قال صندوق النقد الدولي إن المواجهات العسكرية في أوكرانيا و ما نجم عنها من تداعيات على أسعار السلع الغذائية فى العالم سيكون للبلدان الفقيرة النصيب الأكبر من تحمل أعبائها، مشيرا في احدث تقاريره إلى أن اسعار السلع الغذائية التى شهدت ارتفاعات متوسطها 1ر23 فى المائة فى العام 2021 مرشحة لارتفاعات جديدة قد تكون هى الاشد وطأة على البلدان النامية و الفقيرة و لتشكل اعلى معدل تضخمى فى اسعار الغذاء منذ العام 1961 يشهده العالم.
وذكر صندوق النقد في تقريره إلى أن توقف عمليات حصاد المحاصيل الزراعية فى الحقول الأوكرانية و العقوبات الاقتصادية و التجارية المفروضة على روسيا بما في ذلك صادرات الحبوب سيقود إلى ارتفاعات مذهلة فى اسعار الغذاء عالميا فى الاشهر القادمة بالنظر إلى كون روسيا و اوكرانيا أحد أكبر بلدين فى العالم لتصدير الحبوب و يمثلان معا مصدرا لنسبة 30 فى المائة من انتاج العالم من القمح و 18 فى المائة من انتاج العالم من الذرة.
ولفت التقرير إلى تعثر عمليات الشحن عبر موانىء البحر الأسود و التى باتت مغلقة بسبب تداعيات القتال فى أوكرانيا ، مشيرا إلى ما أدى اليه ذلك من ارتفاع قياسى في اسعار الحاصلات فى بورصة حاصلات شيكاغو العالمية فى الاسابيع القليلة الماضية وهى الارتفاعات التى من المتوقع استمرارها بقية العام 2022.
وبحسب خبراء صندوق النقد الدولي يلتهم استهلاك الغذاء لمواطني البلدان النامية و الفقيرة نسبة لا تقل عن 40 فى المائة من اجمالي مداخليهم النقدية وهى النسبة التى لا تتجاوز 17 فى المائة فى البلدان المتقدمة و الغانية، كما ان استهلاك الحبوب و الاعتماد عليها كمصدر للطاقة بالنسبة لأبناء الدول النامية و الفقيرة يشكل البند الاساسى لسد احتياجاتهم الغذائية ، بينما مواطنى البلدان النامية لا يعد الامر كذلك اذ تتعدد امامهم الخيارات الغذائية الافضل.
و استنادا الى المعطيات السابقة ، أكدت دراسة صندوق النقد الدولى ان تداعيات الازمة الاوكرانية الروسية العسكرية من منظورها الغذائى ستكون اشد وطأة على سكان البلدان النامية مقارنة بالدول الغنية ، و اشارت الدراسة الى ان نصيب تكتلات العالم النامي ستتفاوت تثايرات تلك التداعيات عليها بحسب ثقافة غذاء سكان اقاليم العالم ، و على سبيل المثال قالت الدراسة ان القمح هو القاسم المشترك فى غذاء شعوب الشرق الاوسط و افريقيا كمصدر اساسى للطاقة إذ يشكل القمح 25 فى المائة من استهلاكهم للحبوب ، اما فى جنوب اسيا فلا تتعدى نسبة القمح فى مكون غذاء سكان بلدان آسيا الأقل نموا نسبة 7 فى المائة ، وفى المقابل يشكل الارز نسبة 42 فى المائة من مصدر الطاقة الغذائية للاسيويين الفقرا من ابناء دول القارة الاقل نموا.
و لفت صندوق النقد الدولي في دراسته كذلك الى ان تراجع إمدادات الاسمدة و المخصبات الزراعية إلى المنتجين الروس و الاوكران و ارتفاع اسعار البترول فى الاسواق الدولية و ارتفاع كلفة الحصاد كلها عوامل قد تجمعت لتصب فى خانة ارتفاع اسعار الحبوب فى الاسواق العالمية بعد خروج المعروض الروسى و الاوكرانى بصورة رئيسية منها ، ثم تأتى تداعيات العمليات العسكرية لتفاقم من تلك الازمة بصورة كبيرة بما يهدد الأمن الغذائى العالمى فى المنظور القريب.
كما أشار التقرير الى ما دعا اليه خبراء منظمة الاغذية و الزراعة العالمية كلا من الولايات المتحدة و الصين إلى خفض مستويات انتاج وقود الايثانول العضوى المستخلص من الذرة لصالح زيادة معروض الذرة فى الاسواق العالمية ، و من المعروف ان الولايات المتحدة تستهلك 40 فى المائة من انتاجها من الذرة فى إنتاج وقود الايثانول ، وبالنسبة للصين فقد دعاها تقرير صندوق النقد الدولى الى الافراج عن كميات اكبر من انتاجها الضخم من القمح و الذرة و تصديره الى اسواق العالم باسعار اقل .
المصدر : أ ش أ