انطلق اليوم الأحد الاجتماع الرابع لمسئولي إذاعات القرآن الكريم التابع لاتحاد الإذاعات الإسلامية برعاية الهيئة الوطنية للإعلام، تحت عنوان “دور إذاعات القرآن الكريم في مواجهة الغلو والتطرف”.
وحضر الجلسة الافتتاحية حسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، والدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف، وفضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، وسالم ولد بوك المدير العام لاتحاد الإذاعات الإسلامية، وزينب الوكيل نائب الأمين العام للجنة المصرية للتربية والعلوم والثقافة، وعدد من مسئولي الإذاعة المصرية وإذاعات القرآن الكريم في الدول المشاركة وشيوخ الأزهر والإفتاء.
ومن المقرر أن تستمر الاجتماعات لمدة 3 أيام في الفترة من 28 – 30 يناير الجاري بمقر الوطنية للإعلام، بمشاركة ممثلي 11 دولة هي السعودية والكويت والبحرين وسلطنة عمان والإمارات والجزائر والأردن وموريتانيا وماليزيا والسنغال وجزر القمر.
وتتناول الاجتماعات، التي تستضيفها مصر لأول مرة، دور إذاعات القرآن الكريم في التصدي لظواهر الغلو والتطرف، وتشارك بها مؤسسات دينية مصرية على رأسها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية.
وقال حسين زين، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، إن الاجتماع يأتي في الوقت الذي تشهد فيه الأمتين العربية والإسلامية حربا من عدو لا يعرف دين ولا إنسانية، ويهدف للتخريب والقتل وتعطيل مسيرة التنمية في أوطاننا، لذلك لزم توحيد الجهود الإعلامية للتصدي لهذا الإرهاب الأسود.
وأضاف أن الإرهاب يشكل خطرا كبيرا على البشرية وقيم التسامح والإنسانية، حيث تتبنى التنظيمات الإرهابية أفكارا متطرفة لا تمت بصلة للدين الإسلامي الحنيف، مؤكدا أن محاربة هذا الفكر المتطرف تقع ضمن دور الإعلام ومسؤولياته بالتكامل مع مؤسسات أخرى ذات صلة في دولنا الإسلامية مثل الثقافة والتعليم والمؤسسات الدينية بمواجهة الأفكار المتطرفة ونشر الأفكار الصحيحة والسمحة والوسطية التي عرف بها الدين الإسلامي.
وأكد زين أن إذاعات القرآن الكريم في مختلف الدول الإسلامية لها دور هام في التأثير الإعلامي لما تتمتع به من احترام ومصداقية لدى المستمع، ويتعاظم دورها في ظل ما نشهده من أفكار متطرفة ومضللة، لذا يقع على عاتق هذه الإذاعات مسؤولية كبيرة في التصدي لهذه الأفكار والدفاع عن قيم الإسلام السمحة.
وأوضح زين أن تفعيل دور إذاعات القرآن الكريم يمكن أن يتم من خلال إعادة بث ما تزخر به مكتباتها من كنوز إذاعية تراثية والاستعانة ببرامجها المتخصصة لصالح نشر قيم الإسلام السمحاء والتعريف بصحيح الدين بما يسهم في تصويب المفاهيم لدى الشباب الذي يعول عليه في دفع عملية التنمية الشاملة في أوطاننا، وأيضا من خلال التحديث في المحتوى الإعلامي ببذل مزيد من الجهد المبدع لتجديد الخطاب الديني وتصحيح المفاهيم المغلوطة وعدم إتاحة المجال إعلاميا للخطاب الديني المتشدد.
وأشار إلى أن الهيئة الوطنية للإعلام تعمل على تحقيق الأهداف السابقة من خلال ما تقدمه من محتوى عبر شاشاتها وإذاعاتها، حيث ساهم الإعلام الوطني المصري على مدى العصور في بناء الشخصية المصرية ولعب دورا تنويريا وتوعويا كبيرا فكان هو المصدر لتثقيف المواطن وتكريس ثقافة التسامح ونبذ العنف والتأكيد على حقوق الإنسان واحترامها.
وبدوره، قال محمد سالم ولد بوك مدير عام اتحاد الإذاعات الإسلامية إن أهمية الاجتماع الرابع لمسؤولي إذاعات القرآن الكريم تكمن في أنه يأتي في وقت تعصف بالكثير من دول الأمة الإسلامية الحروب والفتن وتجتاحها الأفكار المتطرفة التي عبث متبنوها بمقدرات الشعوب الإسلامية.
