شهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، ظهر اليوم الأحد، بمركز مؤتمرات الأزهر احتفال وزارة الأوقاف بذكرى ليلة القدر للعام الهجرى 1440 وذلك لتكريم الفائزين في المسابقة العالمية الـ 26 للقرآن الكريم .
حضر الاحتفال، الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب والدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ، والقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول محمد زكي والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وفضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، والوزراء ورئيس الأكان الفريق محمد فريد وقادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة وسفراء بعض الدول العربية والإسلامية وقيادات الأزهر والأوقاف والإفتاء والقيادات التنفيذية والشعبية.
وبدأ الاحتفال بتلاوة آيات من الذكر الحكيم للقارئ الشيخ هاني الحسينى.
ثم ألقى وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة كلمة وجه فيها التهنئة للرئيس عبدالفتاح السيسي والشعب المصري والأمتين العربية والإسلامية بمناسبة ليلة القدر وعيد الفطر المبارك
وتحدث وزير الأوقاف عن ثلاث نقاط تتعلق بـ”فهم المقاصد” قائلا: نقف مع آية واحدة من كتاب لله عز وجل، حيث يقول الحق سبحانه “إنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا” … وإذا كان الجزء الأول جاء على سبيل الحقيقة بأن من قتل نفسا .. أي نفس بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا”، والجزء الثاني من الآية يحتاج إلى وقفة وتأمل في قوله تعالى “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا” .. لأن الإحياء الحقيقي للنفس لا يكون إلا لله وحده فيُحمل الأمر هنا على المعنى المجازي، والمراد من عمل على إحيائها أو حافظ على بقائها حية”.
وأضاف وزير الأوقاف محمد مختار جمعة قائلا، إنه إذا كان المتطرفون والإرهابيون يعملون على إزهاق الأنفس بدون حق فإن كل من يدفع عنها شر المتطرفين والإرهابيين سواء أكان دفعا عسكريا أم أمنيا أم قضائيا أم علميا أم فكريا أم دعويا فكأنما أحيا الناس جميعا، ويدخل في ذلك أيضا كل من وفر لها الدواء والغذاء وشربة الماء النقية ومهد الطرق لأن تمهيد الطرق؛ يقلل نسب الحوادث فيحافظ على الأنفس من الهلاك فكل ما يؤدي إلى استمرار حياة النفس البشرية ويدفع عنها الهلاك داخل في قوله تعالى: “وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا”.
وتابع جمعة قائلا، “النقطة الثانية تتعلق بتحريف الغالين لمفاهيم النصوص… تحريف الغالين الذين يحاولون أن يرسخوا لفقه الجماعة على حساب فقه بناء الدول، ففقه بناء الدول يتسم بالسعة والمرونة، أما فقه الجماعات فنفعي سطحي، مُغلّق مصلحته التنظيم فيه فوق مصلحة الدولة، ومصلحة الجماعة فوق مصلحة الأمة بل فوق مصلحة الدين نفسه، وقد حاولت الجماعات المتطرفة إحداث حالة من القطيعة مقصودة … وإحداث حالة من القطيعة والشقاق بين الشعوب وحكامها فأخذت تسوق نفسها على أنها حامية حمى الدين، وأن من كان مع النظام أو الدولة حتى لو كان النظام في عدل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهو ضدها، وبالطبع من منظورها هو ضد الدين وهذه دعوات مشبوهة تعمل على تفكيك الدول من داخلها وتحقق أهداف أعدائها المتربصين بها.
وقال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف إن “هذه الجماعات المتطرفة ترى أن كل ما يقوي الدولة يضعف الجماعة، وكل ما يضعف الدولة يقوي الجماعة، فهي لا تقوم ولا تتغذى إلا على أنقاض الدول على نحو ما نرى حولنا .. على أن الإسلام قد أوجب للحاكم العادل حق الطاعة بل حق الإعانة والتقدير”.
