قالت صحيفة الخليج الإماراتية فى افتتاحيتها إن الرصاصات الأولى التي انطلقت في فضاء مدينة السويداء في جنوب سوريا لم تكن رصاصات طائشة أو عشوائية، أو مجرد حادث عابر، بل كانت مقدمة لما بعدها من مواجهات دامية سقط فيها عشرات الضحايا، وأحداث عنف مؤسفة طالت أبرياء وقرى، وفتحت الباب أمام تنفيذ مؤامرة طال انتظارها، خططت لها إسرائيل منذ أمد بعيد، لخلق واقع جديد على الأرض السورية ستكون له امتدادات تتجاوز الجغرافيا السورية إلى المنطقة، بهدف تقسيمها إلى كانتونات طائفية في إطار مشروع «الشرق الأوسط الجديد» الذي طالما بشّر به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقالت الصحيفة إنه من الواضح أن إسرائيل تستخدم طائفة الموحدين الدروز «كبش فداء» لمشروعها بزعم حمايتهم، مستفيدة من حالة الانقسام بين صفوفهم داخل سوريا وفي فلسطين، فهي تستخدم الشيخ موفق طريف الزعيم الروحي للطائفة في فلسطين من أجل تحقيق ما تريد، وهو يستخدم إسرائيل لتحقيق ما يريد في أن يصبح زعيماً وحيداً للطائفة في كل المنطقة.
وأضافت الصحيفة أنه كان من المتوقع أن يفضي الاتفاق بين السلطة السورية ووجهاء السويداء يوم أمس الأول إلى التهدئة ومباشرة تطبيق القانون بما يحفظ القانون، ومحاسبة المتسببين في ما حدث، على أن تنسحب قوات النظام من المدينة لإتاحة الفرصة أمام جهود التهدئة، بينما تعمدت إسرائيل استغلال الوضع بشن عدوان جوي واسع النطاق طال مؤسسات رسمية ومدنية من بينها مبنى رئاسة الأركان وقصر الشعب في دمشق، لكن رغم التعليمات الرسمية بضبط النفس، إلا أن الوضع ازداد سوءاً بعدما أعلن الشيخ حكمت الهجري تشكيكه في الاتفاق الذي اعتبر أنه جاء «تحت ضغط حكومي»، ودعا إلى «مواصلة مواجهة القوات النظامية»، ثم ازداد الوضع سوءاً بعدما أعلنت العشائر العربية النفير العام، وذلك في إطار «حقها المشروع في الدفاع عن المظلومين ورد العدوان عن النساء والطفال»، وفق البيان الذي تلاه أحد زعماء العشائر.
وأشارت الصحيفة إلى إنه وفقا المعلومات، فإن آلاف المسلحين من أبناء العشائر الذين قدموا من مختلف المحافظات انخرطوا في الاشتباكات، وتمكنوا من السيطرة على عدد من القرى والبلدات أبرزها المزرعة، واقتربوا من مدينة السويداء، في حين أعلنت وزارة الداخلية إرسال قوات إلى المدينة للسيطرة على الوضع.
وكانت الرئاسة السورية قد قالت أصدرت بياناً قالت فيه إن التفاهم كان يضمن التزام القوات الخارجة عن القانون بعدم استخدام العنف، وأكدت «أن ما جرى لاحقاً مثّل خرقاً واضحاً للتفاهمات».
وأكدت الصحيفة إن هذه الاشتباكات تصب مباشرة في مصلحة الأهداف الإسرائيلية، وفي مطلق الأحوال فإن الأصابع الإسرائيلية ليست بعيدة عنها لإثارة فتنة طائفية تسعى إليها منذ وقت طويل لتفتيت سوريا وتقسيمها إلى «جزر وكانتونات» كما ذكر الصحفي الإسرائيلي تسفي برئيل، في حين أن الصحفي الإسرائيلي يهودا بلنجا كان أكثر وضوحاً في مقال نشرته صحيفة «إسرائيل اليوم» بالقول «إن سوريا الشرع دولة تعيش في فوضى، وهناك احتمالات عالية بأنها ستغرق في حرب أهلية أخرى».
واختتمت الصحيفة إن هذا ما تريده إسرائيل بالضبط، وهو ما تسعى إليه الآن، وعلى سوريا أن تحسم أمرها، وأن تختار بين أن تكون دولة لكل أبنائها، أو تستسلم للفوضى والفتنة الطائفية. فالدولة وحدها قادرة على إعادة الأمن والاستقرار، وضمان المساواة والعدالة بين الجميع، في حين أن الفوضى لا تخدم إلا إسرائيل. وعلى الشعب السوري أن يحدد مصيره بيديه وينتصر لنفسه ودولته.
المصدر : الخليج

