ربما – أو بالتأكيد – بدرجة أقل : يشغل توفير الغذاء المجتمعات الغنية كما يشغل المجتمعات الفقيرة ، فمشاكل البشر واحدة في جوهرها وأساسها : وفي مقدمتها مشكلة توفير الطعام للأفواه الجائعة ، ومن هنا جاءت أساليب “الزراعة المكثفة” ، التي تسعى لإيجاد إنتاج زراعي وفير .. باستغلال أقل قدر ممكن من الموارد ، وأولها الأرض الخصبة الصالحة للزراعة ، التي يهدف الناس إلى زيادة رقعتها ، وتعمل ظروف كثيرة معاكسة على انكماشها ! وهاهي جهات مختلفة في ولاية “بنسلفانيا” الأمريكية تتضافر على استعمال وسائل “الزراعة المكثفة” في تحقيق تجربة مهمة : تقوم على تحويل قطعة من حديقة عامة إلى إنتاج خضروات لتلبية احتياجات سكان المنطقة المحيطة بالحديقة .
تؤكد مجلة “ذى بنسلفانيا جازيت” أن بشائر التجربة ممتازة ، وهي تجري في مدينة “فيلادلفيا” كبرى مدن “بنسلفانيا” ، وتوضح المجلة التي تصدر عن “جامعة بنسلفانيا” أن التجربة تحت الإشراف العلمي للجامعة و “جمعية فيلادلفيا لفلاحة البساتين” ، وهي تهدف إلى زراعة أنواع كثيرة : في مقدمتها الباذنجان والفلفل والطماطم والبازلاء والفاصوليا والبامية في أجزاء تخصص لها في الحدائق العامة .
التجربة تأتي في إطار التطور السريع لفرع حديث نسبيًا من البحوث الزراعية : هو “تزريع المدن” أو “الزراعة الحضرية” ، وهو يرمي إلى أن توفر المدن طعامها ذاتيًا ولو جزئيًا ، وهو يحاول تحقيق هذا بسبل شتى : منها زرع الأشجار المثمرة في الشوارع ، ونشر تكنولوجيا الزراعة من دون تربة أو “الهيدروبونيكس” ، وتربية نحل العسل في المدن ، وهاهو اتجاه جديد يظهر : هو الزراعة المكثفة للخضروات في الحدائق العامة .
حديقة ” بارترامز جاردن” في “فيلادلفيا” هي مسرح التجربة : التي تقوم على إيجاد نظام زراعي تعاوني لإدارتها ، ويشارك فيها طلبة مدارس المنطقة المحيطة بها .
ضمن هذا الإيطار : تأسس في الحديقة مركز للبحوث : مهمته تطوير زراعة الخضر في الحدائق العامة ، بهدف تعميم التجربة على نطاق واسع .
وتبعًا “لذى بنسلفانيا جازيت” ومن زاوية أخرى : فإن التجربة تمضي على طريق “الزراعة البيئية” ، التي تراعي العوامل البيئية المختلفة من كل نواحيها ، فعل الاستخدام الأمثل لمياه الري واستعمال الكيماويات الزراعية : من مخصبات ومبيدات ومنشطات النمو ، على نحو يراعي دائمًا أن الزراعة تتم في الحضر لا الريف .
المصدر : مجدي غنيم المحرر العلمي لقناة النيل