انطلقت أعمال القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة، اليوم الاثنين، لبحث الرد على الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق الذي استهدف الأسبوع الماضي مسؤولين من حماس في العاصمة القطرية.
دعا أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى ضرورة اتخاذ خطوات لوقف غطرسة إسرائيل وتعطشها للدماء وحرب الإبادة الجماعية وتوسيع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية.
وقال الشيخ تميم – خلال كلمته في مستهل القمة العربية الإسلامية الاستثنائية في الدوحة، اليوم /الاثنين/ – “إن من يعمل على اغتيال الطرف الذي يفاوضه يتعمد إفشال مفاوضات التوصل لوقف لإطلاق النار بغزة”، لافتا إلى أن اسرائيل تعتبر المفاوضات تكتيكا من تكتيات الحرب، وحكومتها لا تريد إطلاق سراح المحتجزين.
وجدد إدانة بلاده للعدوان الإسرائيلي على مبني سكني في الدوحة، والذي أسفر عن استشهاد ستة أشخاص، بينهم مواطن قطري، وإصابة آخرين، قائلا: إن العدوان الإسرائيلي على الدوحة يعد انتهاكا سافرا وخطيرا لسيادة الدولة، ودوس علي المواثيق والأعراف الدولية.. لقد تعرضت عاصمة بلدي الدوحة، التي تنعقد فيها هذه القمة، إلى اعتداء غادر استهدف خلاله أحد المساكن التي تقيم فيها عائلات القيادة السياسية لحركة (حماس) ووفدها المفاوض”.
وأضاف: أن “العدوان الإسرائيلي استهدف حي سكني يضم مدارس وبعثات دبلوماسية، وقد سقط جراء هذا العدوان ستة شهداء، ومن ضمنهم مواطن طري يخدم فى قوة الأمن الداخلي، فيما أصيب 18 شخصا بجراح”.
وتابع: “مواطنو هذا البلد الأمن والمقيمون فيه تفاجئوا، وصُدم معهم العالم كله، ليس لأن هذا العدوان انتهاك سافر وخطير لسيادة الدولة ودوس على المواثيق والأعراف الدولية فحسب، بل بسبب الظروف الخاصة المحيطة بهذا العمل الإرهابي الجبان”.
وقال أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني،”إن قطر التي تبعد آلاف الأميال عن المكان الذى انطلقت منه الطائرات المعتدية، هي دولة وساطة، تبذل منذ عامين جهود مضنية من أجل التوصل إلى تسوية توقف الحرب القاتلة المدمرة التي تشن على الشعب الفلسطيني فى قطاع غزة، والتي تحولت منذ مدة إلى حرب إبادة”.
وأضاف: “تستضيف الدوحة خلال هذه المفاوضات وفودا من حركة حماس وإسرائيل، وقد أنجزت الوساطة فعلا بالتعاون مع الشقيقة مصر، والولايات المتحدة الأمريكية لتحرير 135 من الرهائن مقابلة هدنتين في عام 2023 و2025، وإطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، لكن إسرائيل واصلت الحرب، وواصلنا الوساطة على أمل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وإطلاق سراح جميع الرهائن وانسحاب إسرائيل من القطاع ودخول المساعدات الإنسانية وتحرير أسري فلسطينيين”.
وتابع: “عندما وقع الاعتداء الغادر يوم 9 سبتمبر الجاري، كانت القيادة السياسية لحركة حماس تدرس اقتراحا أمريكيا تسلمته من قطر ومصر، ومن الواضح أن إسرائيل التي من المفترض أن تكون الطرف المفاوض الأخر على الأقل في سياق هذه الوساطة، كانت على علم بهذا الاجتماع المنعقد في مكان معروف يزوره دبلوماسيون وصحفيون، إلا أن إسرائيل قررت اغتيال مفاوضين عاكفين على دراسة ورقة أمريكية لإعداد ردهم عليها”، متسائلا: “هل سمعتم عن دولة تعمل على نحو منهجي ومثابر على اغتيال السياسيين الذين تفاوضهم، وتعتدي على البلد الوسيط الذي تجري فيه المفاوضات؟!”.
كما تساءل أمير قطر: “إذا كانت إسرائيل تسعى إلى اغتيال القيادة السياسية لحركة حماس، فكيف ولماذا تفاوضها؟، وإذا كانت تهدف عبر التفاوض إلى إطلاق سراح الرهائن، فلماذا تغتال كل من يمكن أن يدير المفاوضات معها؟، وكيف يمكن استقبال وفود إسرائيلية في بلدنا للتفاوض بينما يخطط من أرسل هذه الوفود لقصف هذا البلد؟”.
واستطرد: “لا ننتظر إجابة على هذه الأسئلة، لكنها توضح لماذا نؤكد وبكل وضوح أن هذا العدوان هو عدوان سافر وغادر وجبان، يستحيل التعامل مع هذا القدر من الخبث والغدر.. هناك مبادئ أولية بسيطة في التعامل بين البشر، يعجز حتى من توفرت لديه الحكمة والشجاعة عن توقع أن هناك من لا يعيرها أي اهتمام ولا تعني له شيئًا”.