وأضاف ولد بوك إن المتطرفين استهدفوا البشرية على حد سواء فقد قتلوا المسلمين المصلين في حادث مسجد الروضة بشمال سيناء واعتدوا على المسجد النبوي في العشر الآواخر من رمضان كما قتلوا المسيحيين المصلين في الكنائس.
وأكد أن هذه الأحداث تؤكد حاجة إذاعات القرآن الكريم لمضاعفة الجهود وتوحيدها لإظهار الإسلام الصحيح وشريعته السمحة التي تدعو لنبذ التطرف وقبول الآخر والتعايش معه، مشيرا إلى ضرورة استغلال تصدر هذه الإذاعات للاستماع في الدول الإسلامية لتحصين شباب المسلمين من الأفكار المتطرفة.
وأعرب ولد بوك عن سعادته باستضافة مصر لاجتماع مسؤولي إذاعات القرآن الكريم الذي يمكن وصفه باجتماع أهل القرآن في مصر الكنانة بلد الأنبياء والرسل الذي له مكانة خاصة في التاريخ الإسلامي وبه مؤسسة تعد مرجعية دينية للمسلمين في العالم أجمع هي الأزهر الشريف .. مختتما كلمته بالآية الكريمة “ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين”.
وأكد الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية أن نسبة الاستماع لإذاعة القرآن الكريم في مصر تنافس نسب مشاهدة القنوات الفضائية واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى ضرورة استغلال هذا العامل في تعزيز دور الإذاعة في مواجهة التطرف والغلو.
وقال علام ، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الرابع لمسؤولي إذاعات القرآن الكريم ، إن الإسلام يقوم على محورين رئيسيين أولهما هو البناء حيث يهدف الإسلام لحماية الإنسان وصون كرامته وحقوقه أما الثاني فهو الدفاع عن وجود الإنسان من خلال رفض العنف والكراهية والدعوة إلى التعايش السلمي وقبول الآخر.
وأضاف إن إذاعات القرآن الكريم من هذا المنطلق يجب أن تمثل صرحا قويا للتعامل مع قضايا العصر وفي مقدمتها الإرهاب ومعالجة الفكر المتطرف بنشر الثقافة السمحة والوسطية للإسلام وصحيح الدين الذي يدعو لاحترام الآخر وحقوقه وينبذ الكراهية والعنف والتطرف.
ودعا علام إلى ضرورة أن تتضمن سياسات إذاعات القرآن الكريم نوعيات من البرامج التي تتناسب مع طبيعة العصر، وتقدم على سبيل المثال برامج حوارية بأسلوب شبابي سلس تتناول الأفكار المتطرفة التي ينشرها مدعي التدين وتفنيدها فكرة وراء أخرى لتحل بدلا منها الأفكار الوسطية المعتدلة التي يدعو لها الإسلام الصحيح.
ومن جانبه، قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف إن اجتماع مسؤولي إذاعات القرآن الكريم هو اجتماع هام في توقيت مهم ؛ حيث يهدف الاجتماع لحماية الدين الإسلامي مما نسبته إليه الجماعات متطرفة الفكر من معتقدات خاطئة ومفاهيم مغلوطة وعملها لإخراج نصوص القرآن الكريم عن سياقها الصحيح لتحقيق مصالح دنيوية.
وأضاف جمعة أن علماء الإسلام في مختلف العصور أجمعوا على أن الفقه هو التيسير بدليل وليس التشدد أو الغلو أو التطرف، مؤكدا أن كل ما يؤدي لرقي الإنسان ونشر السلام وتحقيق التنمية هو من صنع الله وهو ما نصت عليه رسالاته وكل ما هو متشدد ومتطرف وينشر الخراب ويدعو للعدوان على الآخر هو من صنع الإنسان.
وأوضح أن إذاعات القرآن الكريم أصبحت الرافد الثقافي الأول لما تتمتع به من نسب استماع مرتفعة وعملها بشكل مستمر على تطوير أفكارها لتناسب قضايا العصر بعيدا عن دعاة الانغلاق والجمود، مؤكدا على أن جهاد الكلمة لا يقل عن جهاد رجال الأمن والقوات المسلحة على الجبهة في مواجهة الإرهاب والتطرف بل أن الكلمة هي الداعم الرئيسي لجهود رجالنا الذين يحاربون الإرهاب باستخدام السلاح.