وأضاف أن الرسول صلي الله عليه وسلم يقول ( إن من إجلال الله عز وجل إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غيرِ الغالي فيه والجافي عنهُ، وإكرام ذي السلْطَانِ المقْسط) حيث يوجد لافتة كريمة في الحديث النبوي عندما عطف النص النبوي حامل القرآن عطفه مباشرة على إكرام ذي الشيبة، وعندما تحدث عن السلطان المقسط أعاد كلمة إكرام تأكيدا على حقه في الإكرام والعناية والاحترام والتقدير .. فمن إجلال الله عز وجل إكرام ذي السلطان المقسط.
وتابع الوزير قائلا إن “دعوة الإمام العادل لا ترد، وفي بعض روايات الحديث مقدمة على دعوة الصائم وهو في مقدمة الـ 7 الذين يظلهم الله عز وجل في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، أول السبعة الإمام العادل، وبهذا تبنى الدول ولا تهدم، وهو ما أظهرناه تفصيلا في كتابنا فقه الدولة وفقه الجماعة الذي أصدره المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أوائل الشهر الجاري” .
وبشأن النقطة الثالثة.. قال وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة إنها الأهم، فهي حاجتنا الملحة لاستخدام المنهج النقدي العقلي في إعادة قراءة المتغير من تراثنا مع الحفاظ على ثوابتنا الشرعية.
وضرب جمعة، مثالا على ذلك بمثال من أحد عيون كتب التراث التي هي مناط الاحترام والتقدير وهو تفسير الإمام القرطبي الذي تعلمنا ولا زلنا نتعلم منه، غير أننا نريد أن نبين بوضوح أن كل إنسان يؤخذ منه ويرد عليه إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم، مشيرا إلى أن الإمام القرطبي ذكر في تفسير آية الدعاء وتحديدا في الجزء الثاني من الكتاب طبعة “عالم الكتب” أن الإمام علي رضي الله عنه قال لنوف البكالي: يا نوف لا تكونن شاعرا ولا شرطيا ولا جابيا ولا عشارا.
وأشار إلى أن سيدنا داود قام في ساعة من الليل فقال إنها ساعة لا يدعو عبد إلا استُجيب له فيها إلا أن يكون شرطيا أو جابيا أو عشارا؛ ومثل هذا الكلام إذا أخذ على علاته يهدم الدول ولا يبنيها أبدا.
وأوضح أنه خلال البحث وجد في سند هذا القول كل من سهل بن شعيب “مجهول الحال”، أبي عال بن الثقيل “مجهول الحال”، عبدالأعلى بن عامر الكوفي ” ضعيف الحديث”، مما يؤكد أننا في حاجة ماسة وملحة إلى إعادة قراءة تراثنا الفكري قراءة جديدة بروح عصرية ناقدة وواعية.
ونوه بأن هذا المنهج العقلي هو ما يسيروا عليه في وزارة الأوقاف بالتعاون مع الأزهر الشريف تأليفا وترجمة ونشرا وتدريبا مع الأخذ بكل وسائل التحديث العصرية من نشر خطبة الجمعة مترجمة ومقروءة ومسموعة ومرئية بـ16 لغة إضافة إلى لغة الإشارة.
وأضاف أنه تم اعتماد مركز دولي للحاسب الآلي بأكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الأئمة والواعظات وإعداد المدربين تم تخريج الدفعة الأولى فيه منذ أسابيع، كما تم افتتاح معمل صوتيات اللغة الإنجليزية لتدريب الأئمة والواعظات على اللغات الأجنبية مع التنوع العلمي والثقافي في البرامج التدريبية بالأكاديمية سعيا لإعداد إمام عصري مستنير والتحول من حالات التميز الفردي إلى حالة استنارة عامة بين جموع الأئمة والواعظات تؤدي إلى نشر سماحة الأديان ودحر الفكر المتطرف وبناء مجتمع إنساني راق يؤمن بحق التنوع والاختلاف واحترام الأخر وفقه العيش المشترك ويدرك إدراكا لا يداخله اى شك أو تردد أن مصالح الاوطان لا تنفك عن مقاصد الاديان وأنه لابد للدين من وطن يحمله ويحميه.