وشدد أمير قطر على أن الحقيقة الثانية الواضحة لكل من لديه نظر، هي أن من يعمل بشكل منهجي ومثابر على اغتيال الطرف الذي يفاوضه يقصد إفشال المفاوضات، وحين يدعي أن هدفه منها هو تحرير محتجزيه، فهذا يعني أن ادعاءه كاذب، ليس تحرير جنوده ومواطنيه من أولوياته، بل المفاوضات عنده هي جزء من الحرب، تكتيك سياسي يرافق الحرب ووسيلة لتعمية الرأي العام الإسرائيلي.
ولفت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يؤمن بما يسمى “أرض إسرائيل الكبرى”، ويستغل فرصة الحرب لتوسيع المستوطنات، وتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف، والتضييق على السكان في الضفة الغربية مع عمليات ضم لأجزاء منها، مشيرا إلى أن حكومة إسرائيل تعتقد أنها تضع العرب أمام وقائع جاهزة في كل مرة، ثم تتبعها بوقائع جديدة، فيتم نسيان الجاهزة ويتم قبول الجديد.
وقال أمير قطر “إن الحقيقة الثالثة التي بينها الاعتداء الغادر على السيادة القطرية، هي أن رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي يتباهى بأنه غيّر وجه الشرق الأوسط في العامين الأخيرين، يقصد فعليًا أن تدخل إسرائيل في أي مكان شاءت ومتى شاءت، ويحلم بأن تصبح المنطقة العربية منطقة نفوذ إسرائيلية.. وهو وهم خطير”.
وأكد أمير قطر أن حكومة المستوطنين المتطرفين تريد أن يصبح إرسال سلاح الطيران الإسرائيلي للقصف في بلدان المنطقة أمرًا معتادًا، موضحا أنه رغم قبول الحكومة اللبنانية للورقة الأمريكية، تسعي إسرائيل إلى الزج بلبنان في حرب أهلية.
وأضاف: أنه “بالنسبة لسوريا، يعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بوضوح أنه لا تفاوض على الجولان المحتل، ويتصرف وكأن المناطق الواقعة جنوب دمشق هي عمليا مناطق نفوذ لإسرائيل التي تعمل على تقسيم سوريا”، مشددا على أن هذه المخططات لن تمر.
وتابع: “إسرائيل تدعي الديمقراطية ومحاطة بالأعداء، لكنها في الواقع تبني نظام احتلال وفصل عنصري معاد لمحيطها، وتشن حرب إبادة ارتكبت خلالها جرائم تتخطى كل الخطوط الحمراء، كما أعلن رئيس حكومتها منذ أيام أنه منع قيام دولة فلسطينية، وأن دولة كهذه لن تقوم مستقبلًا، ويناصر العداء للسلطة الفلسطينية، ويعارض الاتفاقيات التي نشأت السلطة بموجبها”، متسائلا: “هل السلطة الفلسطينية معادية لإسرائيل؟.. هناك دولتان مجاورتان وقعتا اتفاقيات سلام مع إسرائيل والتزمتا بها، ودولتان أخريان ملتزمتان بمبادرة السلام العربية وتبحثان عن تسوية تسترجع بها أراضيها المحتلة”.
وأكد أمير قطر أنه لو قبلت إسرائيل مبادرة السلام العربية لوفرت على المنطقة وعلى نفسها ما لا يحصى من المآسي، لكنها لا ترفض السلام مع محيطها فقط، بل تريد فرض إرادتها، وكل من يعترض على ذلك يُوصف في دعايتها الكاذبة التي لم يعد أحد يصدقها، إما بالإرهابي أو معاد للسامية، بينما تمارس حكومتها المتطرفة سياسات إرهابية عنصرية.
وأوضح أن كل واحدة من هذه الحقائق الثلاث لا تستدعي فقط عقد قمة طارئة، بل تتطلب اتخاذ خطوات ملموسة لمواجهة حالة جنون القوة والغطرسة وهوس التعطش للدماء التي أصيبت بها حكومة إسرائيل، وما نجم وينجم عنها.
وأكد أمير قطر عزم بلاده على فعل كل ما يلزم، مشيرا إلى أن القانون الدولي يتيح لبلاده الحفاظ على سيادتها ومواجهة هذا العدوان الإسرائيلي، متمنيا، في ختام كلمته، للقمة التوفيق في اتخاذ خطوات عملية حازمة ترضي “ضمائرنا وشعوبنا”.
وقال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه، إن «الاعتداء الإسرائيلي على الدوحة انتهاك صارخ للقانون الدولي».
وأضاف أن «المجتمع الدولي عليه محاسبة إسرائيل على جرائمها».
وبحسب مسودة بيان ختامي، فقد شددت القمة على أنّ العدوان الإسرائيلي على قطر واستمرار الممارسات الإسرائيلية العدوانية يُقوض فرصَ السلام ويُهدد كلَ ما تم انجازُهُ على طريق إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، بما في ذلك الاتفاقات القائمة والمستقبلية.
ورفضت مسودةُ مشروع البيان، التهديدات الإسرائيلية المتكررة بإمكانية استهداف دولة قطر مجدداً أو أي دولة عربية أو إسلامية.
كما أكدت المسودة، أن العدوان الإسرائيلي على قطر، يستهدف بصورة مباشرة تقويضَ الجهود، والوساطات القائمة والرامية إلى وقف العدوان على قطاع غزة.
المصدر : وكالات

