العدل هو الركيزة الأساسية التي تقوم عليها المجتمعات المتماسكة والمستقرة، وتمثل العدالة إحدى أبرز القيم المركزية في تكوين المجتمعات الإنسانية ومراحل تحولها الحضاري. ولعل القيمة المركزية التي اكتسبها مفهوم العدالة تعود إلى أنها إحدى المسلمات التأسيسية لمنظومة القيم، والتي تمثل معالجة لنوازع الخير في الإنسان، وسعي دعاة الفكر إلى التذكير والتأكيد لممارسة العدالة في المجالين الاجتماعي والسياسي، فالعدالة هي تكليف أخلاقي تعني الاستقامة. وغداة انتهاء الحرب العالمية الثانية، أسرع المفكرون إلى تقديم قراءة معمقة لكيفية إدراك السلام العالمي انطلاقاً من أصول الوحدة الاجتماعية للبشر.
ففي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر عام 1948، والذي نص على وحدة الجنس البشري، ومساواة البشر في الحقوق والواجبات، أكد أن أول خطوة في طريق بناء السلام العالمي هي إقرار وحدة الأصل الاجتماعي للبشر جميعاً. وفي الأساس لا يستقيم ميزان العدالة إلا بالحق الكامل، ولا تتحقق الرحمة إلا بالعدل والإحسان. وعندما انفرط ميزان العدل وتغلبت شهوة السيطرة والتسلط، فكانت الحرب العالمية الأولى هي التعبير الأمثل لسعي كل دولة من الدول المتصارعة إلى جعل نفسها قوة مركزية ومسيطرة، وتصبح الدول الأخرى تابعة لها. وقد انتهت تلك الحرب بمأساة إنسانية حيث قتل فيها ملايين البشر وخاصة من أفراد الجيوش المتصارعة، إضافة إلى ملايين المصابين والمشردين من الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في تلك الحروب.
ويزداد الوضع في العالم سوءاً مع طمس العدالة. والمشكلة التي لم يتخلص منها المجتمع الدولي حتى الآن ما يُعرف بالكيل بمكيالين خاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
إن تطبيق العدالة في فلسطين بات أمراً ضرورياً , فليس هناك من ظلم أكثر من أن يتم طرد شعب بأكمله من وطنه لا لذنب اقترفه. إن هذه القضية تضرب أساس العدل في القانون الدولي، بل إنها قد تشعل فتيل حرب دولية لا أحد يعرف كيف ستكون نهايتها.
المصدر : صحيفة الخليج الإماراتية

