ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، في عددها الصادر اليوم الإثنين، أن الحرب الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة قد تلقي بظلالها على اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في العاصمة واشنطن، وذلك في ظل تصاعد التوترات الإقليمية.
وأوضحت الصحيفة،في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، أن اللقاء المرتقب بين ترامب ونتنياهو – وهو الثالث بينهما هذا العام – قد يتأثر بالحرب الإسرائيلية التي دخلت شهرها الحادي والعشرين ضد حركة حماس، مما قد يحد من فعالية الزيارة ويثير تساؤلات حول مدى جدية ترامب في الضغط لإنهاء الصراع.
وقالت الصحيفة إن ترامب دأب على الضغط على كل من إسرائيل وحماس لإنهاء القتال، الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وأدى إلى دمار واسع في غزة، كما عمّق عزلة إسرائيل الدولية، وأبعد فرص التوصل إلى حل شامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي .
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب، عقب الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران، أعرب عن رغبته في رؤية نهاية وشيكة للنزاع في غزة. وأضافت أن اجتماعه المرتقب مع نتنياهو قد يضفي زخمًا جديدًا على المبادرة الأمريكية لوقف إطلاق النار، والتي يجري بحثها بين إسرائيل وحماس، إلا أن فرص التوصل إلى اتفاق لا تزال غير واضحة.
ونقلت الصحيفة عن مايكل أورين، السفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن، قوله: “التوقعات ستكون إيجابية للغاية، لكن خلف هذه الأجواء، تلوح تساؤلات جادة ” .
وتابعت الصحيفة أن نتنياهو أعرب، قبيل مغادرته إلى واشنطن، عن تفاؤله إزاء فرص التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، مؤكدًا أنه يعمل على “تحقيق الاتفاق قيد النقاش وفقًا للشروط المتفق عليها”. وقال: “أعتقد أن النقاش مع الرئيس ترامب يمكن أن يُسهم بشكل كبير في تحقيق هذه النتيجة التي نأملها جميعًا”.
وترى الصحيفة أن هناك مؤشرات على تقارب بين إسرائيل وحماس بشأن اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، قد يشمل هدنة مدتها 60 يومًا، وإدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، وإطلاق سراح بعض من الرهائن الخمسين المتبقين لدى حماس.
إلا أن العقبة الأبرز تظل الخلاف حول ما إذا كان وقف إطلاق النار سيؤدي إلى إنهاء الحرب بشكل كامل؛ حيث أعلنت حماس استعدادها لإطلاق سراح جميع الرهائن مقابل إنهاء الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، في حين يشترط نتنياهو انتهاء الحرب فقط بعد استسلام حماس، ونزع سلاحها، ومغادرتها إلى المنفى، وهو ما ترفضه الحركة.
ولفتت الصحيفة إلى أن ترامب يسعى إلى ترسيخ صورته كصانع سلام، وقد تفاخر مرارًا باتفاقيات السلام التي ساهمت فيها إدارته، مثل تلك التي وُقعت بين الهند وباكستان، وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، إضافة إلى إسرائيل وإيران. كما لم يُخفِ طموحه بالحصول على جائزة نوبل للسلام.
غير أن التفاصيل الدقيقة للمقترح الأمريكي، ومدى قدرته على إنهاء الحرب، لا تزال غامضة. ففي الأيام التي سبقت زيارة نتنياهو، بدا ترامب متشككًا في إمكانية تحقيق اختراق.
وعندما سُئل يوم الجمعة الماضي عن مدى ثقته في التوصل إلى اتفاق، أجاب للصحفيين: “أنا متفائل جدًا، لكن كما تعلمون، الأمور تتغير من يوم إلى آخر”.
كما تعهد ترامب، الذي تتوافق سياساته بدرجة كبيرة مع أولويات إسرائيل، بأن يكون “صارمًا للغاية” مع نتنياهو بشأن إنهاء الحرب، دون أن يوضح ما المقصود بذلك. ويُذكر أن ضغوط ترامب على نتنياهو أثمرت في الماضي عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ووفقًا للصحيفة، يواجه نتنياهو تحديًا في تحقيق التوازن بين مطالب الحليف الأمريكي وضغوط أحزاب اليمين المتطرف داخل ائتلافه الحاكم، التي ترفض إنهاء الحرب وتُمسك بمفتاح بقائه السياسي.
ورغم الدعم الأمريكي القوي لإسرائيل في حربها ضد إيران، والذي تجلى في الغارات الجوية المشتركة على موقع نووي إيراني تحت الأرض، إلا أن هذا الدعم قد يُصعّب على نتنياهو رفض مطالب ترامب.
ورجحت الصحيفة أن ترامب قد يتوقع بدوره مقابلًا لمواقفه، خاصة بعد دعواته الأخيرة لإلغاء محاكمة نتنياهو في قضايا الفساد. ونقلت عن إيتان جلبوع، الخبير في الشؤون الأمريكية الإسرائيلية بجامعة بار إيلان قرب تل أبيب، قوله: “يعتقد ترامب أن نتنياهو مدين له. وإذا رأى ترامب أن إنهاء الحرب في غزة يصب في مصلحته، فسيسعى لتحقيق ذلك”.
وأضاف جلبوع: “الأهم بالنسبة لترامب هو إنهاء الحرب في غزة، فهذا هو مفتاح تحقيق السلام الإقليمي في الشرق الأوسط”.
ومن المتوقع أيضًا أن يبحث ترامب ونتنياهو خلال لقائهما سبل تثبيت وقف إطلاق النار مع إيران، وطرق الرد على أي انتهاكات محتملة، حيث صرح ترامب، مساء الأحد، أن من بين القضايا التي يعتزم مناقشتها “التوصل إلى اتفاق دائم مع إيران”.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)
