انطلقت فعاليات القمة الخليجية الصينية بالمملكة العربية السعودية، اليوم الجمعة، بمشاركة زعماء وقادة دول الخليج.
وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، رحب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان بجميع الحاضرين في هذه القمة، معربا عن تطلعه في تحقيق المزيد من النجاح المنشود في تحقيق الأمن وتطلعات الشعوب في مستقبل أفضل يسوده التعاون الذي من شأنه أن يحقق النماء والازدهار في المنطقة.
وأكد ولي العهد السعودي أن توقيت انعقاد هذه القمة يأتي في ظل العديد من التحديات التي تواجه المنطقة والعالم أجمع، داعيا إلى أهمية تفعيل العمل الجماعي المشترك لمواجهة هذه التحديات الراهنة من خلال أهداف مجلس التعاون الخليجي.
وشدد على أنه استنادا إلى عمق العلاقة والصداقة التاريخية التي تربط بلدان الخليج مع دولة الصين الشعبية فإن هذه القمة تؤسس لانطلاقة تاريخية جديدة للعلاقة بين الصين والسعودية تهدف إلى تعميق التعاون مع جمهورية الصين الشعبية في كافة المجالات وإلى تنسيق وجهات النظر حيال القضايا الإقليمية والدولية، مشيرا إلى النتائج المتميزة على الأمن والاستقرار في المنطقة بفضل الشراكة مع دولة الصين.
وأشاد بالتطور الاقتصادي الصيني المتسارع تحت قيادة الرئيس شي جين بينج والدور الكبير الذي تلعبه في الاقتصاد العالمي، مؤكدا أن دول الخليج تولي أهمية قصوى لرفع مستوى الشراكة الاستراتيجية مع جمهورية الصين الشعبية .
وأكد ولي العهد السعودي، في كلمته، أن دول مجلس التعاون تتطلع إلى تبادل الخبرات وخلق شراكات متنوعة في ضوء الخطط التنموية الطموحة لدول المجلس، ونشهد تطور متسارع في العلاقة الخليجية الصينية والتنوع الواضح في مجالات التعاون الاستراتيجي بين الجانبين كالتجارة والاستثمار والطاقة والتعليم والبحث العلمي والبيئة والصحة، كما تتطلع دول المجلس إلى رفع مستوى هذا التعاون إلى آفاق أرحب .
وأشار إلى الارتفاع الملحوظ في حجم التبادلات التجارية بين دول مجلس التعاون وجمهورية الصين الشعبية خلال السنوات الماضية التي نتوقع أن تستمر في النمو بعد إتمام المفاوضات الخاصة بإقامة منطقة تجارية حرة بين الجانبين وذلك لتسهيل التجارة وحوكمة المصالح التجارية المتبادلة بما يتيح الاستفادة القصوى من فرص الاستثمار الواعدة وتعميق وتوسع مجالات الشراكة بين الجانبين.
وأوضح أن دول المجلس تثمن الشراكة الاستراتيجية بينها وبين جمهورية الصين الشعبية وتشيد بخطط العمل المشترك للمدة من 2023 إلى 2027 لأهميتهما في تعزيز إطار التعاون الاستراتيجي بين الجانبين .
ولفت إلى اهتمام دول المجلس في العمل جنبا إلى جنب مع جمهورية الصين الشعبية لاستكشاف سبل عملية لمواجهة التحديات العالمية بما في ذلك الأمن الغذائي وتحسين تكامل سلاسل الإمداد العالمية وأمن الطاقة .
وقال “إن دول المجلس – دول الخليج العربي – مستمرة في دورها لتلبية احتياجات العالم للطاقة والصين”، كما تثمن دول المجلس سعي الصين لطرح مبادرات تعنى بتنشيط مسار التعاون وتعزيز العمل الدولي متعدد الأطراف وعلى رأسها مبادرة “أصدقاء التنمية العالمية” ونشارك التفكير مع أصدقائنا في الصين حول أهمية إعادة توجيه تركيز المجتمع الدولي نحو التعاون والتنمية ومجابهة التحديات المشتركة التي تواجه الإنسانية.
وأكد أن دول المجلس تستمر في بذل جميع الجهود لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة كما تدعم الحلول السياسية والحوار لجميع التوترات والنزاعات الإقليمية والدولية منمنطلق أن ذلك هو المسار الكفيل بتحقيق السلام والأمن والازدهار كما أن هذه الغايات لن تتحقق إلا بخروج الميليشيات والمرتزقة من جميع الأراضي العربية ووقف التدخلات الخارجية بشأنها.
ووجه الشكر للرئيس الصيني على السعي المستمر لتعميق العلاقات الصينية الخليجية.
