“لماذا استغرق وقف إطلاق النار في غزة كل هذا الوقت”.. سؤال طرحته مجلة “تايم” الأمريكية، بعد أن تم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين “حماس” وإسرائيل بوساطة مصرية قطرية أمريكية.
سؤال الـ “تايم” جاء في سياق تحليل للمجلة على موقعها الالكتروني، “يبدو” أنها تلقي فيه بأصابع الاتهام لرئيس الوزراء الإسرائيلي
، بنيامين نتنياهو: “وقف إطلاق النار في غزة.. لماذا استغرق كل هذا الوقت؟.. وماذا يجب أن نستنتج من وقف إطلاق النار الذي كان يمكن أن يتم إنجازه منذ أشهر، مما كان سيؤدي إلى إنقاذ آلاف الأرواح الفلسطينية في غزة وأرواح بعض الرهائن الذين تحتجزهم حماس وحلفاؤها؟.
تقول المجلة “يمكننا فقط أن نحتفل بأن الفلسطينيين المدنيين في غزة قد لا يواجهون، على الأقل، خلال ستة أسابيع القصف المنتظم والجوع والحرمان على يد القوات الإسرائيلية، كما أن 33 رهينة سيحظون بحريتهم للمرة الأولى منذ 7 أكتوبر 2023، إضافة إلى مئات من الأسرى الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل”، ورأت أن الأمر يتطلب طرفين للتوصل لأي اتفاق، ولا شك أن هناك ترددا من كلا الجانبين”، مستطردة أن نتنياهو هو من كان “يغير الأهداف باستمرار مضيفا شروطا جديدة رغم المعاناة الهائلة المستمرة”.
وذكرت المجلة أنه لطالما قالت الحكومة الإسرائيلية إنها ترغب في تدمير “حماس”، لكن هذا كان دائما حلما بعيد المنال.. فهل تدهورت “حماس”؟.. (نعم)، تم ذلك، لكن تدميرها، كان دائما يبدو مستحيلا، ومع ذلك، كانت هذه الحجة تستخدم لتغيير جوهر القضية عن الاحتلال الإسرائيلي الذي لا ينتهي، والذي يغذي المقاومة العنيفة، وتوفير ذريعة للاستمرار في القتال رغم 15 شهرا من الفظائع التي ألحقها الاحتلال بشعب غزة.
وتستطرد “تايم” بالقول “في الواقع.. كانت القسوة الشديدة للعملية العسكرية الإسرائيلية، تدمير الأحياء بالكامل، القصف المتكرر للمقاتلين أو المقاتلين المزعومين دون اعتبار للخسائر المدنية، وزيادة حصيلة الشهداء بسبب تدمير معظم البنية التحتية الصحية في الأراضي، وفرض ظروف شبيهة بالمجاعة، بمثابة حافز متوقع لتجنيد المزيد من عناصر “حماس”، فقد توصلت الحكومة الإسرائيلية إلى سلام مع “حزب الله” اللبناني، الأكثر قوة، بعد أن تم تدهوره فقط، وليس “تدميره”.
ورأت أن جزءا كبيرا من الإجابة يكمن في “المصالح الشخصية” لنتنياهو، “إذ أن بقاءه في السلطة يعتمد على وزيرين من اليمين المتطرف، إيتامار بن جفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين رأيا في الحرب على غزة فرصة لدفع حوالي مليوني فلسطيني من قطاع غزة.. فقد تحدث سموتريتش عن (الهجرة الطوعية) للفلسطينيين من غزة، مما يعني خلق ظروف داخلية كانت خطرة وغير إنسانية لدرجة أن الفلسطينيين يشعرون بأنه ليس لديهم خيار سوى الفرار من وطنهم، مثلما كان الحال مع النكبة في عام 1948، ستكون الهجرة من اتجاه واحد؛ الهدف الإسرائيلي كان أن لا يسمح لهم بالعودة أبدا”.
وفي وقت قريب من هذا الأسبوع، حذر بن جفير من أنه سيترك حكومة نتنياهو “إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار”.. وقد يحدث ذلك، مشيرة إلى أن هذا “سيهدد ليس فقط بقاء نتنياهو في السلطة، بل أيضا مستقبله السياسي وحرية شخصه؛ لأن إنهاء الحرب من المحتمل أن يعني محاسبة سياسية على إخفاقات الاستخبارات التي سمحت بهجوم 7 أكتوبر واكتمال محاكمته في قضايا الفساد المعلقة”.
وتساءلت المجلة (ماذا تغير الآن؟)، حيث تشير التوقيتات إلى أن عاملا مهما كان هو عودة دونالد ترامب المحتملة إلى البيت الأبيض، فقد هدد بأنه سيحدث “جحيما” إذا لم يتم التوصل إلى صفقة، فلم يكن واضحا أبدا ما الذي كان يقصده (ترامب)، ففكرة أنه “سيقطع مبيعات الأسلحة والمساعدات العسكرية لإسرائيل بينما لم يفعل جو بايدن ذلك كانت غير واردة.. أما بالنسبة للفلسطينيين، فكان من الصعب تخيل ظروف أكثر جحيما من تلك التي يعيشونها، باستثناء الترحيل القسري الجماعي الذي سيكون طريقا مؤكدا لمزيد من الإدانة العالمية لإسرائيل”.
تقول المجلة “وبدلا من ذلك، يبدو أن نتنياهو استخدم تهديد ترامب كذريعة لإقناع حلفائه من اليمين المتطرف أنه ليس لديه خيار سوى قبول وقف إطلاق النار.. ما إذا كانت هذه الذريعة ستنجح أم لا لا يزال غير مؤكد، ومن المؤكد أن مصير مليوني فلسطيني في غزة يعتمد على مثل هذه المناورات السياسية هو أمر مؤلم للغاية”.
ورغم أن المجلة التمست لإسرائيل “الحق في الرد على هجوم “حماس”، إلا إنها قالت إنه لم يك لديها الحق في الرد بطريقة أظهرت قسوة تامة تجاه حياة المدنيين، وهي طريقة يقول عدد متزايد من الحكومات ومنظمات حقوق الإنسان والأكاديميين إنها ترقى إلى الإبادة الجماعية، ولم يكن لها الحق في استمرار تلك الحرب عندما كان مبررها كأمر من أمور الأمن الوطني قد تلاشى منذ وقت طويل، وأصبحت الحرب مجرد أداة لرجل واحد للاحتفاظ بالسلطة”.
وقالت إن نتنياهو يواجه بالفعل اتهامات أمام المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب في غزة، لكنه يستحق أيضا إدانة غير مشروطة، “لنعمل على أن يذكر في التاريخ ليس فقط كرجل كان مستعدا لتمزيق أبسط القواعد التي تهدف إلى حماية المدنيين من مخاطر الحرب، بل يجب أن يُعرف أيضًا كرجل قبل بوفيات لا حصر لها لمجرد التمسك بالسلطة”.
المصدر :وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)