وقال وزير الأوقاف إننا في مناخ ذهبي وفرصة مواتية بل ربما غير مسبوقة في تاريخنا المعاصر على أقل تقدير لبيان صحيح الدين وتصحيح المفاهيم الخاطئة وصيانة مال الوقف وتعظيم استثماراته ، وما علينا إلا إخلاص النية والتشمير عن ساعد الجد.
وعقب ذلك، ألقى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف كلمة تقدم فيها بالتهنئة للرئيس السيسي ولعشب مصر الأبي ولعالمنا العربي والإسلامي قادة وشعوبا بمناسبة الاحتفال بليلة القدر تنزل القرآن الكريم من الله تعالى على قلب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليبلغه للناس مصباحا ينير لهم طريق الحق والخير ويهديهم به سبل السعادة في الدنيا والآخرة.
وقال الدكتور الطيب “إن الحديث عن القرآن الكريم الذي هو آخر التنزلات الآلهية حديثا لا يستوعبه الزمان ولا يحصره المكان لأنه يتعالى إلى ما هو فوق الزمان وما فوق المكان ويذهب بعيدا إلى ما وراء التاريخ ومطارح الوهم والخيال ، وقد تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه وصيانته وحراسته ولم يترك أمر ذلك إلى أحد من البشر لا من الأنبياء ولا من غيرهم”.
وأضاف الإمام الأكبر: وكما تفرد الله تعالى بتنزيله تفرد بحفظه “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ”، والعارفون بالقرآن وبأسرار بلاغته يدركون ما اشتملت عليه هذه الآية القصيرة من أساليب التأكيد بالحروف والإظهار في موضع الإضمار وقد صدق الله وعده فقيض لها الكتاب من وسائل الحفظ في الصدور والسطور ما لم يقيض في كتاب آخر من الكتب.
وتابع الطيب، أنه قد مر على نزول هذا القرآن ما يقرب 15 قرنا من الزمان وجيوش المتربصين به ساهرة تلتمس فيها العيوب وتفتش عن الهفوات إلا أن أحدا منهم لم يظفر ببغيته ولم يستطع أن يسجل عليه هفوة واحدة يأباها العقل السليم أو انحرافا تضيق به الفطرة أو قضاء واحدا يصدم ثوابت العلم وتجاربه المستقرة.
واستطرد شيخ الأزهر قائلا “هذا الكتاب الكريم حرر ضمير الإنسان من عبادة الأحجار والحيوانات والأشخاص وعقله من الأوهام والأساطير والخرافات، وتسامى بنفسه ومشاعره فوق رهق المادة وعبودية الغرائز وإغراء الشهوات .. هذا الكتاب المجيد صنع رجالا بل صنع أمة نقلها على ضعفها وبساطتها من المحلية إلى العالمية في غضون عقود قليلة استطاعت أن تنشر في شرق الدنيا وغربها حضارة لا يزال دينها ثقيلا في أعناق صناع حضارة اليوم ورموزها و فلاسفتها وعلمائها ومفكريها، وكانت حضارة معجزة بكل المقاييس لا يزال علماء التاريخ في الغرب قبل الشرق في حيرة من أمر تفسيرها.
وكرم الرئيس عبدالفتاح السيسي في احتفال وزارة الأوقاف بليلة القدر، اليوم الأحد، الفائزين في المسابقة العالمية الـ 26 للقرآن الكريم التي نظمتها الوزارة بفروعها الثلاثة من مصر والأردن وتشاد وكينيا والسنغال وروسيا الاتحادية والتى يبلغ قيمة جوائزها المالية مبلغ مليون و100 ألف جنيه.
