أكدت لجنة المحققين الدولية التابعة للأمم المتحدة لبحث الجرائم في سوريا اليوم الثلاثاء أن كل أطراف الصراع في سوريا لا تحترم القانون وتستغل الفرص لتحقيق نجاحات بغض النظر عن سلامة المدنيين، واصفا الوضع في إدلب والغوطة الشرقية وعفرين بـ”القنابل الموقوتة” التي يمكن أن تنفجر في أية لحظة حيث أصبحت مناطق تصعيد نزاع وليست تخفيف للنزاع تزامنا مع معاناة المدنيين .
وقالت اللجنة، خلال عرض تقرير الأمم المتحدة الـ50 بشأن الوضع الإنساني في سوريا، “إن الغارة التي شنتها طائرة روسية على سوق في بلدة الأتارب قرب حلب وأسفرت عن مصرع 84 شخصا على الأقل في نوفمبر الماضي قد ترقي إلى “جريمة حرب”.
وأضافت أن قوات النظام السوري شنت هجمات كيماوية في الغوطة الشرقية في شهري يوليو ونوفمبر الماضيين ، لافتة إلى أن هناك عنفا كبيرا من خلال الهجمات المتعمدة ضد المدنيين والتجويع والاعتقال التعسفي واستمرار استعمال الأسلحة الكيماوية ، مجددا الدعوة لمحاسبة وتوفير العدالة لكل الضحايا في سوريا وخلق مبادرات لمعاقبة المسئولين”.
وتابعت “ينبغي تحسين الأوضاع للمدنيين السوريين في القريب العاجل ومن ضمن الإجراءات التي يجب اتباعها وقف الهجمات المتعمدة والعشوائية ضد المدنيين، فضلا عن دخول المساعدات الإنسانية بدون قيود إلى المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها، وإطلاق سراح المعتقلين تعسفيا”.
وأكدت اللجنة أن تقريرها جاء بناء على حوارات مع العديد من الضحايا الذين تعرضوا للتعذيب والضربات الجوية وغيرها، وبلغ عدد تلك الحوارات نحو 500 حوار، أظهرت كلها أن كل الأطراف في النزاع السوري شاركت في الانتهاكات.
ولفت تقرير اللجنة إلى أن المعارك ضد تنظيم “داعش” في الرقة ودير الزور، تسببت كذلك في أضرار جسيمة للمدنيين وممتلكاتهم فضلا عن استهداف المدارس والمستشفيات.
وأوضحت اللجنة أن غوطة دمشق الشرقية محاصرة منذ 5 سنوات، لافتة إلى أن مئات الآلاف من المدنيين هناك يعانون من استخدام سياسة التجويع ضدهم ومنع وصول المساعدات الإنسانية إليهم، فيما تقوم الجماعات المحاصرة هناك بقصف المناطق المأهولة في مدينة دمشق، وكل هذه الانتهاكات ترسخ استمرار معاناة الأشخاص وحرمانهم من العدالة، وأكد التقرير “لقد حان الوقت ليتغير هذا الوضع”.
ومن جانبها، قالت المفوضة كارين أبوزيد، في تقرير الأمم المتحدة الـ50 بشأن الوضع الإنساني في سوريا، “إن احتجاز قوات سوريا الديمقراطية العشوائي للنازحين أمر لا يمكن تبريره”..موضحةً أن مخيمات النازحين تكاد تنعدم فيها الموارد تزيد من معاناتهم.
وطالبت أبوزيد بالسماح لهؤلاء المدنيين بالمغادرة إن هم أرادوا ذلك .. مؤكدةً أن انتهاكات قوات سوريا الديمقراطية التي وثقها التقرير تشمل التجنيد القسري بما في ذلك تجنيد الأطفال.
وقال عضو لجنة المحققين الدولية التابعة للأمم المتحدة لبحث الجرائم في سوريا هاني مجالي : إنه حتى في حال التزام الدولة بمكافحة الإرهاب فليس هناك ما يبرر معاقبة كل السكان من خلال التجويع والقصف العشوائي ومنع الإغاثة الطبية والإنسانية، مؤكدًا أن هذا النزاع تميز بالتجاهل التام لقواعد الحرب وأنه يتعين على كل الأطراف رفع كل حالات الحصار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية والامتناع عن استخدام الخطط التي تستهدف المدنيين أساسًا.
ولفت التقرير إلى أن أماكن العبادة ومراكز الدفاع المدني والبيوت والمرافق الطبية والأسواق والمخابز والمدارس لاتزال تتعرض للاستهداف بشكل منتظم مع إفلات كل الأطراف المتحاربة من العقاب.
وأشار إلى أنه خلال إحدى الهجمات الأكثر دموية ، شن سلاح الجو الروسي في 13 نوفمبر الماضي هجمات جوية استهدفت إحدى المناطق المدنية التي تشهد أكبر كثافة سكانية في الأتارب (حلب) ؛ ما أدى إلى مقتل 84 مدنيًا وإصابة 150 شخصًا..مؤكدًا أن الهجمة شهدت استخدام أسلحة غير موجهة واستهداف سوق ومركز للشرطة ومحلات ومطعم قد ترقى إلى جريمة حرب.
وذكر أن حصار الغوطة الشرقية – الذي يشهد عامه الخامس – تميز بالاستخفاف المتزايد من حيث انتقاء وسائل وأساليب الحرب مما أدى إلى أفدح حالات موثقة لسوء التغذية الحاد طوال فترة النزاع السوري ، كما أن الهجمات العشوائية التي تستهدف المدنيين والأعيان المحمية واستخدام الأسلحة الكيماوية والذخائر العنقودية والاستمرار في منع الإجلاء الطبي تظل السمة المميزة لهذا الحصار.
وأفاد التقرير بأن المجموعات المسلحة ضمن المنطقة المحاصرة واصلت قصفها العشوائي على مدينة دمشق، بما يرقى إلى جرائم حرب تؤدي إلى قتل وتشويه عشرات المدنيين.
المصدر: وكالة انباء الشرق الأوسط (أ ش أ)