وول ستريت جورنال: جولة ترامب الآسيوية اختبار جديد لاستراتيجيته فى إعادة تنظيم التجارة العالمية
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، أن جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الآسيوية تمثل اختبارا حاسما لقدرته على إعادة صياغة النظام التجاري العالمي وفق رؤيته القائمة على الصفقات الثنائية والدبلوماسية الشخصية.
وأضافت الصحيفة في سياق تقرير إخباري إن الجولة تأتي في وقت يسعى فيه ترامب إلى ترجمة سياساته الحمائية السابقة إلى اتفاقيات عملية مع شركاء واشنطن في آسيا، وفي مقدمتهم الصين، وسط مؤشرات على استعداد متبادل لخفض التوترات التجارية .
وأوضحت أن ترامب اكتسب زخما من خلال إبرام اتفاقيات رسوم جمركية مع عدد من دول جنوب شرق آسيا، كما أبدى تفاؤلا بشأن الصين قبل اجتماعه مع الزعيم الصيني شي جين بينج المُقرر في وقت لاحق من هذا الأسبوع بينما قال ترامب أمس الاثنين على متن الطائرة الرئاسية في طريقه إلى اليابان “أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق”.
وفي طوكيو اليوم الثلاثاء، تعهد ترامب ورئيسة الوزراء اليابانية الجديدة ساناي تاكايتشي ببدء “عصر ذهبي” جديد للعلاقات الأمريكية اليابانية في أول قمة شخصية لهما حيث قال ترامب، مشيدًا باتفاقية التجارة التي أُبرمت مع اليابان الشهر الماضي: “أعتقد أننا سنحقق تجارة هائلة معًا، أكثر من أي وقت مضى”.
ومن المقرر أن يزور ترامب المنطقة حتى بعد غد الخميس، وإلى جانب اجتماعه المهم مع شي، من المقرر أن يلتقي ترامب بالرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونج غدا الأربعاء.
وتابعت أنه لا يزال هناك الكثير مما يجب إنجازه في مجال التجارة مع اقتصادات آسيوية مهمة أخرى، بما في ذلك كوريا الجنوبية والهند وأستراليا وتايوان، وفي بعض الحالات، يكافح المفاوضون لتحويل الاتفاقيات البسيطة إلى صفقات قابلة للتنفيذ، بينما تستمر محادثات أخرى.
ورأت الصحيفة أنه من شأن إبرام المزيد من الصفقات التجارية أن يعزز أجندة ترامب التجارية الرئيسية، في حين تواجه رسومه المثيرة للجدل ردود فعل قانونية وسياسية في الداخل والخارج، وقد يشجع المزيد من التأخير، على الرغم من التدخل المباشر لترامب، دولًا أخرى على التمسك بشروطها لفترة أطول على أمل الحصول على المزيد من التنازلات.
ونقلت عن كارلوس كازانوفا، كبير الاقتصاديين لشؤون آسيا في بنك يونيون بانكير بريفيه الخاص قوله: “على ترامب أن يُظهر أنه فائز”.
وأشارت الصحيفة إلى أن كوريا الجنوبية تجسد هذا التحدي، إذ يبدو أنها أعاقت إتمام الصفقة التي أبرمتها مع واشنطن في وقت سابق من هذا العام بينما صرح مساعد كبير لرئيس كوريا الجنوبية أمس الاثنين بأنه من غير المرجح التوصل إلى اتفاق عندما يلتقي ترامب مع لي في كوريا الجنوبية في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
واتفقت الدولتان في أواخر يوليو على أن تستثمر سول 350 مليار دولار في الولايات المتحدة مقابل موافقة واشنطن على خفض رسومها الجمركية على السيارات الكورية الجنوبية والعديد من السلع الأخرى من 25% إلى 15%، لكن الجانبين واجها صعوبة في تجاوز الخلافات حول كيفية تطبيق تعهد الاستثمار، حيث أصر ترامب في مرحلة ما على دفع الأموال “مقدمًا”، بدلاً من دفعها على أساس كل مشروع على حدة، على غرار صفقة اليابان.