وقام الرئيس السيسي بتقديم شهادات التقدير والجوائز المالية للفائزين بالمسابقة وهم في الفرع الأول “حفظ وتفسير القرآن الكريم وفهم مقاصده” فاز رأفت عبد الستار سيد أحمد /مصر/ بالمركز الأول بجائزة مالية 180 ألف جنيه، وعمر عبدالكريم خليل الزغبي من الأردن فاز بالمركز الثانى بجائزة 120 ألف جنيه، وعبد الباسط حلو صوصول من تشاد فاز بالمركز الثالث بجائزة مالية 90 ألف جنيه.
وفى الفرع الثاني للمسابقة لحفظ القرآن والصوت الحسن والتجويد فاز عبد الرحيم محمد علي إبراهيم حامد من مصر بالمركز الأول بجائزة مالية 150 ألف جنيه، وعبد العزيز شعبان عبد العزيز فاز من مصر بالمركز الثاني بجائزة مالية 120 ألف جنيه، وعبد العليم عبد الرحيم محمد من كينيا فاز بالمركز الثالث بجائزة 90 ألف جنيه ومحمد مصطفى نيانج من السنغال فاز بالمركز الرابع بجائزة 80 ألف جنيه.
أما في الفرع الثالث للناشئة فازت سارة محمد محمد زكريا من مصر بالمركز الأول بجائزة 120 ألف جنيه وأحمد جمال السيد حشيش من مصر فاز بالمركز الثاني بجائزة 80 ألف جنيه وعبد الله تشحكيف رستم من روسيا الاتحادية فاز بالمركز الثالث بجائزة 70 ألف جنيه .
وقال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إن الحديث عن هذا الدين الحضاري الذي يجازى أهله اليوم جزاء سنمار حديث طويل وهو أقرب إلى أن يكون حديثا عن طبيعة اللص الذي يعيش على قدرات الناس ثم يكره أن يذكرهم بكلمة شكر أو تقدير أو عرفان بالجميل.
وتابع قائلا: “أنا أقصد هنا جزاء الأمة العربية والإسلامية في مرآة الغرب الحديث، وما تمخضت عنه قيمه الحضارية في باب سداد الديون والاعتراف بالجميل لأصحابه .. أقصد هذا المصطلح الكريه الذي نجح في تصوير الإسلام بصورة الدين المتعطش لسفك الدماء، ومطالبة العالم المتحضر بتعقبه الإجهاز عليه أنى وجده في غرب أو شرق.
وقال “أتحدث عن الإسلامو فوبيا، تلكم الكلمة اللقيطة، والتي ما فتئ علماء المسلمين، ومفكروهم الأحرار يفندونها ويكشفون عن زيفها، وتهافتها منذ أكثر من خمسة عشر عاما، في ندوات ومؤتمرات وأوراق علمية ونقدية، وحوارات الأديان والحضارات، دون أي ثمرة تذكر في لجم الآلة الإعلامية الغربية وردعها عن غرس كراهية الإسلام في عقول الشعوب الأوروبية والأمريكية وقلوبهم وبأساليب متعددة ما بين أفلام وبرامج وكتب وروايات وصحف ومجلات وغيرها”.
وتابع الإمام الأكبر شيخ الأزهر يقول “هذه الكلمة التي تعني التخويف من الإسلام أو صناعة التخويف من الإسلام ، هذه الكلمة ما كان لها أن تتجذر في ثقافة السياسيين والإعلاميين الغربيين ، ثم في وعي جماهير الغرب لولا التمويل الضخم المخصص لدعم الاستعمار الحديث، وسياسته في الهيمنة والتوحش والانقضاض الجديد على ثروات العالمين العربي والإسلامي”.
