في وقت يشهد فيه العالم تطورات جيوسياسية متلاحقة وضبابية اقتصادية، يتوافد قادة مجموعة السبع إلى جبال الروكي الكندية لحضور قمة تعد من بين الأشد تعقيدا في تاريخ المجموعة.
وذكرت وكالة أنباء “أسوشيتد برس” الأمريكية اليوم الأحد أن قادة أبرز القوى الاقتصادية العالمية يتوافدون إلى كندا للمشاركة في القمة، في ظل أجواء سياسية غير مسبوقة، من اشتعال الحرب بين إسرائيل وإيران إلى تصاعد الغموض حول نوايا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لا يزال يلوح برسوم جمركية على الحلفاء والخصوم على حد سواء، ويقلب موازين التحالفات التقليدية.
ومن المقرر أن يصل ترامب إلى كاناناسكيس في ولاية ألبرتا الكندية في وقت متأخر من مساء اليوم الأحد، على أن تبدأ أعمال القمة رسميا غدا الاثنين، بينما يحتمل عقد اجتماعات ثنائية بين القادة اليوم.
وتطرح القمة – التي تعقد في أجواء سياسية غير مسبوقة – تساؤلات حاسمة حول مستقبل النظام الدولي، خاصة مع انسحاب واشنطن المتدرج من أدوارها القيادية، ووسط تصعيد ميداني في الشرق الأوسط جاء مفاجئا للعديد من قادة العالم، بعد الضربات المتبادلة بين تل أبيب وطهران، والتي باتت تهدد بإشعال المنطقة.
وجاء التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران – الذي فاجأ العديد من زعماء العالم – ليعكس حجم التوتر العالمي المتزايد، في وقت يسعى فيه ترامب لسحب الولايات المتحدة من دورها التقليدي كـ”شرطي العالم”.
وفي تصريحات أدلى بها على متن طائرة متوجهة إلى كندا، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إنه أجرى محادثات مع ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعدد من القادة الآخرين بهدف تهدئة الأوضاع، مؤكدا أن بريطانيا أرسلت طائرات تابعة لسلاح الجو الملكي وقوات عسكرية إضافية إلى الشرق الأوسط.
وأضاف ستارمر “لدينا مخاوف قديمة بشأن البرنامج النووي الإيراني، ونعترف بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكن من الضروري وقف التصعيد .. فخطر التوسع الإقليمي والاضطراب الأوسع لا يمكن تجاهله”، مشيرا إلى أن القمة ستشهد مناقشات مكثفة حول هذا الملف.
وقرر رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، مستضيف القمة، التخلي عن التقليد السنوي بإصدار بيان ختامي مشترك، في ظل الأجواء المشحونة، وتحولت القمة إلى سلسلة لقاءات ثنائية، مع سعي قادة الدول للتأثير على ترامب وثنيه عن فرض رسوم جمركية جديدة.
ويعتبر ترامب “الورقة غير المحسوبة” في القمة، خاصة في ظل تصريحاته المثيرة للجدل مؤخرا، مثل اقتراحه ضم كندا كـ”الولاية الأمريكية رقم 51″، وسعيه للاستحواذ على جرينلاند.
وتوقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في جرينلاند في زيارة رمزية قبل توجهه إلى كندا، حيث التقى زعيم الإقليم ورئيسة وزراء الدنمارك على متن حاملة مروحيات دنماركية.
ورغم العلاقة المتقلبة بين ماكرون وترامب، لم تحقق محاولات ماكرون السابقة نتائج ملموسة، لا فيما يخص الرسوم الجمركية الأمريكية على أوروبا، ولا في تأمين دعم أمني أمريكي لأوكرانيا.
ويسعى ماكرون وستارمر لبناء تحالف دولي للمشاركة في حفظ الأمن بعد أي وقف لإطلاق النار مع روسيا، على أمل دفع إدارة ترامب لتقديم الدعم اللازم.
ومن المقرر أن يصل ترامب إلى كاناناسكيس في ولاية ألبرتا الكندية في وقت متأخر من مساء الأحد، على أن تبدأ أعمال القمة رسمياً يوم الاثنين، بينما يحتمل عقد اجتماعات ثنائية بين القادة اليوم.
ووجه كارني دعوات لعدد من قادة الدول غير الأعضاء في مجموعة السبع، من بينهم قادة الهند وأوكرانيا والبرازيل وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية وأستراليا والمكسيك والإمارات .. وسيبقى ملف تجنّب الرسوم الجمركية حاضراً بقوة في جدول الأعمال.
وكان ستارمر قد أجرى اجتماعا وديا مع ترامب في البيت الأبيض في فبراير الماضي، ووجه له دعوة لزيارة رسمية من الملك تشارلز الثالث .. ورغم خلافاتهما السياسية، امتدح ترامب رئيس الوزراء البريطاني.
ومن المتوقع أن يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع ترامب خلال القمة، في أول لقاء بينهما منذ اجتماعهما المثير للجدل في البيت الأبيض قبل أشهر، والذي سلط الضوء على حساسية التعامل مع الرئيس الأمريكي.
وكان ستارمر قد زار أوتاوا قبيل القمة، والتقى بكارني في أول زيارة لرئيس وزراء بريطاني إلى كندا منذ ثماني سنوات، ركّزت على ملفات الأمن والتجارة.
من جهتها، سعت ألمانيا إلى التخفيف من التصور بأن القمة ستتحول إلى مواجهة “ستة ضد واحد” ضد ترامب، مشيرة إلى وجود خلافات طبيعية في المواقف بين دول المجموعة.
واختتم كريتيان بالقول “المشكلة الوحيدة التي لا يمكن التنبؤ بها هي ما الذي قد يفعله الرئيس الأمريكي، تبعاً لمزاجه أو لرغبته في تصدر العناوين”.
المصدر : أ ش أ