ومع ذلك، أشار ترامب إلى تحقيق تقدم مع كوريا الجنوبية حيث قال في مؤتمر صحفي على متن طائرة الرئاسة في طريقها إلى ماليزيا: “الأمر قريب جدًا من الانتهاء، إذا كان جاهزًا، فأنا مستعد”.
ووصل ترامب إلى اليابان أمس الاثنين والتقى الإمبراطور ناروهيتو بينما ناقش اليوم التجارة والدفاع وقضايا أخرى مع رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي في أول قمة بينهما اليوم.
وتُعتبر اليابان أحد النجاحات التجارية لإدارة ترامب لأنها وافقت على استثمار 550 مليار دولار في الولايات المتحدة على مدى السنوات القليلة المقبلة مقابل فرض تعريفة جمركية بنسبة 15% على معظم الواردات الأمريكية من اليابان، بما في ذلك السيارات.
وبموجب شروط الاتفاقية، للولايات المتحدة دور كبير في تحديد المشاريع التي تمولها اليابان، ووافقت طوكيو على أن تحصل الولايات المتحدة على 90% من ارباح استثماراتها بمجرد استرداد نفقاتها الأصلية.
وصرح مسئولو إدارة ترامب، بعد وقت قصير من فرض الرسوم الجمركية المقترحة على عشرات الدول هذا الربيع، بأنهم يريدون إعطاء الأولوية للصفقات السريعة مع خمس دول: أستراليا، والهند، واليابان، وكوريا الجنوبية، والمملكة المتحدة.
وتوصلت المملكة المتحدة إلى اتفاق سريع خفضت فيه الولايات المتحدة الرسوم الجمركية إلى 10% مقابل مشتريات بريطانيا من الطائرات والمواد الغذائية الأمريكية.
وتخضع معظم السلع الأسترالية، التي تعاني من عجز تجاري مع الولايات المتحدة، أيضًا لرسوم جمركية بنسبة 10%، لكن يبدو أن التوصل إلى اتفاق أمر بعيد المنال خاصة بعدما صرح وزير التجارة الأسترالي دون فاريل بأن الحكومة تعتقد أن على الولايات المتحدة إلغاء الرسوم الجمركية تمامًا، لكنه أقر بأن ذلك قد يستغرق وقتًا.
وصرح لوسائل الإعلام الأسترالية قائلًا “هذه الأمور لا تحل بين عشية وضحاها”.
كما تُثبت الهند أيضًا أنها صارمة حيث ألغى رئيس الوزراء ناريندرا مودي اجتماعًا وجهًا لوجه مع ترامب مطلع هذا الأسبوع في ماليزيا، واختار حضور قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) الإقليمية افتراضيًا.
وكانت مفاوضات التجارة بين نيودلهي وواشنطن جارية منذ أشهر لكن فاجأ ترامب الجميع بإعلانه فرض تعريفة جمركية بنسبة 50% على الهند، وذلك جزئيا كعقاب على استمرار الهند في شراء النفط الروسي بأسعار مخفضة.
ويواجه مودي ضغوطًا محلية متزايدة للتوصل إلى اتفاق، حيث انخفضت صادرات السلع الهندية إلى الولايات المتحدة منذ دخول التعريفات حيز التنفيذ خلال الصيف.
وفي سبتمبر الماضي، وهو أول شهر كامل في ظل تعريفات واشنطن بنسبة 50%، انخفضت صادرات الهند إلى الولايات المتحدة إلى 5.5 مليار دولار، بانخفاض 20% عن أغسطس وحوالي 40% عن مايو، وفقًا لأجاي سريفاستافا، مؤسس شركة استشارات في نيودلهي.
ولفتت الصحيفة إلى أن ترامب أبرم بالفعل بعض الصفقات خلال أول زيارة له إلى آسيا منذ فوزه بولاية ثانية، موضحة إنه أمس الأول، أبرمت الولايات المتحدة اتفاقيات مفصلة مع ماليزيا وكمبوديا، والتي ستؤدي إلى خفض دول جنوب شرق آسيا للتعريفات الجمركية وزيادة مشترياتها من السلع الأمريكية، بما في ذلك المركبات والمنتجات الزراعية.
كما توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاقيات أكثر مرونة مع تايلاند وفيتنام، والتي قد تشكل الأساس لاتفاقيات تجارية أكثر شمولاً في وقت لاحق.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)