وقال الطيب “لولا تقاعسنا نحن العرب والمسلمين عن التصدي الجاد لمطاردة هذا المصطلح والاحتجاج عليه رسميا وإعلاميا ، ومن المؤلم أن أقول إن لدينا من الإمكانيات المادية و الإعلامية، ومن هذا السيل العرم من محطاتنا وأقمارنا الفضائية ما يمكن أن ننصف به هذا الدين الذي ينتمي إليه أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، ولكنا آثرنا اهتمامات أخرى زادتنا ضعفا وهوانا وأطمعت فينا أمما تداعت علينا كما تتداعى الأكلة على قصعتها”.
وأضاف “أننا حتى هذه اللحظة لا نسمع عن فوبيا المسيحية ولا فوبيا اليهودية، ولا فوبيا البوذية ولا الهندوسية، ويقيني أن لا تتجرأ جريدة أو قناة أو برنامج فضائي لا في الغرب ولا في الشرق أيضا على مجرد النطق بفوبيا ما شئت من الملل والنحل والمذاهب، فالعصا غليظة وحاضرة مع أن التاريخ، يشهد على أن الأديان كلها نسبت إليها أعمال العنف، وأن من هذه الأعمال ما اقترف تحت لافتة ديانات كبرى في العالم، وفي قلب أمريكا نفسها، غير أن المقام لا يتسع لسردها”.
وتابع “أننا لا نريد تأريث الأضغان ولا بعث الكراهية بيننا وبين أخوتنا من أبناء الأديان والمذاهب في الغرب، فهذا ما يأباه علينا الإسلام، ولكنا أردنا فقط أن نتوقف عند نقطة فارقة يندر إلقاء الضوء عليها من المسلمين وغير المسلمين، وهي أننا حين نذكر المجازر البشعة التي تعرض لها المسلمون على أيدي الأديان الأخرى، فإننا لا نحمل الدين المسيحي ولا المسيح عليه السلام ولا موسى عليه السلام ذرة واحدة من المسئولية ، ولا نصم دينا من الأديان بوصمة الإرهاب والعنف والتوحش، بل نظل على وعي عميق بالفرق الهائل بين الأديان وتعاليمها وبين سماسرة الأديان في أسواق السلاح وساحات الحروب.
وقال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف “ونحنُ نعلمُ أن المسلمين دَفَعُوا ثمنًا فادِحًا من دمائهم وأشلاءهم في الحروب الصليبيَّة، وفي فلسطين وما حولها منذ عام 48 وحتى اليوم وكذلك في البوسنة والهرسك وفيتنام والفلبين والهند وميانمار ونيوزيلاندا، ومع ذلك لم يجرؤ مُؤرِّخ ولا كاتب مسلم أن يتفوَّه بكلمةٍ واحدةٍ تُسئ إلى المسيحية أو اليهودية كأديان إلهيَّة، لأنه يعلم أن كلمة واحدة من هذا القبيل تخرجه من الإسلام قبل أن تخرج من فمه”.
وأضاف أن نقطة فارقة أخرى تظل حجر عثرة في طريق الحوار بين الإسلام والغرب هي: حرص رؤساء المسلمين وملوكهم وأمرائهم وعلمائهم ومفكريهم على إدانة جماعات الإرهاب، بكُلِّ لافتاتها وانتماءاتها، والحكمُ الجازم عليهم بأنَّهم فِرَقٌ ضالَّةٌ مارقةٌ من الدِّين كما يمرق السهم من الرمية، وأنَّ جرائمَهم ومجازرهم إنَّما تحصد من أرواح الأبرياء من الرِّجال والنِّساء والأطفال المسلمين أضعاف أضعاف ما تحصده من غير المسلمين.. ومع ذلك لم يفلح كل ذلك في تصحيح صورة الإسلام والمسلمين في نظر الغرب وأمريكا، لأن المطلوب هو: «إدانة الإسلام» ورميُه بأفظع البذاءات والاتهامات وتصويره بأنه «دين قادم من عصور الظَّلام، يعادي المنطق والحداثة، وأنه النظام الثقافي الوحيد الذي ينتج القاعدة وداعــش وأخــواتها وحفدتها، وهو دينُ صُـــوَرِ الانتحـاريين، واختطاف الطـائرات، والاغتيالات والانتفاضات، إلى أوصاف أخرى يعف اللِّسان والمقام عن ذكرها.
ووجه الدكتور أحمد الطيب حديثه إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي قائلا “لقد سعدتُ وسعد الأزهر الشريف بعلمائه وطلابه وهو يستمع لحديثكم المتزن الجريء، في مؤتمر القِمَّة الإسلاميَّة بمكـــــــة المكرَّمة أول أمــــــس، والــــذي لمســــــــــتم فيــــــــــه -بحكمة- جرح الأُمَّة النازف بسبب ما اُبتليت به من جماعات العُنف والإرهاب، في الشرق وبسبب الإسلاموفوبيا وأكاذيبها في الغرب، وطالبتم كل المؤسَّسات المعنية بالتصدِّي لوباء الإرهاب، كما طالبتم بوقف خطاب الإسلاموفوبيا وكراهية العرب والمسلمين، والذي لم يَعُد مقبولًا لا إنسانيًّا ولا حضاريًّا، فجزاكم الله سيادة الرَّئيس عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء”.
وأضاف الطيب : الأزهر الشريف وهو يؤكِّد على ما طالبتم به -سيادة الرئيس!- فإنه ليطالب علماء المسلمين، ويطالب إخوتهم من رجالات الكنائس في الشرق والغرب أن يبذلوا الجهود المنظمة من أجل مكافحة هذه الأكذوبة الماكرة الخدَّاعة، فما كان الإسلام يومًا إلَّا دعوة سلام وتراحم بين النَّاس.
وفي نهاية كلمته وجه شيخ الأزهر حديثه إلى الرئيس الرئيس السيسي قائلا، “إنَّ الأزهرَ الشريف لَيعلم ويُقدِّر جَيِّدًا ما تبذلونه من جهودٍ كبيرةٍ من أجلِ تحقيقِ آمال الشَّعب وتطلُّعاته إلى عيشٍ كريمٍ، ومستقبل أفضل وعدالة اجتماعيَّة أرحب .. كما يُقدِّرُ جهودكم في استعادَةِ مِصْرَ دورَها الرَّائد في المحيطِ العربيِّ والإفريقيِّ والإسلاميِّ”.
وتابع : إنَّه لا يَخْفَى على أحدٍ ما تمر به منطقتنا العربيَّة والإسلاميَّة من مخاطر وظروف صعبة تستدعي استمرار جهودكم مع إخوانكم حُكَّامِ العرب والمسلمين للعبور بمنطقتِنا من هذه الفترة العصيبة ولتحقيقِ السَّلام والاستقرار للشُّعوب.
وأضاف الطيب: الأزهر الشَّريف بعلمائِه ورجالِه وطُلَّابه وانتشاره في إفريقيا وجنوب شرق آسيا، ومكانتِه في نفوس العرب والمسلمين لَيدعمكم -سيادة الرَّئيس!- ويُقدِّرُ جهودكم ويَشدُّ على أيديكم في هذه المرحلة الدَّقيقة.
وقال شيخ الأزهر “نَسْأل الله في هذه اللِّيلة المباركة أنْ يُوفِّقَكُم -سيادة الرَّئيس!- وأن يُعينكم على تحقيقِ آمال مصر والمصريِّين، وأنْ يُوفِّقَكُم لما فيه خَيْر البِلاد والعِبَاد”.
وكرم الرئيس عبدالفتاح السيسي، الفائزين في المسابقة العالمية الـ 26 للقرآن الكريم التي نظمتها وزارة الأوقاف بفروعها الثلاثة من مصر والأردن وتشاد وكينيا والسنغال وروسيا الاتحادية والتي يبلغ قيمة جوائزها المالية مبلغ مليون و100 ألف جنيه، كما قام الرئيس السيسي بتقديم شهادات التقدير والجوائز المالية للفائزين بالمسابقة.
أ ش أ