سنة 1828 .. تم اكتشاف عنصر جديد من العناصر الكيميائية ، أطلق عليه “الثوريوم” وهو فضي اللون ، يستعمل في الهندسة النووية .. إذ يتحول عند قذفه بالنيوترونات إلى الوقود النووي “يورانيوم 233” ، وهو يستعمل في أجهزة “أشعة رونتجن” ويدخل في صناعة سبائك تستخدم في المحركات الصاروخية والقذائف الموجهة وأجهزة الرادار ، أي أنه كان مهماً دائماً .. إلا أنه مرشح بقوة لاكتساب أهمية أكبر بكثير في المستقبل القريب ، كقادم له شأن في عالم الطاقة .
مفاعلات توليد الكهرباء نووياً الشائعة حالياً نوعان “مفاعلات اليورانيوم” و “مفاعلات البلوتونيوم” وإشعالهما الأكبر ..إمكان استعمال الوقود المستخدم فيهما – عند درجة تخصيب معينة – في صناعة القنابل النووية .
لكن استعمال “الثوريوم” في تشغيل محطات الطاقة النووية يخفض إلى حد كبير إمكانية الولوج إلى التطبيقات النووية العسكرية : نؤكد يخفضها فقط إلى حد بعيد لكنه لايلغيها تماماً ، وهذا في حد ذاته يمنح “الثوريوم” نقطة قوية لصالحه كوقود نووي ، يضاف إلى هذا : أن وفرة “الثوريوم” في الطبيعة ثلاثة أو أربعة أضعاف وفرة اليورانيوم .
في الهند مركزان مهمان للبحوث النووية : هما “مركز غاندي للبحث الذري” و”مركز بها بها للبحث الذري” ، والمركزان يتعاونان الآن لجعل “الثوريوم” لاعباً سياسياً في ساحة الطاقة النووية في العالم ، لسبب بسيط : الاحتياطات الكبيرة من خاماته المتوفرة في الأراضي الهندية ، ويريد الهنود صيد عصفورين بحجر واحد : بتصدير هذا الوقود النووي ، وأيضا بتصدير تكنولوجيا المفاعلات القائمة عليه .. والتي يقوم المركزان بتطويرها ، وقد أعلن المركزان عن الأمل في أن يصبح “الثوريوم” وقوداً نووياً أساسياً .. وأن يبدأ منافسة الوقودين الحاليين “اليورانيوم” و”البلوتونيوم” في غضون الأعوام العشرة القادمة .
عالم مصري نووي بارز في هذا المجال أفصح لموقع “قناة النيل” الإخباري عن تشككه في تقدير المركزين الهنديين ، ويرى أن طموح الهند يتطلب تحقيق أمد أطول من الأعوام العشرة .
ويرى “د . وليد زيدان” أستاذ الهندسة الكيميائية النووية أن الاتجاه إلى “الثوريوم” كمصدر للطاقة النووية اتجاه مهم ، لكن تعامل الخبراء مع مفاعلات “اليورانيوم” و”البلوتونيوم” تعامل قديم عبر عشرات السنين .. وبالتالي فإن الخبرة المتراكمة في الأمان النووي لها يجعلها أكثر أماناً ، وهو زاوية لها اعتبارها الجوهري .
كما يرى “د . زيدان” الذي يشغل منصب نائب رئيس “هيئة الرقابة النووية والإشعاعية” في مصر أن التوصل إلى إنشاء محطات نووية تعتمد على “الثوريوم” على المستوى التجاري أمامه عقبات متعددة لكنه – في النهاية – قادم .
تؤكد “أكاديمية العلوم الصينية” في الوقت نفسه أن لدى الصين أكبر برنامج من نوعه في العالم لبحوث “الثوريوم” ، يعمل فيه 450 عالماً ومهندساً حالياً يزيدون إلى 750 العام القادم ، ويشهد نفس العام تشغيل “مفاعل ثوريوم” تجريبي – تمتلك الهند مثيلاً له – ويشغل “معهد شنغهاي للفيزياء التجريبية” مفاعلا آخر أكثر تقدماً سنة 2017 .
ويقول “د . زيدان” إن العلماء المصريين ليسوا بغافلين عن بحوث “الثوريوم” ، خصوصاً وأن مصر تمتلك خاماته .. حيث أنه من عناصر “الرمال السوداء” الموجودة في مصر .
مجدي غنيم : المحرر العلمي لـ “قناة النيل”