ذكرت صحيفة الشرق الأوسط في مقال للكاتب محمد الرميحى أن غزة تعيش اليوم حالة فريدة، لا تشبه حرباً كاملة ولا سلاماً حقيقياً، وكذلك الضفة الغربية، بل تقع بين فكّين ضاريين، اللاسلم واللاحرب، كذلك لبنان، وهي منطقة رمادية من التاريخ، لا تنتمي إلى الحرب النظامية، ولا إلى التهدئة المستقرة، هذه الحالة المعلقة جعلت من القطاع الذي يقطنه أكثر من مليونين من البشر نموذجاً مأساوياً لتجمد الصراع، وتآكل الأمل، في ظل الحصار والانقسام والدمار المتكرر، تحوّلت غزة إلى رمز الانتهاك الإنساني البشع، وساحة صراع مفتوح، تستنزف الجميع، الفلسطينيين والعرب، حتى القوى الكبرى.
الحالة ليست جديدة على التاريخ، فالعالم شهد حالات مشابهة، كمثل شبه جزيرة كوريا بعد الحرب الكورية 1953 التي انتهت باتفاق هدنة دون سلام دائم، وظلت الحدود مشتعلة والعداء مستمراً إلى يومنا هذا، ومليون من اللاجئين ينتظرون المصالحة التي لم تأتِ، وربما لن تأتي.
غزة اليوم تحمل كل ملامح تلك التجارب، حدوداً مغلقة، واقتصاداً مشلولاً وانقساماً داخلياً. في ظل هذا الجمود يعيش أهل غزة بين الفقر والعزلة فانخفضت معدلات التعليم والرعاية الصحية إلى أدنى مستوياتها، وخسر جيل كامل فرصة التعليم، لا يعرف إلا الحرب والدمار.
لم تبقَ مأساة غزة داخلها، بل تسربت إلى الجوار العربي سياسياً وإنسانياً.
الخطر الحقيقي ليس في الدمار المادي فقط، بل في تآكل المعنى، حين يولد الطفل الفلسطيني وهو لا يعرف سوى الطائرات والملاجئ والرصاص، ويتحول السلام في ذهنه إلى وهم، والعدالة إلى شعار فارغ.
غزة لا تحتاج إلى شفقة، ولا إلى مؤتمرات، بل إلى رؤية شجاعة، يقودها الفلسطينيون موحدين.
المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

