وول ستريت جورنال: ترامب يستخدم الحروب التجارية لحماية عمالقة التكنولوجيا فى وادى السيليكون
رأت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تستخدم الحروب التجارية التي تخوضها عالميًا كأداة لحماية مصالح قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة، عبر منع الدول الأجنبية من فرض ضرائب أو لوائح تنظيمية أو تعريفات جمركية جديدة على شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة.
وأوضحت الصحيفة في تقرير، اليوم الأربعاء، أن الإدارة الأمريكية تهدف إلى استغلال التهديد بفرض رسوم جمركية وحرمان بعض الدول من الوصول إلى السوق الأمريكية، لردعها عن استهداف شركات التكنولوجيا الأمريكية، خاصة مع اقتراب الموعد النهائي المحدد ذاتيًا في الأول من أغسطس، الذي من المتوقع أن تدخل فيه تعريفات جمركية حيز التنفيذ ضد عشرات الشركاء التجاريين.
وكشفت مصادر مطلعة لـ”وول ستريت جورنال”، دون الكشف عن هوياتهم، أن الإجراءات التي تستهدف شركات الإنترنت الأمريكية لا تزال نقطة خلاف رئيسية في المفاوضات الجارية مع كل من البرازيل وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي.
ومن المقرر أن يلتقي وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسينت، وممثل التجارة الأمريكية جيمسون جرير، بوزيري التجارة والمالية الكوريين في واشنطن الجمعة المقبل.
وكان قرار ترامب المفاجئ بإنهاء المحادثات التجارية مع كندا الشهر الماضي بسبب مقترحها لفرض ضريبة على الخدمات الرقمية، قد سلط الضوء على أولوية إدارته في حماية هيمنة قطاع التكنولوجيا الأمريكي، ما دفع كندا إلى سحب الرسوم الضريبة في محاولة لإنقاذ المحادثات التجارية.
تأتي هذه الحماية في أعقاب حملة طويلة من شركات التكنولوجيا التي حذرت من أن ما تعتبره ضرائب ولوائح تنظيمية غير عادلة في الخارج قد يقلّص من قدرتها على الاستثمار داخل الولايات المتحدة.
ويُعد الموقف الأمريكي الرافض للضرائب الرقمية في الخارج انتصارًا لصناعة التكنولوجيا، رغم أن الشركات لا تزال تواجه تحديات داخلية مع إدارة ترامب، بما في ذلك قضايا الاحتكار وتأثير التعريفات الجمركية على أعمالها.
وقال نو واكسلر، مستشار الشؤون العامة الذي عمل سابقًا لدى شركات مثل “ميتا” و”جوجل”: “لقد قامت الشركات بعمل جيد في تصوير أجندة التكنولوجيا الكبرى كأنها أولوية وطنية أمريكية”، كما أن العديد من قادة هذا القطاع تبرعوا بملايين الدولارات لحفل تنصيب ترامب.
ووجد قطاع التكنولوجيا حلفاء له في مسؤولي التجارة في الولايات المتحدة هوارد لوتنيك، وبيسينت، وجرير، الذين ساعدوا في التوصل إلى اتفاق مع إندونيسيا يضمن إسقاط خطط فرض رسوم على السلع الرقمية مثل الأفلام أو البرامج المحملة، كما تم تأمين التزامات مماثلة من فيتنام، رغم أن الإدارة لم تُفصح بعد عن تفاصيل الاتفاق، بحسب “وول ستريت جورنال”.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديزاي إن الإدارة ملتزمة بتنفيذ وعد ترامب بحماية الشركات الأمريكية المبتكرة من الممارسات غير العادلة في الخارج.
من جانبها، أكدت البرازيل أنها تركز حاليًا على استئناف المحادثات التجارية، وليس على إجراءات انتقامية، فيما رفضت المفوضية الأوروبية، المسؤولة عن سياسة التجارة في الاتحاد الأوروبي، التعليق، كما لم ترد سفارات كوريا الجنوبية وفيتنام على طلبات للتعليق.
ويؤكد مسؤولون سابقون في إدارة ترامب الأولى أنه كان يعارض بشدة أي محاولة من دول أخرى لفرض ضرائب أو تنظيمات على شركات التكنولوجيا الأمريكية، حتى وإن كان ينتقدها على المستوى الداخلي.
