أن تكون هذه المصالحة “بناءة تضع المصالح العليا للشعب الفلسطيني فوق كل اعتباره وفي طليعتها إقامة دولته المستقلة، على أرضه المحررة، وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش في أمن وسلام ووئام مع إسرائيل” قائلا: “أن القدس السليبة” ستظل في صدارة انشغالاتنا، وفي صميم وجدان شعوبنا الإسلامية”.
ودعا الملك إلى تعزيز جو الثقة بين الأطراف المعنية، من خلال الامتناع عن كل الممارسات الاستفزازية التي من شأنها نسف هذا المسار، والتحلي بالواقعية وروح التوافق، الكفيل بنجاح المفاوضات، مضيفا، في نفس السياق، أنه يتعين التحلي باليقظة، وتظافر الجهود، لقطع الطريق أمام جماعات التطرف والظلامية، التي تحاول استغلال القضية النبيلة للدفاع عن القدس، لنشر العنف والإرهاب بالمنطقة.
وشدد الملك على أنه ينبغي، أمام هذا الوضع، توطيد العمل العربي والإسلامي المشترك، وتوحيد الصفوف، وانتهاج أساليب مبتكرة، والإسهام البناء في تجسيد إرادة السلام داعيا ، في السياق نفسه، إلى نهج استراتيجية عملية وناجعة، تقوم فيها لجنة القدس بدور حاسم، كآلية دائمة لمنظمة التعاون الإسلامي.
المصدر: وكالات