أظهرت دراسة حديثة أن تناول “سيماغلوتايد”، وهو المكون النشط في دواء “أوزمبيك”، لا يقتصر تأثيره على إنقاص الوزن فحسب، بل يمتد أيضًا إلى فقدان الكتلة العضلية وتقليص حجم بعض الأعضاء، بنسب وتأثيرات لا تزال غير مفهومة تمامًا. ورغم أن هذه الأدوية تنتمي إلى فئة مضادات “GLP-1” وتستخدم أساسًا لعلاج مرض السكري والسمنة المفرطة، إلا أن إساءة استخدامها بغرض إنقاص الوزن انتشرت على نطاق واسع في السنوات الأخيرة.
وقد أصبحت هذه الأدوية تمثل تقدمًا كبيرًا في علاج السمنة، إذ يستخدمها ملايين المرضى حول العالم، وفي فرنسا تحديدًا، قامت الوكالة الوطنية لسلامة الأدوية والمنتجات الصحية بتوسيع نطاق وصفها ليشمل أطباء الطب العام، كما تم خفض عتبة مؤشر كتلة الجسم المطلوبة لوصفها من 35 إلى 27، ما يسمح بوصفها لفئة أوسع من المرضى.
لكن بالرغم من فعاليتها في إنقاص الوزن، إلا أن استخدامها لا يخلو من آثار جانبية.
فقد أظهرت دراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة “Cell Metabolism” أن التأثيرات التي تُحدثها هذه الأدوية على العضلات والأعضاء الأخرى معقدة أكثر مما كان يُعتقد سابقًا. واستخدم باحثو جامعة “يوتا” الأمريكية نموذجًا لحيوانات مصابة بالسمنة تم علاجها بسيماغلوتايد، وقد لوحظ فقدان كبير في الوزن تراوح بين 19% و26%، شمل أيضًا فقدانًا في الكتلة العضلية بنسبة 9% إلى 14%. لكن المفاجئ أن الكبد كان من الأعضاء الأكثر تضررًا، إذ انكمش حجمه في بعض الحالات إلى النصف.
الدراسة بيّنت أن فقدان الكتلة العضلية ليس متجانسًا، حيث تتأثر بعض العضلات دون غيرها، بل إن بعض العضلات فقدت قوتها بشكل غير مرتبط بفقدان الكتلة نفسها، ما يشير إلى وجود آليات بيولوجية لم تُفهم بالكامل بعد. وقد علّق الدكتور فرانسوا باتو، رئيس قسم الجراحة العامة والغدد الصماء بمستشفى جامعة ليل، أن هذه النتائج تمثل تحذيرًا مهمًا، وتؤكد أن بعض تأثيرات هذه الأدوية ما زالت غامضة وتتطلب مزيدًا من الدراسة.
وأكد الخبراء أن فعالية هذا النوع من العلاجات يجب أن تُرافق بخطة علاجية متكاملة تشمل مراقبة النظام الغذائي، مع التركيز على تناول البروتينات الكافية للحفاظ على الكتلة العضلية، إلى جانب ممارسة تمارين رياضية منتظمة تركز على تقوية العضلات. ويُعد ذلك ضروريًا لتفادي الآثار السلبية المترتبة على الاستخدام الطويل لهذه الأدوية.
وفي السياق ذاته، حذر الدكتور ستيفن هيمسفيلد من ظاهرة “تأثير التذبذب” التي قد تحدث عند التوقف عن العلاج، موضحًا أن استعادة الوزن غالبًا ما تكون سريعة وتشمل زيادة الدهون بشكل أكبر من استعادة العضلات، مما يؤدي إلى مشاكل صحية إضافية. وتشير التقديرات إلى أن نحو 80% من الوزن المفقود قد يُستعاد في غضون ستة أشهر بعد إيقاف العلاج، كما أن معدل توقف المرضى عن العلاج بعد ثلاث سنوات يصل إلى نحو 50%، ما يرفع من احتمال حدوث هذا التذبذب بشكل كبير.
تُعد أدوية GLP-1 واحدة من أحدث الابتكارات في علاج السمنة والسكري، وتعمل عن طريق محاكاة تأثير هرمون طبيعي ينظم الشهية ومستويات السكر في الدم. ومع ذلك، فإن فعاليتها الكبيرة يجب أن تُوازن مع إدراك واضح لمخاطرها المحتملة، والحاجة إلى اتباع نهج علاجي شامل لتفادي أي عواقب غير مرغوب فيها على الصحة العامة للمرضى .
المصدر : أ ش أ

