حثت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، الوفود المشاركة في مؤتمر الأطراف الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 30) في بيليم بالبرازيل على مقاومة الضغط الأمريكي لعرقلة جهود المناخ ومحاولة الإبقاء على “هدف 1.5 درجة مئوية” بعد أن أوشك على الانهيار.
وذكرت الصحيفة، في مقال افتتاحي نشرته اليوم الاثنين، أن كل قمة مناخية سنوية للأمم المتحدة تكافح لتحقيق نتيجة ملموسة، وقد يتطلب اجتماع هذا العام في مدينة بيليم الساحلية الأمازونية البرازيلية معجزة حقيقية.
وقالت الصحيفة إن معارضة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لجهود المناخ والتزامه بتعزيز الوقود الأحفوري يسبب أحد أصعب السياقات العالمية التي واجهها هذا الحدث.
ومع ذلك، هناك مؤشرات على أن بعض القادة مستعدون لاستغلال هذا الارتباك وتوحيد الجهود في “تحالفات الراغبين” في مجال المناخ، مؤكدة أنه يجب عليهم بذل كل ما في وسعهم لمقاومة الضغط من واشنطن.
وأوضحت الصحيفة، أن أكبر اقتصاد في العالم سيكون غائبا بشكل ملحوظ في بيليم لأن ترامب ينسحب مرة أخرى من اتفاقية باريس لعام 2015. وأضافت أنه لم يكن لاعتقاد ترامب غير المبرر بأن تغير المناخ “خدعة” تأثير كبير في ولايته الأولى، لكن هذه المرة مختلفة، فإدارته تلغي مشاريع الطاقة الخضراء في الداخل وتستخدم ثقل أمريكا الاقتصادي للضغط على الدول الأخرى للتخلي عن جهودها المناخية.
وبحسب “الفايننشال تايمز”، يخشى بعض أعضاء الوفود المشاركين في (كوب 30) من أن يكرر فريق ترامب التكتيكات المتشددة التي استخدموها الشهر الماضي لإفشال اتفاق تاريخي بشأن خفض الانبعاثات إلى الصفر في قطاع الشحن، ودفع المزيد من الدول إلى الانسحاب من اتفاقية باريس.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه حتى لو لم يحدث ذلك، فإن إضعاف خطة خفض انبعاثات الكربون من جانب الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، والذي لطالما كان داعما قويا للعمل المناخي، يزيد من الخلفية غير المواتية.
وفي غضون ذلك، ترتفع درجات الحرارة العالمية بسرعة كبيرة لدرجة أن الأمم المتحدة أقرت بأنه “لا مفر” من أن يتجاوز العالم 1.5 درجة مئوية من الاحترار منذ عصور ما قبل الصناعة، وهو مستوى تم الوصول إليه بالفعل لعام تقويمي واحد لأول مرة في عام 2024.
وكان من المفترض أن تحد اتفاقية باريس من الاحترار إلى أقل بكثير من 2 درجة مئوية، وفي أفضل الأحوال 1.5 درجة مئوية، على الرغم من أن هذه المستويات تُقاس على فترات متعددة السنوات.
غير أن الصحيفة لفتت إلى وجود بصيص من الأمل وسط هذه الأجواء القاتمة، وأن العالم لم يكن من قبل أقرب من أي وقت مضى إلى نقطة تحول حاسمة في مجال المناخ. فقد تباطأ نمو انبعاثات الكربون خمسة أمثال إلى 0.32 في المائة سنويا مقارنة بالعقد الذي سبق اتفاقية باريس، وذلك بفضل الزيادة الكبيرة في الطاقة الشمسية ومزارع الرياح والسيارات الكهربائية.
وقالت إن التحول في مجال الطاقة جارٍ بلا شك، على الرغم من أنه لا يزال بطيئا للغاية، ولا يزال يعتمد بشكل كبير على الجهود المحلية للصين، وقد تحقق التقدم المحرز قبل أن يبدأ ترامب ببذل قصارى جهده لإطالة عمر الوقود الأحفوري.
وأوضحت الصحيفة، أنه حتى بدون ترامب، فإن الطبيعة المعقدة لعملية مؤتمر الأطراف تعني أن الاجتماعات لا تزال تركز بشكل كبير على المفاوضات المعقدة بدلا من الخطوات العملية للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، لذلك، من دواعي الترحيب أن الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، وجه دعوة ملموسة في فعالية افتتاحية لمؤتمر الأطراف الأسبوع الماضي لوضع خارطة طريق لعكس مسار فقدان الغابات والتغلب على الاعتماد على النفط والغاز والفحم بطريقة عادلة ومخططة.
وقد يسهل غياب الولايات المتحدة في بيليم التوصل إلى اتفاق بشأن هذا الإطار؛ وكلما زاد عدد القادة المستعدين لدعم مثل هذه الخطوات كان ذلك أفضل.
وأضافت أن هناك خطوات أخرى يمكن للمندوبين اتخاذها لجعل مؤتمرات الأطراف المستقبلية أكثر فعالية، لا سيما فيما يتعلق بتعزيز الخطط الوطنية الطوعية للمناخ التي تقع في صميم اتفاق باريس والتي من المفترض أن يتم تحديثها بانتظام.
وفي ختام افتتاحيتها، قالت الصحيفة إنه لسنوات بعد اتفاق باريس، حث النشطاء قادة العالم على “الحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية”، والآن بعد أن أصبح هذا الهدف على وشك الانهيار، تتمثل مهمة الوفود المشاركة في (كوب 30) في بيليم في الحفاظ على عملية مؤتمر الأطراف حية، فعلى الرغم من عيوبها وتعقيداتها، ليس لدى العالم بديل آخر.
المصدر: أ ش أ

