استضاف معرض القاهرة الدولي في دورته الخمسين، احتفالية القضاء الدستوري بخمسين عاما لحماية حقوق الانسان وضمانات التقاضي، بعقد ندوة أقيمت اليوم الخميس في اطار فعاليات المعرض، وأدار اللقاء المستشار الدكتور خالد القاضي رئيس محكمة الاستئناف.
وأكد المستشار عبدالفتاح جبالي رئيس المحكمة الدستورية العليا -في كلمته بالندوة التي ألقاها نيابة عنه المستشار بولس فهمي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا- أن المحكمة الدستورية العليا ستظل حامية لحقوق المواطن المصري فيما يتعلق بدستور 2014.
وقال المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، أن المحكمة الدستورية تمارس دورا وطنيا في حماية حقوق المواطنين.
ولفت الى لقاءات المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية السابق ورئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، وتأكيده أن وعي المواطن المصري هو ما دفعه لاختيار الرئيس الحكمة الدستورية العليا السابق لرئاسة الجمهورية.
وأوضح أن قيام جماعة الإخوان الإرهابية بعزل عدد من قضاة المحكمة الدستورية العليا أحدث دويا عالميا، ولم يزد المحكمة إلا رسوخا واضطلاعا بدورها الوطني، مشيرا إلى أن ثانية مماحكات الجماعة الارهابية تمثلت في حصار عناصر من الجماعة لمقر المحكمة الدستورية العليا.
وأشار إلى أن مصر في البدايات لم تكن معنية بموضوع الرقابة على الدساتير، واقتصرت المسألة على ثقافة الامتناع حين يتشكك القاضي في دستورية المواضيع المنظورة أمامه بأن يمتنع عن تطبيق نصوص القانون المخالفة للدستور، إعمالا لمبدأ لدى القضاة “اعطني قانون ظالم وقاض عادل”.
وأكد أنه بتعاقب الدساتير عرفت مصر القضاء الدستوري بشأن بحث المحاكم في دستورية القوانين، وهو ما جاء بعد تداول ذلك الحق لتكون أول محكمة دستورية مستقلة تنشأ في عام 1969، ثم نص دستور 1971 وما تبعه من دساتير على المحكمة الدستورية العليا.
وشهدت الندوة عرض فيلم تسجيلي عن القضاء الدستوري والمحكمة الدستورية العليا منذ نشأتها، وكذلك تخلل الندوة استعراض أبرز المؤلفات التي تتناول المبادئ الدستورية ومنها للمستشار عوض المر الذي اعتبره المشاركون في الندوة أحد أهم المراجع في القضاء الدستوري.
ومن جانبه، قال المستشار محمد عبدالقادر نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق ومحافظ الغربية الأسبق -خلال مداخلته بالندوة- إن القضاء الدستوري هو رقابة فنية توصلت له البشرية في أجزاء كثيرة من العالم، مؤكدا التجربة المصرية اختارت الرقابة اللاحقة والتي تعد أكثر ردعا من السابقة على إصدار القوانين.
وشدد عبدالقادر على حماية الرقابة الدستورية لدولة القانون وقيمة القانون، فضلا عن التوازن بين سلطات الدولة، مشيرا إلى قيمة دور القضاء الدستوري وضمانته لسلامة عمل السلطة التشريعية بدقة لمنع الافتئات على السلطة الشعبية لمن يتولى إصدار التشريع.
ولفت إلى ضوابط عملية الرقابة الدستورية وفق قواعد صارمة تحفظ الفصل بين السلطات، مؤكدا قوة السلطة التشريعية التي تمثل فئات الشعطب لإقرار الحقوق والحريات، منوها بأن القضاء الدستوري يعلي من شأن الدستور لحفظ بناء الدولة عبر الحفاظ على تدرج الحفاظ على الدستور ثم القواعد القانونية من قوانين ولوائح لإحداث التوازن بين السلطات.
وألمح إلى الضوابط الذاتية التي تمارسها المحكمة الدستورية العليا، مشيرا إلى أنه لا يمكن تصور جمود الدستور وعدم تغييره، من خلال الا تكون مواده نظرية بعيدة عن التطبيق وضمان توازنها وقبولها لدى الشعب.
وأشار إلى أنه في ظل ثورة يونيو 2013 اقتضت الحاجة إلى دستور يعبر عن الإرادة الحقيقية للشعب المصري؛ ومن ثم كانت الحاجة الي تعديل دستور 2012 من خلال دستور 2014.
بدوره، قال المستشار علي عوض المستشار الدستوري لرئيس الجمهورية ونائب رئيس المحكمة الدستورية العليا -خلال مداخلته بالندوة- “لا يمكن فصل الحقوق والحريات عن تفاسير الدساتير، ومنه فهم حريات التعبير والتجمع وضماناتها من خلال الدستور والأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا فيما تراه ضمانة لتلك الحريات بما يضمن تلك الحريات دون المساس بالدولة وأسسها الدستورية”.
وعزا عوض حرية الصحافة إلى نفاذ الكافة إلى المعلومات كافة، في أطر من التنظيم وتعدي حرية التعبير من الفرد ذاته إلى المجتمع كافة لما يضمن حفظ المجتمع وعدم مساسه بالحريات وما نظمه من خلال القوانين.
