قررت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة اليوم برئاسة المستشار مصطفى حسن عبد الله، تأجيل محاكمة عدد من كبار قيادات جماعة “الإخوان” الإرهابية إلى جلسة 5 يوليو المقبل، وذلك في قضية اتهامهم بالقبض على أحد المواطنين واحتجازه وتعذيبه وهتك عرضه وصعقه بالكهرباء داخل مقر إحدى الشركات السياحية بميدان التحرير.
وجاء قرار التأجيل لاستكمال الاستماع إلى أقوال شهود الإثبات في القضية ومناقشتهم بمعرفة المحكمة والدفاع، وطالب عدد من المتهمين في بداية الجلسة بتمكين ذويهم من زيارتهم في محبسهم، وأيضا السماح لهم بالالتقاء بالمحامين المدافعين عنهم، حتى يتسنى لهم التشاور والتنسيق بشأن أوجه الدفاع في القضية.
واستمعت المحكمة إلى شهادة رمضان سيد “بائع صحف بميدان التحرير”، والذي قال في شهادته أمام المحكمة “إنه كان متواجدا في الميدان حينما سمع أنه تم إلقاء القبض على “ضابط شرطة” بين المتظاهرين، وأنهم أدخلوه مقر إحدى الشركات السياحية.. مشيرا إلى أنه حينما استفسر عن تفاصيل احتجاز “هذا الضابط” أكد له عدد من المتظاهرين أن من بداخل الشركة يقومون بضرب الضابط المحتجز”.
وأضاف الشاهد أنه لم ير القائمين بعملية الاعتداء على الشخص المحتجز، لأنه كان يجلس في محل عمله ويقوم ببيع الصحف.
ومن جانبه، قال الشاهد سامي رشدي مسئول أمن إداري بأحد العقارات بميدان التحرير “إن أعضاء جماعة “الإخوان” كانوا يتواجدون داخل مقر شركة “سفير للسياحية”، وأنه قد تحررت محاضر ضدهم لأنهم كانوا يتواجدون داخل مقر الشرطة بالقوة، موضحا أنه لم ير بنفسه وقائع التعدي والتعذيب على المحامي المجني عليه، ولم يعلم بها”.
وذكر الشاهد سمير محمود مالك محل بميدان التحرير أن معلوماته نقلا عن المتواجدين بالميدان، تنحصر في أن قيادات وأعضاء جماعة “الإخوان” كانوا يهيمنون على مقر شركة السياحة المذكور، غير أنه لم يتسن له مشاهدة هذا الأمر أو مشاهدة وقائع التعذيب.
ومن جهته، قال الشاهد فوزي سامي رئيس قسم التصوير الجنائي بمصلحة الأمن العام “إنه تولى فحص المقاطع المصورة التي سجلت عليها وقائع التعذيب، مشيرا إلى أنه لا يتذكر على وجه الدقة تفاصيل القضية لمرور وقت طويل عليها، فضلا عن أنه يقوم بأعمال فحص لمقاطع مصورة عديدة بحكم وظيفته، ومن ثم فإنه لا يستطيع تذكر الأحداث”.
وأشار المقدم عاطف رشدي الضابط بإدارة التصوير الجنائي بمصلحة الأمن العام إلى أنه قام بفحص المقاطع المصورة الخاصة بالواقعة، وأنه قام بنفسه بالذهاب بصحبة النيابة العامة إلى مقر الشركة لمضاهاة ما تضمنته تلك المقاطع بتفاصيل مكان الاحتجاز للمجني عليه، مؤكدا أنه تبين أن تصوير الوقائع كان في نفس المكان الذي تم معاينته.
وقال الشاهد محمد سيد ضابط بقطاع الأمن الوطني ومحرر التحريات في الوقائع موضوع القضية “إن تحرياته السرية التي باشرها، أكدت أن المتهمين في القضية كانت قد أسندت إليهم مهمة “السيطرة على ميدان التحرير” وتشكيل لجان من شباب “الإخوان” تتولى تفتيش وفحص من يدخلون ويخرجون إلى الميدان، وأن تلك اللجان كانت تخضع لإشراف مباشر من المتهمين أسامة ياسين وصفوت حجازي، وضبط المشتبه بهم من رواد الميدان، وذلك على نحو ما جرى مع المجني عليه”.
وأضاف أنه عقب احتجاز المواطن المجني عليه، تم إخطار ياسين وحجازي، واللذين قاما بدورهما بتوجيه المجني عليه إلى مقر شركة سفير لاستجوابه والوقوف على شخصيته، بعد أن أشاعوا في الميدان أن هذا الشخص المحتجز هو “ضابط بمباحث أمن الدولة”.
وقرر الضابط الشاهد أن التحريات أكدت تعرض المواطن المجني عليه لتعذيب بدني وضرب مبرح، وأن تلك الاعتداءات باشرها المتهمون حازم فاروق وعمرو زكي ومحمد البلتاجي، في حين كان دون محمود الخضيري هو استجواب المواطن المحتجز.
وأكد الشاهد أن المتهمين بثوا شائعات بين المتظاهرين والمتواجدين في الميدان، بأن ضابطا كان يقوم بجمع المعلومات عن المتظاهرين، وأنه تم احتجازه، وذلك في إطار مخطط لزيادة الاحتقان بين وزارة الداخلية والمتظاهرين، وأن المتهمين محسن راضي وأحمد منصور توليا عملية التنسيق لتغطية الواقعة إعلاميا من هذا المنظور.
وكان المستشار هشام بركات النائب العام قد سبق وأن أمر بإحالة كل من أسامة ياسين وزير الشباب السابق، ومحمود الخضيري رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب المنحل، والإعلامي أحمد منصور المذيع بقناة الجزيرة القطرية، وكل من عمرو زكي وحازم فاروق ومحسن راضي أعضاء مجلس الشعب المنحل، والقياديين الإخوانيين محمد البلتاجي وصفوت حجازي إلى محكمة جنايات القاهرة، لاتهامهم بالقبض على مواطن واحتجازه وتعذيبه وهتك عرضه وصعقه بالكهرباء داخل مقر شركة “سفير للسياحة” ميدان التحرير.
وجاءت التحقيقات التي باشرتها النيابة العامة في القضية، على ضوء بلاغ من أحد المواطنين في غضون عام 2011 يفيد أنه كان في محيط ميدان التحرير يوم الخميس 3 فبراير 2011 للمشاركة في المظاهرات التي أعقبت ثورة 25 يناير، وأن شخصا استوقفه على أحد مداخل الميدان، وادعى أنه من اللجان الشعبية المختصة بأمن الميدان، وطلب الإطلاع على تحقيق شخصيته، ولما تبين أنه لا يحملها استدعى آخرين وأشاعوا في الميدان أنهم قبضوا على ضابط شرطة بجهاز مباحث أمن الدولة.
وأظهرت التحقيقات تعدي المتهمين على المواطن بالضرب المبرح، حتى فقد وعيه ثم حملوه إلى داخل مقر إحدى الشركات بعقار يطل على ميدان التحرير، واحتجزوه بها لمدة 3 أيام، وعذبه المتهمون خلالها وصعقوه بالكهرباء.
وكشفت تحقيقات النيابة العامة عن توافر الأدلة على أن المجني عليه يعمل محاميا، ولا ينتمي لجهاز الشرطة مطلقا، فضلا عن وجود مشاهد فيلمية للوقائع قدمها صحفي شاهد الواقعة بنفسه وصورها، وثبت منها أن المتهمين ألقوا القبض على المجني عليه وحسروا عنه ملابسه، واحتجزوه بمقر شركة سفير للسياحة الكائن بالطابق الأرضي بأحد العقارات بميدان التحرير.
وأوضحت التحقيقات أن المتهمين أشاعوا بين المتظاهرين السلميين بالميدان، أنهم قبضوا على ضابط شرطة بجهاز مباحث أمن الدولة، مهمته مراقبة المتظاهرين للنيل منهم، وظهر المتهم حازم فاروق حال قيامه بصفع المجني عليه على وجهه وإلقائه على الأرض، ثم جلس فوقه وكتب على صدره عبارة (رائد أسامة كمال ضابط أمن دولة كلب النظام) وطلب منه الاعتراف بذلك.
