تواصل ميليشيا قوات سوريا الديموقراطية الإثنين هجومها في الكيلومترات الأخيرة التي ينتشر فيها آخر مقاتلي داعش في أقصى شرق سوريا، فيما أسفرت غارات جديدة شنها التحالف الدولي على المنطقة عن مقتل 16 مدنياً بينهم أطفال، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأعلنت ميليشيا قوات سوريا الديموقراطية التي تضم فصائل كردية وعربية السبت بدء هجومها الأخير لطرد مئات الجهاديين المحاصرين في بقعة صغيرة في ريف دير الزور الشرقي، بعد توقف استمر أكثر من أسبوع للسماح للمدنيين بالخروج.
وقالت مصادر سورية إن “المعارك مستمرة للضغط على التنظيم للاستسلام”، مشيراً إلى أن “قوات سوريا الديموقراطية تتقدم ببطء” نتيجة عوائق عدة مثل الألغام والقناصة والأنفاق التي حفرها الجهاديون في المنطقة.
ويضاف إلى ذلك، وجود أسرى من ميليشيا قوات سوريا الديموقراطية لدى التنظيم المتطرف، وفق مدير المكتب الإعلامي لقوات سوريا الديموقراطية مصطفى بالي الذي نفى لفرانس برس تقارير عن حصول عمليات إعدام بحقهم.
وقرب الباغوز، آخر بلدة لا يزال الجهاديون يتواجدون في جزء منها، بدت سحب من الدخان الكثيف تتصاعد من بعيد بالتزامن مع تحليق مستمر للطيران. ويسمع على بعد عشرات الكيلومترات دوي انفجارات يرجح أنها ناتجة عن قصف لأهداف الجهاديين.
وتخوض قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف منذ سبتمبر عملية عسكرية ضد التنظيم في ريف دير الزور الشرقي. وتمكنت من طرده من كل القرى والبلدات، ولم يعد موجودا سوى في بقعة صغيرة لا تتجاوز أربعة كيلومترات مربعة تمتد من أجزاء من بلدة الباغوز وصولاً إلى الحدود السورية العراقية.
وبحسب التحالف الدولي الداعم للهجوم ضد التنظيم، تمكنت قوات سوريا الديموقراطية من “تحریر نحو 99,5 في المئة من الأراضي الخاضعة لسیطرة داعش” في سوريا.
ومنذ بدء الهجوم، قتل، وفق المرصد السوري، أكثر من 400 مدني بينهم 144 طفلاً جراء المعارك والغارات، فضلاً عن اكثر من 1200 جهادي و670 عنصراً من تنظيم الدولة الإسلامية.
والإثنين، قتل 16 مدنياً على الأقل بينهم سبعة أطفال جراء غارات للتحالف الدولي استهدفت أطراف بلدة الباغوز.
وأوضح عبد الرحمن أن غالبيتهم “من عائلات مقاتلي التنظيم، وقتلوا أثناء محاولتهم الفرار باتجاه الحدود العراقية”.
ودفعت العمليات العسكرية وفق المرصد أكثر من 37 ألف شخص الى الخروج من آخر مناطق سيطرة التنظيم منذ مطلع ديسمبر، غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات الجهاديين، وبينهم نحو 3400 مشتبه بانتمائهم الى التنظيم، وتم توقيفهم.
في منطقة قاحلة قريبة من الباغوز، تجري قوات سوريا الديموقراطية بشكل شبه يومي عملية فرز للأشخاص الفارين من الجيب الأخير، وتعمل على التدقيق في هويات الخارجين وأخذ بصماتهم، وتنقل المشتبه بانتمائهم للتنظيم إلى مراكز تحقيق خاصة. وهي تعتقل حاليا مئات من الجهاديين الأجانب.
ويشكل وجود هؤلاء معضلة للإدارة الذاتية التي تطالب بلدانهم باستعادتهم لمحاكمتهم لديها، فيما تبدي دولهم تحفظاً إزاء هذا الملف.
وأفادت مصادر سورية بأن 600 شخص وصلوا الأحد إلى مكان سيطرة قوات سوريا الديموقراطية، بينهم 20 مشتبها بانتمائهم لتنظيم داعش وضمن هؤلاء فرنسيتان وسبعة أتراك وثلاثة أوكرانيين.
وتتوقع ميليشيا سوريا الديموقراطية أن يستمر هجومها الأخير أياما عدة، وأعلنت الأحد سيطرتها على 40 موقعاً للجهاديين بعد اشتباك مباشر معهم بالسلاح الخفيف.
وكانت قوات سوريا الديموقراطية أفادت في وقت سابق عن احتمال وجود نحو 600 جهادي ومئات المدنيين في الكيلومترات الأخيرة.
في 19 ديسمبر، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب حلفاءه الغربيين والمقاتلين الأكراد بإعلانه أنّ الولايات المتحدة ستسحب قواتها التي تصل إلى 2000 جندي من سوريا.
و تحذر ميليشيا سوريا الديموقراطية من الخلايا النائمة المنتشرة للتنظيم المتطرف خصوصاً في ريف دير الزور، حيث لا تزال تشن هجمات تستهدف بشكل أساسي مقاتلين من تلك القوات.
وخلال سنوات النزاع السوري، شكل المقاتلون الأكراد شريكاً فعالاً لواشنطن في قتال الجهاديين. إلا أن إعلان ترامب قراره بسحب قواته كان له وقع الصدمة عليهم.
وأبدى الأكراد خشيتهم من أن يسمح القرار الأميركي لتركيا بتنفيذ تهديداتها بشن هجوم على مواقع سيطرتهم، حيث تخشى أنقرة من أن يقيموا حكماً ذاتياً قرب حدودها.