وفي ذات السياق، تناول المستشار محمد الشناوي عضو اللجنة التأسيسية لدستور 2014، حق الملكية الفردية والجماعية وما أقرته المحكمة الدستورية في أحكامها لحماية تلك الحقوق للمواطنين والأجانب وهو ما انعكس على جذب الاستثمارات إلى الاقتصاد الوطني.
وتابع أن تلك الأحكام توالى صدورها من المحكمة الدستورية منذ تسعينيات القرن الماضي لكفالة الحماية الفنية والأدبية، مستعرضا بعض من تلك الأحكام في ضمان حقوق الملكية وعدم نزعها إلا في حدود المنفعة العامة التي لها اعتبارها ووفق تعويض حقيقي.
وقال الدكتور فتحي فكري أستاذ القانون الدستوري ووزير القوى العاملة الأسبق -خلال كلمته بالندوة- إن القضاء الدستوري حين أنشئ لم يكن يستهدف الفصل بين السلطات أو حقوق الإنسان، بقدر قياس قصور التشريع في مواكبة الحاجة الاجتماعية الاقتصادية والاجتماعية، موضحا أن الوضع تغير مع دستور 1971 بصدور أحكام في شأن حماية حقوق الانسان ووضع الحدود بين السلطات.
وأضاف أن المحكمة الدستورية نشأت في مصر بدعم من كافة أطياف الدولة لتقوم بدورها، فضلا عن الاستفادة من التجارب الأخرى وصولا إلى اختيار طريق الرقابة اللاحقة على القوانين لفعاليته، بعكس دول أخرى تتبنى شكل الرقابة السابقة مثل فرنسا.
وتابع أن تغير موقف الرقيب السابق بعد إخضاع القوانين للتفعيل يحتاج مرة أخرى إلى إعادة النظر إذا ما وجد إساءة استغلال للقانون أو غيرها من محكات تستدعي الرقابة اللاحقة مرة أخرى، مشيرا إلى أن المحكمة الدستورية كان لها السبق في تفعيل الحقوق والحريات لضمان الديمقراطية.
وتناول فكري ما سطرته أحكام المحكمة الدستورية العليا في سبيل ضمانة الحقوق والحريات، معبرا عن تمنيه تعديل قانون المحكمة الدستورية فيما يتعلق بجدية الدعوى.
وأوضح أستاذ القانون الدستوري أن مقترحه بشأن التعديل يتضمن أن يكون هناك حق لمن يرفض دفعه أمام إحدى المحاكم بعدم الدستورية أن يكون له حق الطعن بعدم الدستورية مرة أخرى أمام المحكمة الدستورية العليا.
بدوره، قال حلمي النمنم وزير الثقافة السابق، إن المحكمة الدستورية العليا هي قدس الأقداس للشعب المصري، مشيرا إلى أهمية دور المحكمة في تعاملها مع القوانين وخاصة أنها تعارض آراء واضعي القوانين.
واعتبر أن دور المحكمة الدستورية العليا هو حماية للدولة المصرية والوطن، مشيرا إلى أن هذا ظهر بوضوح بمحاولة جماعة الاخوان الإرهابية النيل من المحكمة وأعضائها، وما تبعه من محاولة إطالة أمد أداء رئيس المحكمة الدستورية العليا حتى لا تطيح بهم استجابة للشعب.
ووجه النمنم التحية للمستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية السابق ورئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق بتولي المسئولية عقب ثورة 30 يونيو 2013 لحماية الوطن.
وقال علي حسن رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة وكالة أنباء الشرق الأوسط إن المحكمة الدستورية العليا تتمتع باستقلالية تامة شأنها في ذلك شأن سائر قضاء مصر الشامخ، مشيرا إلى أن القضاء المصري مصدر فخر في استقلاليته ونزاهته ويشهد له بذلك سائر المنظمات والهيئات الدولية المعنية.
جاء ذلك في كلمته خلال احتفالية القضاء الدستوري في “خمسين عاما لحماية حقوق الانسان وضمانات التقاضي” ، في اطار فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب.
وأشار علي حسن إلى أن حكام مصر جميعا حرصوا عبر تاريخهم على احترام أحكام القضاء والإعلاء من قدسيتها وتنفيذها ولن يستثنى من ذلك سوى فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية لكونها جماعة ظالمة وظلامية كان عليها أن تستهدف القضاء وفي مقدمته القضاء الدستوري، فكان حصارها للمحكمة الدستورية العليا واعلان تحصينها للقرارات الصادرة من رئيسهم المعزول محمد مرسي عن الرقابة القضائية، وهو ما رفضه وأدانه شعب مصر العظيم وتصدت له السلطة القضائية حتى جاءت ثورةة الثلاثين من يونيو التي استعادت مصر من حكم هذه الجماعة الإرهابية
شارك في الندوة الدكتور رشاد عبد اللطيف نائب رئيس جامعة حلوان السابق، وعبد الله زلطة أستاذ الإعلام، والمستشار عادل ماجد نائب رئيس محكمة النقض.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )