كتبت صحيفة الخليج الإماراتية في افتتاحيتها أن الشكوك تتزايد حول ما إذا كانت المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تم إقرارها في قمة شرم الشيخ ودخلت حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبرالماضي، سوف يتم تنفيذها، وسط إصرار إسرائيلي على مواصلة انتهاك قرار وقف إطلاق النار يومياً من خلال الغارات الجوية والقصف المدفعي، ما تسبب باستشهاد أكثر من 260 شخصاً.
وفي الوقت الذي يصر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن «المعركة لم تنته بعد»، وأن «الهدف سيتحقق في كل الأحوال»، كشف موقع «بوليتيكو» أن بعض مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي، يشعرون بقلق عميق من احتمالية انهيار الاتفاق، بسبب صعوبة تنفيذ بعض بنوده الأساسية، خصوصاً في ما يتعلق بتشكيل ونشر قوات دولية لحفظ السلام، مثل التفويض القانوني، وقواعد الاشتباك ومكان انتشارها، وكيفية تنسيقها، وأيضاً كيفية نزع سلاح حركة حماس، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى خطوط ما قبل السابع من أكتوبر 2023.
إن مسودة المشروع الأمريكي المعروضة على مجلس الأمن، لا تجعل من الأمم المتحدة مرجعية لـ«قوة الاستقرار»، بل تمنحها صلاحيات تشكيلها من دون أي دور عملياتي لها، أو مراقبتها ومحاسبتها، أي أنها لا تجعل من الأمم المتحدة جهة مرجعية، إنما تريد منها فقط الموافقة على تشكيلها، ومن دون أن يتم تأكيد أن انتشار هذه القوة يجب أن يتم بعد انسحاب القوات الإسرائيلية. كما إن إسرائيل هي التي ستحدد الدول التي ستشارك في هذه القوة، وهو أمر لم يحدث في تشكيل أية قوة سلام سابقة، في أن تحدد دولة ما الدول المشاركة فيها. لذلك أعلنت العديد من الدول عدم رغبتها بالمشاركة في هذه القوات، طالما اتسم وجودها في القطاع بالغموض، بما يهدد حياة جنودها للخطر.
وهناك قضية شائكة أخرى تتعلق بدور «مجلس السلام» الذي سيكون بمكانة سلطة انتقالية تحكم لمدة سنتين قابلة للتمديد، أي بلا سقف زمني واضح ونهائي، إذ إن هذا المجلس سيكون مجلس وصاية يتحكم بالقرار الفلسطيني، وبمستقبل قطاع غزة، وربط إعادة الإعمار بشروط سياسية وأمنية، فيما ترفض إسرائيل أي دور للسلطة الفلسطينية في إدارة شؤون غزة.
ولئلا يقع ترامب في المأزق الذي وقع فيه أسلافه، أي التوسط في صراع مستعص في الشرق الأوسط من دون معالجة حقيقية لسبب الصراع، واتخاذ موقف متوازن يراعي الشرعية الدولية وقراراتها، فإنه يحاول تدارك الفشل من خلال إرسال صهره جاريد كوشنر إلى إسرائيل في محاولة لإنقاذ الخطة والسعي لإلزام إسرائيل بالهدوء وعدم التصعيد، والتخفيف من مطالبها المستحيلة التنفيذ.
إن خطة ترامب تواجه مأزقاً فعلياً، لذا لا بد من تصويب الخلل الذي تضمنته الخطة، وخصوصاً أن تكون الأمم المتحدة هي المرجعية الوحيدة في ما يتعلق بتشكيل«قوة الاستقرار» وتحديد مهامها ودورها والدول المشاركة فيها، وتشكيل «مجلس السلام» من شخصيات عربية ودولية موثوقة وغير منحازة، ولديها تفويض محدد وسلطة محددة مع أفق زمني معروف، لا أن يتحول إلى «مجلس وصاية» كما ترغب واشنطن وتل أبيب.
المصدر : صحيفة الخليج الإماراتية