من جانبه، قال الرئيس الصيني شي جين بينج “إن التواصل الودي بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي وصل إلى ما يقارب 2000 عام ، حيث كانت شعوب الجانبين تتواصل بشكل مكثف ومستمر في طريق الحكمة الشرقية المتمثلة بالاهتمام بالسلام والدعوة إلى الانسجام والسعي وراء العلم”.
وأضاف الرئيس الصيني، في كلمته، “إن الصين تواصلت مع مجلس التعاون الخليجي فور تأسيسه في عام 1981 ، وعلى مدى الأكثر من 40 عاما الماضية كتب الجانبان فصولا مبهرة من التضامن وتساند وتعاون وكسب مشترك” .
وتابع أن طفرة العلاقات الصينية الخليجية ترجع إلى أسباب عديدة منها الثقة المتبادلة العميقة بين الجانبين ، حيث أن الصين ودول مجلس التعاون الخليجي تتبادل دوما دعم السيادة والاستقلال وتحترم طرق التنموية لبعضهما البعض وتتمسك بالمساواة بين جميع الدول سواء كانت كبيرة أو صغيرة وتدافع بحزم عن تعددية الأطراف .
وأشار إلى هناك تكامل على درجة عالية بين الجانبين ، حيث أن الصين تتمتع بسوق استهلاكية واسعة ومنظومة صناعية متكاملة بينما يتميز الجانب الخليجي بموارد الطاقة الغنية وتطور مزدهر لتنويع الاقتصاد.
ونوبه بأن الجانبين يعدان شريكين طبيعيين للتعاون والتفاهم بين شعوبهما ، حيث أن كل من الجانبين الصيني والخليجي ينتمي إلى حضارة شرقية ولديهما القيم الثقافية المتشابهة وهما من الشعوب التي تتفاهم وتتقارب لبعضها البعض وتتاقسم في السراء والضراء ، ويتبادلان المساعدة بروح الفريق الواحد في وجه تغيرات الأوضاع الدولية والإقليمية والتحديات الناجمة عن الأزمة المالية وجائحة كورونا والكوارث الطبيعية الكبرى.
وأشاد الرئيس الصيني بما بذلته دول مجلس التعاون الخليجي من جهود ليصبح المجلس أكثر منظمة إقليمية حيوية في الشرق الأوسط والخليج العربي من خلال التمسك بتقوية الذات عبر التضامن في مواجهة التحولات العالمية، وتحقيق نمو اقتصادي رغم التداعيات الناجمة عن الجائحة، فضلا عن العمل على الدفع بإيجاد حلول سياسية للقضايا الشائكة في المنطقة .
وأكد ضرورة توارث تقاليد الصداقة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، وإثراء المقومات الاستراتيجية للعلاقات الصينية الخليجية في ضوء إقامة العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين.
وأضاف الرئيس الصيني أنه من الضروري ترسيخ الثقة المتبادلة بين بلاده ودول مجلس التعاون الخليجي، بالاستمرار على الصعيد السياسي وتبادل الدعم الثابت للمصالح الحيوية والعمل على صيانة مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، فضلا عن بذل الجهود المشتركة لتطبيق تعددية الأطراف الحقيقية بما يحافظ على المصالح المشتركة للدول النامية.
وشدد على ضرورة تعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية وتفعيل مزايا تكامل وتوليد قوة دافعة للتنمية، معربا عن تطلع بلاده لتحقيق التعاون وتضافر الجهود مع كافة الأطراف في تنفيذ مبادرة التنمية العالمية، وأجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة بما يساهم في التنمية والازدهار وتحسين الأمن في المنطقة.
وأكد مواصلة الصين دعمها الثابت لدول مجلس التعاون الخليجي في الحفاظ على أمنها، ودعم دول المنطقة لحل الخلافات عبر الحوار والتشاور وبناء منظومة الأمن الجماعية في الخليج، معربا عن ترحيب بلاده بدول مجلس التعاون الخليجي للمشاركة في مبادرة الأمن العالمي بغية الحفاظ على السلام والاستقرار للمنطقة بجهود مشتركة.
وأشار إلى ضرورة تعزيز التقارب بين الشعوب وتنويع التواصل الإنساني والثقافي، والاستفادة من الثمار الثقافية المتميزة لدى الجانبين وتدعيم جوهر الحضارة الشرقية بما يقدم مساهمة إيجابية في سبيل تطور وتقدم الحضارة البشرية.
وأكد الرئيس الصيني حرص بلاده خلال السنوات الخمس المقبلة على تضافر الجهود مع دول مجلس التعاون الخليجي للتعاون في المجالات ذات الأولوية، بناء معادلة جديدة للتعاون شامل الأبعاد في مجال الطاقة، وستواصل بلاده استيراد النفط الخام بشكل مستقر وكمية كبيرة من دول مجلس التعاون الخليجي، وزيادة استيراد الغاز الطبيعي المسال منها وتعزيز التعاون في مجالات التدوير والخدمات الهندسية وتخزين وتكرير النفط والغاز، والاستفادة من بورصة شنجهاي للبترول والغاز الطبيعي، وستكون منصة للتجارة النفطية والغازية بالعملة الصينية .
