ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن إعلان الرئيس دونالد ترامب، استضافة قمة مجموعة العشرين العام المقبل في منتجعه الخاص بولاية فلوريدا أثار جدلًا واسع النطاق؛ حيث أعاد إلى الأذهان فكرة مماثلة كان قد طرحها خلال فترة ولايته الأولى، قبل أن يتراجع عنها في الوقت الأخير؛ بسبب الانتقادات اللاذعة كونها ستخلط بين الدبلوماسية الخارجية للبلاد ومصالحه التجارية الخاصة.
وأفادت الصحيفة اليوم الأحد، أن ترامب أعلن أن قمة 2026 ستُقام في منتجع “ترامب ناشونال دورال” قرب ميامي، متجاهلًا الانتقادات الأخلاقية الحادة التي واجهها في ولايته الأولى عندما اقترح استضافة قمة اقتصادية في المكان نفسه، والتي ركزت على أن ترامب يسعى لتحقيق مكاسب شخصية ومالية على حساب الدبلوماسية الخارجية للولايات المتحدة، وهو الأمر الذي نفاه، مشددًا على أن “الولايات المتحدة لن تحقق أي مكاسب مالية من استضافة القمة”.
وكان ترامب قد واجه في عام 2019 عاصفة من الانتقادات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بسبب خلطه بين الدبلوماسية الخارجية ومصالحه التجارية الخاصة، ما دفعه آنذاك للتراجع عن الفكرة. لكن هذه المرة، لم تظهر انتقادات علنية من الجمهوريين، في دلالة وصفتها الصحيفة بأنها تكشف مدى نجاح ترامب في إحكام قبضته على الحزب بعد هزيمته في انتخابات 2020.
ودافع الرئيس الأمريكي عن قراره قائلاً: “الجميع يريد أن تُعقد هناك. إنه بجوار المطار وهو الموقع الأفضل والمكان جميل”.. دون أن يوضح من هم “الجميع”- وفقًا للصحيفة. وأضاف أنّه لن يحقق أي مكاسب من استضافة القمة، مؤكدًا أن المنتجع سيكتفي بتقديم الخدمات “بسعر التكلفة”، وهو الموقف ذاته الذي تبنته الإدارة الأمريكية عام 2019.
مع ذلك، أقر ترامب بأن اختيار منتجع دورال يمثل مشكلة لوجستية، إذ يتزامن موعد القمة في ديسمبر 2026 مع ذروة الموسم السياحي في فلوريدا، وهي الفترة التي تسجل فيها الفنادق أعلى نسب إشغال وأعلى أسعار أيضًا. وقال: “ديسمبر هو الشهر الأكثر إشغالًا في فلوريدا، ولا يمكنك أن تجد غرفة فارغة هناك. من هذه الناحية، الأمر ليس جيدًا، لكننا نريد أن نضمن نجاحه”.
وأشارت “نيويورك تايمز”- في تقريرها- إلى حقيقة أن ترامب طالما استخدم، منذ بداية مسيرته السياسية، حملاته الانتخابية وفترة ولايته للترويج لعلامته التجارية وتحقيق مكاسب مالية. ففي ولايته الأولى، كان يعقد لقاءات وعشاءات مع داعمين سياسيين في فندق “ترامب إنترناشيونال” بواشنطن، والذي تحول لاحقًا إلى “والدورف أستوريا”، ليصبح الوجهة الأبرز لجمع التبرعات السياسية في العاصمة. كما كان يزور باستمرار ممتلكات أسرته، مما ولّد عوائد مالية من مرافقيه من موظفي الحكومة وغيرهم.
وخلال حملته الانتخابية لعام 2024، كثّف ترامب استغلاله التجاري لاسمه، وهو نهج استمر بعد عودته إلى البيت الأبيض، متجاهلاً علامات الاستفهام الأخلاقية. ومنذ إعادة انتخابه، أطلق سلسلة مشاريع تجارية مثيرة للجدل، من بينها جمع 320 مليون دولار كرسوم من عملة رقمية جديدة مرتبطة باسمه وإبرام صفقات عقارية خارجية بمليارات الدولارات وافتتاح نادٍ حصري في واشنطن تحت اسم “الفرع التنفيذي” برسوم عضوية تصل إلى 500 ألف دولار.
وأخيرًا، اعتبرت الصحيفة الأمريكية أن قرار استضافة قمة العشرين في دورال يعيد إلى الواجهة الجدل الدائم حول تقاطع السياسة بالأعمال التجارية في عهد ترامب ويثير تساؤلات حول حدود الأعراف الأخلاقية للرئاسة الأمريكية في ظل حصانته من القوانين التي تجرّم تضارب المصالح.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)