وأكد جمعة أن مواجهة الطرف هي واجب شرعي لحماية الدين لأن ما أصاب الإسلام من هؤلاء المتطرفين لم ينجح في القيام به أعداء الدين على مر العصور من هنا يأتي دور إذاعات القرآن الكريم على حماية الطبيعة الوسطية السمحة للإسلام كما أن مواجهة التطرف هي واجب وطني أيضا لحماية الأوطان والدفاع عنها فيما يحاك لها من حروب الجيلين الرابع والخامس التي أصبحت تستهدف سلامة الوطن عن طريق تحطيم نفسية مواطنيه وتشويه رموز المجتمع أمام أعينهم والتقليل من شأن ما يحقق على الأرض من إنجازات فضلا عن استخدام السلاح للقتل والتدمير، ونشر الأفكار المضللة على أنها من صحيح الدين.
وبدوره، قال فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في كلمته التي ألقاها نيابة عنه الدكتور ربيع جمعة منسق فروع بيت العائلة والأستاذ بجامعة الأزهر، إن ظاهرة العنف والكراهية ضد المسلمين في الغرب فيما يعرف بمصطلح الإسلاموفوبيا نتجت عن إساءة عقول مريضة للإسلام ونصوص هي في الأصل نصوص سمحة تدعو للتعايش الآمن والسلمي.
وأكد الطيب أن دين الإسلام يتسم بوسطية واعتدال جعلته يستوعب جميع البشر بما في ذلك المخالفون له ويضمن تحقيق المواطنة حيث يتساوى المسلم وغير المسلم في الحقوق والواجبات تحت راية الوطن.
وقال إن رسالات السماء أنزلها الله لنشر السلام والمحبة بين البشر ولا يمكن أن تدعو إلى العنف والكراهية ورفض الآخر إنما نتجت هذه الأمور عن الجهل برسالات الله والغلو من بعض المنتسبين للإسلام الذين اعتمدوا التطرف وسيلة لتحقيق أغراضهم ، وتكمن الطامة الكبرى في تصدر هؤلاء الذين يتبنون الأفكار المغلوطة للمشهد على حساب الفكر المستنير وصحيح الدين.
وأضاف الطيب : إن نزعة نصرة النفس وتحقيق المصلحة الذاتية كانت سببا لأول جريمة على الأرض والتي ارتكبها ولد آدم ضد أخيه ، وظلت هذه العوامل قائمة حتى يومنا هذا حيث كانت سببا في اضطهاد الكفار للأنبياء والعنف الذي استخدمه أهل مكة وقت نزول الإسلام للتنكيل بالنبي محمد وصحابته وأتباعه ، وكذلك التطرف والمغالاة التي تعامل بها الرومان مع المسيحيين في العصور الوسطى.
وأكد أن داعش والجماعات التي تتبنى أفكارها ما هي إلا امتداد للخوارج الذين أخبر عنهم النبي محمد، قائلا “إن هذه الجماعات كانت ومازالت سببا لضعف الأمة الإسلامية وتراجعها ، ومن هنا تبرز أهمية إذاعات القرآن الكريم في حماية الدول الإسلامية عن طريق صد أفكار هذه الجماعات ونشر الإسلام الصحيح الذي يتسم بالوسطية والاعتدال بين شباب المسلمين على وجه الخصوص بوصفهم بناة الأوطان”.
ومن جانبها، قالت زينب الوكيل الأمين العام المساعد للجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة إن مناقشة مسؤولي إذاعات القرآن الكريم لأساليب التصدي للتطرف والغلو هي رسالة حضارية تستهدف الحفاظ على قيم الإسلام.
وأضافت الوكيل أن الإعلام الإسلامي الرسمي وجهت له الاتهامات بعدم القدرة على الحفاظ على قيم الإسلام الصحيح ونشرها حيث يقتصر دورها على تغطية الأحداث المرتبطة بالتطرف والعنف دون معالجة هذه القضية الهامة.
وذكرت أن إذاعات القرآن الكريم لديها القدرة على نشر الثقافة الإسلامية الصحيحة التي تدعو للسلم وقبول الآخر، والتعبئة لمواجهة المفاهيم المغلوطة والأفكار الداعية للتطرف والعنف خاصة في ظل ما تتمتع به إذاعات القرآن الكريم من شعبية واسعة ونسب استماع عالية في الدول الإسلامية.
وأعربت الوكيل عن أملها في أن يسفر اجتماع مسؤولي إذاعات القرآن الكريم بالهيئة الوطنية للإعلام عن الوصول لخطة إعلامية تستهدف نشر ثقافة الإسلام السمحة وتعزيز ثقافة الحوار كأسلوب للتعامل مع الآخر وحماية الشباب من الأفكار المتطرفة.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)