وقال إيفريت إيسنستات، نائب مدير المجلس الاقتصادي الأمريكي سابقًا: “ترامب يرى أن تلك الضرائب وسيلة من الدول الأخرى للاستيلاء على إيرادات الشركات الأمريكية بشكل غير عادل”.
وخلال ولايته الأولى، عندما فرض الاتحاد الأوروبي غرامات كبيرة على شركات تكنولوجية أمريكية كبرى، وصف ترامب مفوضة المنافسة الأوروبية آنذاك بـ”سيدة الضرائب” التي “تكره أمريكا”، كما أطلقت الولايات المتحدة في 2019 تحقيقات حول الضرائب الرقمية في دول مثل فرنسا، لكن هذه التحقيقات توقفت لاحقًا خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن.
وتحاول العديد من الدول منذ سنوات إعادة تخصيص أرباح وادي السيليكون الناتجة عن الإعلانات الرقمية والأنشطة عبر الإنترنت لصالح اقتصاداتها المحلية، كما عززت بعض الدول تنظيمات للحد من المعلومات المضللة، وتحقيق الشفافية، وحماية القُصّر، إلى جانب سن قوانين لمكافحة الاحتكار.
وتأمل إدارة بايدن في التوصل إلى حل جماعي من خلال عملية متعددة الأطراف لمعالجة قضايا الضرائب الرقمية، لكن تلك المساعي توقفت، ما أثار استياء العديد من المديرين التنفيذيين الذين شعروا بأن الإدارة تجاهلت تصاعد القوانين الأجنبية، في الوقت الذي ينتقد فيه البعض تدخل الإدارة في دعم قطاع مزدهر أصلًا كقطاع التكنولوجيا، بينما تغض الطرف عن قطاعات أخرى أكثر تأثرًا بالتعريفات الجمركية، واصل الديمقراطيون انتقاداتهم لعلاقات ترامب الوثيقة مع قادة التكنولوجيا والعملات الرقمية.
وعقب إعادة انتخاب ترامب، زار كبار قادة القطاع، مثل مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا” مالكة “فيسبوك، وسوندار بيتشاي الرئيس التنفيذي لشركة “جوجل”، منتجع مارالاجو في فلوريدا الذي يمتلكه ترامب، لمناقشة الرئيس الأمريكي في كيفية كبح السياسات الأجنبية التي تعتبرها الشركات ضارة.
وفي مقابل التهديد بفرض تعريفات هائلة على سلع من عدة دول، طالبت إدارة ترامب تلك الحكومات بتخفيف بعض القيود المفروضة على شركات التكنولوجيا، حيث سحبت الهند في مارس الماضي ضريبتها على الخدمات الرقمية، ولا تزال المحادثات جارية معها، حيث أكد ترامب أن التوصل إلى اتفاق بات قريبًا.
وكانت ضريبة الخدمات الرقمية الكندية تمثل اختبارًا رئيسيًا، إذ كانت ستشجع دولًا أخرى على اتخاذ إجراءات مماثلة، خاصة مع اعتزام أوتاوا فرض رسوم بقيمة 3 مليارات دولار على شركات التكنولوجيا الأمريكية، تشمل بأثر رجعي إلى عام 2022.
وفي أواخر يونيو، تصاعد الخلاف بين ترامب ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني خلال قمة مجموعة السبع حول الضريبة الرقمية، وكانت بعض الشركات تستعد لدفع الضرائب قبل أن يتدخل ترامب قبيل الموعد النهائي، وحتى الآن لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري بين الجانبين، وأشار كارني إلى أن التعريفات الأمريكية قد تظل قائمة حتى مع إبرام اتفاق.
وفي الأسبوع الماضي، بعد أن أعلن ترامب عزمه فرض رسوم بنسبة 50% على الواردات البرازيلية، أطلق جرير تحقيقًا بموجب قانون التجارة الأمريكي ضد البرازيل بشأن ممارساتها التجارية، بما يشمل الضرائب الرقمية والمدفوعات الإلكترونية، وهي خطوة لاقت ترحيبًا كبيرًا من قطاع التكنولوجيا.
المصدر : أ ش أ