كما تبين من التحقيقات أنه ظهر من المشاهد أن المجني عليه رفض ما يأمره به، فإنهال عليه المتهم حازم فاروق بالضرب المبرح مستخدما عصا خشبية على جميع أنحاء جسده، ثم أمسك عضوه الذكري بيده، وضغط عليه بقوة كي يؤلمه، ثم صعقه بالكهرباء، في حين أعلن أحد المتواجدين بالمكان قدوم المتهمين محمود الخضيري ومحسن راضي إلى مكان الاحتجاز، كما ظهرت بالمشاهد المصورة صورة المتهم عمرو زكي.
وأكدت أقوال الشهود من سكان العقار وحراسه ومدير شركة سفير للسياحة ومالكها، حدوث الواقعة كما ظهرت بالمشاهد الفيلمية، وأن المتهمين جميعا استولوا على مقر الشركة بالقوة، واستخدموه في احتجاز المواطنين الذين يتم إلقاء القبض عليهم بداخل المقر، بعد أن بثوا شائعات كاذبة أنهم من رجال الشرطة ومندسين بين المتظاهرين، وذلك بغية تأجيج مشاعر الغضب بين المتظاهرين السلميين ضد أفراد الشرطة. وأظهرت التحقيقات أن المتهمين كانوا يتواجدون دائما بمقر الشرطة للشد من أزر المتهمين محمد البلتاجي وحازم فاروق أثناء تعذيبهما للمجني عليه، وأكد الشهود أن المتهم محمد البلتاجي شارك في تعذيب المجني عليه وكان يضع قدمه على رأسه ويضغط عليها بقوة لإذلاله وأنه عذبه بالصعق الكهربائي.
كما أثبتت معاينة النيابة العامة لمقر شركة سفير للسياحة تطابق مظهرها وأثاثها مع ما ظهر بالمشاهد المصورة المسجلة، وأثبت التقرير الفني أيضا صحة جميع المشاهد الفيلمية موضوع التحقيقات ونسبتها للمتهمين التي ظهرت صورهم بها، دون تلاعب أو تركيب، كما ثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعي أن طريق إحداث الإصابات التي ظهرت بالمشاهد الفيلمية تتفق مع المظاهر التي آلت إليها جروح المجني عليه.
وكانت النيابة العامة قد أرسلت في طلب حضور محمود الخضيري وحددت جلسة لسماع أقواله، ونظرا لعدم حضوره رغم علمه بموعد الجلسة، أصدرت النيابة أمرا بضبطه وإحضاره، وتم عرضه عليها صباح اليوم، واستجوابه في حضور محاميه ومواجهته بالأدلة، ومن بينها ظهروه عقب ارتكاب الواقعة متحدثا في أحد البرامج التلفزيونية عن تواجده بمقر الشركة وقت احتجاز المجني عليه، وتأكيده أن تحمل المجني عليه أفعال التعذيب تقطع بقوة بنيانه وأنه ينتمي لجهاز أمن الدولة.
كما أقر الخضيري، خلال التحقيقات، بصحة ذلك الحديث الذي أذاعته وسائل الإعلام المرئية، وبأنه تواجد بمقر الشركة حال احتجاز المجني عليه وتعذيبه، وأقر أيضا بأنه شاهد المجني عليه معصوب العينين ومكبل اليدين وأنه لم يقل ذلك بوسائل الإعلام بعلمه أن ذلك يعد تعذيبا.
وتم استجواب جميع المتهمين المضبوطين، وأسندت النيابة إليهم ارتكاب جرائم القبض على المجني عليه، واحتجازه وتعذيبه وهتك عرضه، وإحراز الأسلحة البيضاء وانتهاك حرمة ملك الغير بقصد ارتكاب جريمة فيه.
وتضمن قرار إحالة المتهمين إلى المحاكمة الجنائية العاجلة أمام محكمة جنايات القاهرة، ضبط وإحضار المتهم الهارب أحمد منصور وحبسه احتياطيا على ذمة القضية، وإرسال طلب إلى دولة قطر لتسليم المتهم إلى السلطات المصرية لمحاكمته.
المصدر : أ ش أ