وأضاف أن بلاده ستقوم بتعزيز التعاون في مجال التكنولوجيات الطاقة النظيفة والمنخفضة الكربون مثل الهيدروجين وشبكات الكهرباء الذكية وتعزيز التعاون لتطوين إنتاج المعدات المتعلقة بالطاقة الجديدة، وإنشاء المنتدى الصيني الخليجي للاستخدامات السلمية للطاقة النووية .. فضلا عن التشارك في إنشاء مركز للتميز الصيني الخليجي للأمن النووي وتدريب 300 متخصص من أجل الاستخدامات السلمية للطاقة النووي والتكنولوجيا لدول مجلس التعاون الخليجي .
وأشار إلى الدفع قدما للتعاون في مجالي المالية والاستثمار، مؤكدا حرص بلاده على التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي في مجال الإشراف المالي بما يسهل دخول دول المجلس للسوق رأس المال الصيني، وإنشاء مجلس للاستثمار المشترك مع الجانب الخليجي، والدعم للتعاون بين الصناديق السيادية بين الجانبين بطرق مختلفة.
ولفت الرئيس الصيني إلى حرص بلاده على تعزيز التعاون الاستثماري في مجالي “الاقتصاد الرقمي والتنمية الخضراء”، وغيرها من المجالات الأخرى .. وإنشاء آليات عمل للتعاون الاستثماري والاقتصادي على الصعيد الثنائي وإجراء تعاون في مقايضة العملات المحلية والعالمية ونظام المدفوعات بين البنوك عبر الحدود.
وأكد الرئيس الصينيحرص بلاده الشديد على تعزيز التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي في العديد من المجالات من بينها إنشاء مراكز بيانات ضخمة وتطوير التكنولوجيا في الحوسبة السحابية، كما تحرص على تعزيز التعاون في التكنولوجية في الجيل الخامس والسادس للاتصالات وانشاء دفعة من الحضانات الخاصة بالابتكار وريادة الأعمال.
وشدد على حرص الصين بتنفيذ 10 مشاريع خاصة بالاقتصاد الرقمي في مجالات التعاون بشأن التجارة الإلكترونية العابرة للحدود، وبناء شبكات اتصالات آلية التعاون الصيني ـ الخليجي في مجالات التكنولوجية الأرصاد الجوية من خلال عقد ندوة صينية ـ خليجية في مواجهة تغير المناخ.
وأشار إلى أن الصين تحرص أيضا على انطلاق سلسلة من مشاريع التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي في مجال الفضاء، وذلك من خلال مجالات الأقمار الصناعية للاستشعار عن بعد وتعزيز الاتصالات التطبيقية الفضائية ودعم البنية التحتية الفضائية.
وأكد الرئيس الصيني حرص بلاده على إجراء تعاون في تدريب رواد الفضاء، والترحيب برواد الفضاء من دول مجلس التعاون الخليجي بالدخول إلى محطة الفضاء الصينية للعمل المشترك مع رواد الفضاء الصينيين وإجراء التجارب العلمية الفضائية، والترحيب بالجانب الخليجي للمشاركة في التعاون بشأن النقل الفضائي، إضافة إلى بحث إنشاء مركزا صينيا خليجيا للاستكشاف المشترك للقمر والفضاء العميق.
ولفت إلى ضرورة خلق نقاط بارزة جديدة للتعاون اللغوى والثقافى، حيث من المقرر أن تجري الصين تعاونا في تعليم اللغة الصينية مع 300 جامعة ومدرسة ابتدائية وثانوية في دول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب إنشاء حجرات الدروس الذكية لتعليم اللغة الصينية بالتعاون مع دول المجلس.
وأوضح أن الصين ستوفر 3 آلاف منحة للمشاركة في المخيم الصيفي أو الشتوي في إطار جسر اللغة الصينية، وإنشاء مراكز اختبارية لتعلم اللغة الصينية وفصولا دراسية للغة الصينية عبر الإنترنت، كما تستضيف المنتدى الصيني الخليجي للغات والثقافات، إلى جانب المشاركة في إنشاء مكتبة الصين ودول مجلس التعاون الخليجي للتواصل الثقافي والتعلم المتبادل للغتين الصينية والعربية.
وأشار إلى أن الصين ودول المجلس تقع على عاتق كل منهم رسالة شريفة لتنمية الأمة ونهضتها، لافتا إلى أن العلاقات الصينية الخليجية تتميز بتاريخ طويل ومستقبل واعد، داعيا للعمل يد بيد لمتابعة المسيرة الماضية والتقدم يد بيد إلى الأمام والعمل السوى لخلق مستقبل جميل للعلاقات الصينية.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)