الاتجاه السائد الآن بين علماء الفضاء يرى أنه مادام الروبوت موجوداً ولايتوقف عن التطور : فلماذا لانستغله كوسيلة أساسية في استكشاف الفضاء ، ونقلع عن التركيز على الاعتماد على رواد الفضاء من البشر ؟ إن التصور الأقوى حالياً لاستكشاف المريخ يرتكز على إرسال نظم روبوتية إليه .. بعد أن أثبتت هذه النظم جدارتها التامة في الاستكشاف ، ويبدوا أننا مقبلون على نقلة نوعية كبرى في الاستكشاف الفضائي بواسطة الروبوت : تتجاوز به المجموعة الشمسية ، وتنطلق به إلى خارجها .
مجلة علمية أمريكية مرموقة كشفت عن خطة تعدها وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” ووزارة الطاقة الأمريكية لإطلاق صاروخ يتجاوز مداه لأول مرة النظام الشمسي كله ويبلغ الفضاء الواقع بين النجوم .
وتفيد مجلة “فيزيكس توداي” بأن الفكرة بدأت في ورشة عمل نظمتها “ناسا” سنة 1998 بعنوان “الاستكشاف الروبوتي لما بين النجوم في القرن الحادي والعشرين” ، ومنذ ذلك الحين : استمر الروبوت في التطور بقفزات متلاحقة ، وتوالى نجاحه في عمليات الاستكشاف الفضائي .. خصوصاً في استكشاف المريخ .
جعل هذا آمال العلماء وطموحاتهم تنطلق على أساس قوي من الواقع : إلى تجاوز نطاق الاستكشاف من الكواكب إلى النجوم .
من المستحيل تماماً طبعاً إرسال مركبات إلى النجوم : لكن من الممكن إرسال مركبات تقترب بقدر الإمكان من نجم قريب لدراسته .
هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى : فإن دراسة الفضاء الكوني الواقع بين النجوم أمر بالغ الأهمية للعلوم الفيزيائية والفلكية ، فهذا “الفضاء” ليس فراغاً يخلو تماماً من المادة : بل به مادة مكونة من غاز وغبار ، وتحدث فيها تفاعلات فيزيائية وكيميائية مهمة للغاية تجب دراستها .
وتضيف المجلة التي يصدرها “معهد الفيزياء الأمريكي” : إن وصول صاروخ إلى خارج المجموعة الشمسية يتيح أيضاً دراسة الكواكب الواقعة في هذا النطاق البعيد ، والتي اكتشف وجودها لأول مرة في أواخر القرن الماضي وغيرت نظرتنا إلى الكواكب وأكدت أن وجودها لايقتصر على المجموعة الشمسية وحدها : بل هي توجد في الكون بأعداد لاحصر لها ، وسيكون من مهام الاستكشاف الروبوتي لما وراء النظام الشمسي البحث عن دلائل على وجود حياة في هذه الكواكب .
اهتمام “ناسا” بهذا الشأن مفهوم تماماً : لكن مابال وزارة الطاقة تهتم به وتشارك في خطة من أجل تحقيقه ؟
مشاركة الوزارة في العمل على إيجاد صواريخ يتجاوز مداها المجموعة الشمسية يأتي من زاوية أن هذه الصواريخ ستنطلق بمحركات ليس لها مثيل في قوتها : ووجود هذه المحركات سيكون معناه الدخول بتكنولوجيا الطاقة عصراً جديداً تماماً لايقتصر أثره على المحركات الصاروخية وحدها .
الاستكشاف الروبوتي للفضاء خارج المجموعة الشمسية سيكون ميلاداً جديداً بمعنى الكلمة لعلوم وتكنولوجيا الفضاء .
المصدر : مجدي غنيم المحرر العلمي لقناة النيل