يستضيف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اليوم الخميس في لندن قادة من العالم كافة، بهدف بدء حملة دولية ضد الفساد، بعد شهر بالكاد على فضيحة “وثائق بنما”، التي كشفت عن ممارسات تهرّب ضريبي على نطاق واسع.
يشارك في القمة ممثلون عن حوالى أربعين دولة، لا سيما الدول التي يطاولها الفساد بشكل واسع، مثل الرئيس الافغاني اشرف غني ونظيره النيجيري محمد بخاري.
كما دعي إلى القمة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد، ورئيس البنك الدولي جيم يونج كيم ورئيس منظمة الشفافية الدولية خوسيه اوجاز. ويطمح كاميرون إلى إقناع القادة بتوقيع “أول إعلان عالمي ضد الفساد”، وفق ما أعلنت الحكومة البريطانية.
سيحضّ الإعلان الموقعين على “العمل معًا”، وعلى “الإقرار بأن الفساد يقوّض الجهود المبذولة لمكافحة الفقر، وتشجيع الازدهار، ومكافحة الإرهاب والتطرف”. كما يلزم النص الموقعين بـ”مطاردة الفساد أينما يوجد، وملاحقة كل من يرتكبه أو يسهله أو يتواطأ فيه، ومعاقبته”.
وأعلن كاميرون في بيان “لا يمكن الانتصار في المعركة ضد الفساد بين ليلة وضحايا. الأمر سيتطلب وقتا وشجاعة وتصميما”، مضيفا “معا ستمنح مكافحة الفساد المكانة الواجبة لها: في طليعة جدول الاعمال الدولي”.
إلا انه لا يعرف بعد ما اذا كانت القمة ستحقق الأهداف المحددة، في وقت أفادت صحيفة “تايمز” انه تم منذ الآن تخفيض نبرة البيان الختامي نزولاً عند طلب بعض الدول، وحتى شطب فقرة منه كانت تستبعد “الافلات من العقاب بالنسبة إلى الفاسدين”.
وأعربت موسكو التي سترسل نائب وزير الخارجية اوليج سيرومولوتوف إلى القمة، عن تحفظات حيال أي طابع إلزامي لاتفاق محتمل. غير إن مسؤول منظمة الشفافية الدولية في بريطانيا روبرت بارينجتون رأى انه يجدر بكاميرون “عدم الرضوخ” لضغوط البعض”. وقال “وضع رئيس الوزراء برنامجا للحكومات المصممة على مكافحة الفساد، ويعود الآن إلى الآخرين ان يظهروا انهم يشاطرون هذا الطموح”.
وفي رسالة نشرتها منظمة “اوكسفام” الإثنين، دعا 300 خبير اقتصادي من 30 بلدا، بينهم توماس بيكيتي وانجوس ديتون الحائزان جائزتي نوبل للاقتصاد، إلى وضع حد للجنات الضريبية التي “تحرم الدول من عائدات ضريبية وترغم الدول الفقيرة على دفع اثمان باهظة”. وتعقد هذه القمة الدولية بعد أكثر من شهر على تسريب “أوراق بنما”، التي دفعت دولا عدة إلى فتح تحقيقات في ملفات تهرب ضريبي، وقادت إلى استقالة رئيس وزراء ايسلندا ووزير اسباني.
وكشفت الوثائق المسربة من مكتب “موساك فونسيكا” للمحاماة البنمي، والبالغ عددها 11,5 مليونا، عن استخدام شركات اوفشور على نطاق واسع لايداع أموال في مناطق تدفع فيها ضرائب منخفضة وتحكمها تشريعات ضريبية غامضة. وطاولت الفضيحة كاميرون نفسه، الذي اضطر إلى الاقرار بانه كان يمتلك حصصا في شركة اوفشور كان يملكها والده ايان، الذي توفي عام 2010.
وحرصًا منه على اعطاء العبرة، قد يعلن الزعيم المحافظ الخميس مجموعة اجراءات تهدف الى ترتيب الامور داخل بلاده، وتستهدف بالمقام الاول سوق العقارات في لندن، التي تحولت، بحسب منظمة الشفافية الدولية، وسيلة فائقة الفاعلية لتبييض الاموال.
كما يخضع كاميرون لضغوط من اجل تعزيز الشفافية في مقاطعات ما وراء البحار البريطانية، بعدما كشفت وثائق بنما ان اكثر من نصف الشركات المدرجة فيها (113 الفا) تتخذ مقرا لها في جزر فيرجين البريطانية، واحدة من الجنات الضريبية في العالم.
وتقيم بريطانيا في الشهر المقبل سجلا يسمح بمعرفة هوية المالكين الفعليين للشركات المستقرة في هذا البلد، بمعزل عن اي شركات وهمية يختبئون خلفها، ما سيشكل سابقة بين دول مجموعة العشرين والاتحاد الاوروبي. غير ان منظمات مكافحة الفساد تريد من لندن ان توسع هذا السجل، ليشمل الاراضي التابعة للتاج البريطاني، مثل جزر كايمان وجزر فيرجن وجزر برمودا وجزيرة جيرزي وغيرها.
وقال جون كريستنسن، المسؤول في شبكة “تاكس جاستيس نتوورك”، المتخصصة في العدالة الضريبية، “ان اردتم تقديم انفسكم على انكم زعماء، يجدر بكم البدء بتسوية الاوضاع عندكم”.
المصدر:وكالات